تؤثر أسعار النفط في كل شيء. فهي تساعد على تحديد تكلفة الوصول الى العمل والسفر في عطلة،وتؤثر على سعر المفروشات والطعام، والبضائع الاستهلاكية. وكان ارتفاع سعر النفط علة الانكماش الاقتصادي الأولى في السابق. ويُفترض دق ناقوس الخطر بعد بلوغ أسعار النفط ثلاثة أضعاف أسعارها السابقة في 2001. وعلى رغم هذا الارتفاع، لا يزال الاقتصاد العالمي معافى . فنمو الناتج المحلي قوي، والتضخم منحسر. ولكن الى متى يستمر هذا الاستقرار؟ فالسبب الرئيس لغياب أثر ارتفاع اسعار النفط في الاقتصاد العالمي هو ان المال الرخيص عزز فورة الاستهلاك وتملك المنازل في عدد من الدول، وخصوصاً في الولاياتالمتحدة. وفي الاعوام السابقة ازدهر اقتصاد عملاقي الاقتصاد العالمي وأكبر مستهلكي النفط،أي اميركا والصين،بفضل سياسة التسهيلات النقدية. والواقع انه يمكن اعتبار ارتفاع اسعار النفط كنتيجة لانخفاض الفوائد. فأهم سعرين في الاقتصاد العالمي هما سعر النفط وسعر النقد،وهما مرتبطان. فاذا انخفضت الفوائد انخفاضاً كبيراً ارتفع الطلب على السلع وعلى سعر النفط، لا سيما اذا كانت القدرة الانتاجية على تلبية الطلب منخفضة، كما هي اليوم. لذا، فان اعتبار ارتفاع اسعار النفط كصدمة،غير دقيق. ولكن السوق تستجيب زيادة الطلب على النفط على أساس اقتصاد عالمي قوي. وجاء ارتفاع اجمالي الناتج القومي العالمي واستهلاك النفط عالمياً في السنة الماضية،الاعلى منذ ثلاثين عاماً. ويمكن القول ان ارتفاع سعر النفط يمنع ارتفاع اسعار الفائدة. وعليه فهو أمر ايجابي، لانه يحرك العجلة الاقتصادية. وقد يكون الرد على ارتفاع سعر النفط والحؤول دونه، هو وضع قيود على القروض المالية، ولكن ذلك قد يؤدي الى تقليص طلب القروض السكنية والاستهلاك بالتقسيط،مما يعيد الاقتصاد الى مرحلة الانحسار. ولكن في الوقت نفسه لارتفاع سعر النفط آثار سلبية على الاقتصاد البطيء،كالاقتصاد الاوروبي. فزيادة الطلب في اميركا والصين ترفع الاسعار في اسواق ما كانت لترتفع فيها الاسعار الى هذا الحد. لا بل ان الامر اخطر من ذلك،فهذه الاقتصاديات التي تبذل جهداً للمحافظة على توازن معين في هذه الحالة تصبح هشة ومعرضة للانهيار عند اول تغيير في الطلب. ويبدو من السهل الاشارة الى طلب الصين المتزايد وهو بالمناسبة انفخض هذا العام لكن يبقى المستهلك الاكبر هو أميركا. فهي وحدها تستهلك ربع الانتاج العالمي. وعندما بلغ سعر صفيحة البنزين في بعض المدن الاميركية ثلاثة دولارات،ثارت ثائرة المستهلكين. ولكن حتى في هذه الحالة يبقى السعر بخساً مقارنة بسعر الصفيحة في بريطانيا أو المانيا حيث يبلغ 6 دولارات. اميركا والصين مدمنتان على النفط وما لم تفكرا سريعاً في حل لمشكلتهما سيطول الصداع. جورج بوش تلقى في ما مضى درساً في ادمان الكحول،آن له ان يعالج اميركا اليوم من ادمانها على النفط. عن ذي ايكونوميست البريطانية، 27/8/2005.