العلاقات الجزائرية - الإسبانية ليست مجرد عمليات تجارية فحسب، تتعلق فقط ببيع الغاز، بل إنها تتعدى ذلك إلى مجموعة من المصالح السياسية والاجتماعية والثقافية، إضافة إلى التبادل التجاري والتكافؤ والتكامل الاقتصاديين. وزير خارجية إسبانيا ميغيل انخل موراتينوس قال، بعد سادس زيارة له للجزائر خلال سنة، ان"البلدين يشاركان في حوار وعلاقات سياسية لم تبلغ قط مستواها الحالي، ولهما نظرة واحدة لمشكلات المنطقة". وأضاف: ان الجزائر تتعاون في شكل فعال في مجال مكافحة الإرهاب والهجرة السرية، وفي إيجاد حل لمشكلة الصحراء الغربية، يرضي جميع الفرقاء ويقضي على التشنج القائم". ولفت إلى ان الجزائر هي بالنسبة الى إسبانيا بلد صديق وجار شريك، وممونها الرئيسي بالغاز، وسوق مهمة لاستهلاك بضائعها. وقد ساهمت أخيراً في حل المشكلة المالية التي تعانيها شركة بناء السفن الإسبانية"ايثار"بشرائها طلبية منها. ان أهمية الغاز تكمن من دون شك في انتاج الطاقة التي تزداد حاجة إسبانيا إليها في شكل متصاعد سنة بعد سنة، ونظراً لارتفاع أسعار النفط التي تضاعفت عائدات الجزائر منها"ربما سيصل نموها عام 2005 إلى 8 في المئة، فيما ارتفعت نسبة الإنتاج المحلي عام 2004 نحو 6 في المئة. وبدأت الشركات الإسبانية بالتوافد بكثرة إلى هذا البلد في الآونة الأخيرة، على رغم المنافسة التي تواجهها من الشركات الفرنسية المتواجدة في الجزائر منذ سنوات. وباتت إسبانيا تحظى بمركز مميز في السوق الجزائرية. إذ أن 80 في المئة من الغاز الذي تستهلكه جزائري، ما يجعل الميزان التجاري غير متوازن. لكن ضرورة التفاهم على المصالح السياسية والاجتماعية تعوض هذا الأمر، واللقاءات المتكررة بين مسؤولي البلدين تؤكد ذلك. وأصبحت شركة"ثيبسا"الإسبانية، تشكل جزءاً من قطاع الطاقة الجزائري، نظراً لحجم أعمالها في شمالي أفريقيا، وشراكتها مع شركة سوناطراك، وبدأت تنفيذ مشروع"ميدغاز"، آخر المشاريع التي حصلت عليها بمشاركة سوناطراك، وانديسا وايبردرولا الإسبانيتين، وپ"بي بي"البريطانية وغاز دو فرانس وتوتال الفرنسيتين، لمد أنبوب غاز يربط حاسي الرمال في بني سيف في الجزائر، بمدينة الميريا الإسبانية 200 كيلومتر منه تحت البحر وبعمق 2150 متراً، يدشن عام 2008، ويضمن تموين إسبانيا بالغاز التي تزيد نسبة استهلاكها لهذه الطاقة بمعدل 17 في المئة سنوياً. وقرر مجلس وزراء إسبانيا أخيراً منحه صفة"الأولوية". ويستهدف المشروع إيصال الغاز إلى أوروبا ووصله بالغاز الروسي. كذلك فإن شركتي"ريبسول اي ب اف"و"غاز ناتورال"، اللتين تمكنتا منذ ثمانية أشهر من الحصول من سوناطراك على أول مشروع مشترك لهما في الجزائر، ولمدة 30 سنة باستثمارهما نحو 1628 مليون يورو 70 في المئة منها تنفق قبل عام 2009، في التنقيب عن الغاز الطبيعي في منطقة"غاسي طويل"شرق البلاد واستخراجه وتسويقه. كذلك زاد حجم التبادل التجاري بين البلدين عن ثلاثة بلايين دولار عام 2004. وقد اشترت شركة"فيرتيبيريا"الإسبانية"اسميدال"الحكومية الجزائرية، وهي اكبر شركة لتصنيع الأسمدة الكيماوية. وتعمل فيرتيبيريا منذ سنوات في تخصيب الصحراء وتحويل مساحات منها إلى مناطق خضراء.