الوقت: الساعة الثالثة صباح الخميس الماضي. قناة"روتانا"تعرض حلقة - كانت عرضت قبل أكثر من شهرين - من برنامج"حول الخليج". الحلقة التي استضافت فيها"مذيعة"البرنامج السعودية"مطربة"سعودية، هي إعادة لحلقة أثارت ضجة من قبل، وكان من تبعاتها أن استضاف طوني خليفة في برنامجه"لمن يجرؤ فقط"،"مطربة"كويتية ترد على ما أثير في حلقة"حول الخليج"وما قالته عنها"المطربة"و"المذيعة"السعوديتان. وبعيداً من تصنع ربما بدا واضحاً في طريقة كلام المذيعة والمطربة. وبعيداً أيضاً من ثقافتهما ومدى أهمية ما طرحته الحلقة، كان اللافت في وقت عرض الحلقة - المعاد عرضها - الرسائل النصية في أسفل الشاشة، إذ تقدم قناة"روتانا"خدمة بث هذه الرسائل. فعلى رغم أن الحلقة عرضت قبل أكثر من شهرين، فإن مشاهدين أصروا على التعليق، وكأن الحلقة تعرض للتو. ظهرت رسائل تحمل التبرؤ من"المطربة"، وتحديداً تقول إن أهل المنطقة التي تنتمي إليها"المطربة"تتبرأ منها. بالطبع لا يمكن التأكد إن كان صاحب الرسالة من المنطقة ذاتها ولا حتى إن كان سعودياً في الأصل. رسالة أخرى تحمل مضموناً على النقيض تماماً:"قبيلة بني ... تفخر بهذا اللقاء". القبيلة تنتمي إلى المنطقة ذاتها التي ذكرت في الرسالة الأخرى. الرسائل الأخرى الكثيرة التي كتبت ويمكن نشرها على القنوات الفضائية ولكن تحول الرقابة دون نشرها هنا، كانت بمثابة استفتاء - هل تستغل خدمة الرسائل في الاستفتاء لاحقاً؟ من تتبع تلك الرسائل يستطيع أن يستخلص رد السعوديين على وجود"مطربة"سعودية. الأمر لا يتعلق بأفراد عائلتها الكبيرة والمعروفة فقط. الأمر هنا يمتد ليطاول كل السعوديين. هناك مع وهناك ضد وهناك من لا يشغل باله أصلاً، لا بإرسال الرسائل ولا بإبداء الرأي في مواضيع مثل هذه، حتى لو كان يشاهد البرنامج. آخرون لا يدخلون ضمن الاستفتاء طبعاً لأنهم لا يشاهدون الفضائيات في الأصل ولا يمكن التقليل من هذه النسبة أبداً. صحيح أن خصوصية المجتمع السعودي تفرض نمطاً أو فكراً معيناً على بعض أفراد هذا المجتمع، وربما لو كان كاتب رسالة الافتخار بپ"المطربة"، نفسه، في مقابلة أو في تقرير وجهاً لوجه مع الشاشة، لما تفوه بمثل ما كتب. لكن إقبال السعوديين على الرسائل النصية، يبدو وجهاً من التعبير عن الرأي، من دون رقيب ولا حسيب. وربما لم يعد المشاهد السعودي في حاجة إلى من يتكلم عنه، أو عما يريد ويقبل به، في ظل خدمات الرسائل النصية، وغيرها من الخدمات الجديدة التي ستسمح للعامة بإبداء آرائهم على الفضائيات، خصوصاً مع دخول قناة"الناس"واقتراب الموعد الذي يستطيع فيه كل مشاهد أن يقول ما يريد متى شاء على التلفزيون. كل ما عليه أن يصور نفسه يتحدث ويرسل الشريط إلى قناة"الناس"،"فتعرضه على الفور"، كما يظهر في إعلانات القناة التي ما برحت في بثها التجريبي.