يحتل الغاز الجزائري هذه الأيام صدارة الأنباء الاقتصادية الأوروبية. وتتحدث وسائل الإعلام، من كندا الى إسبانيا مروراً بالعاصمة الأوروبية بروكسيل، عن هذه الطاقة التي تعتبر الجزائر من كبار المنتجين لها في العالم. فمن ناحية، قررت شركة"فيرست كالغاري بتروليوم"الكندية، إنهاء مفاوضاتها القائمة في شأن استثمار حقول غاز جزائرية مع شركة ريبسول YPE الإسبانية، بعد أن ارتأت ان مصلحة مساهميها تقتضي القيام بهذا الاستثمار في شكل منفرد. وأكدت مصادرها، انه سيصبح في إمكانها مضاعفة أعمالها في الجزائر خلال الأشهر الپ18 المقبلة. كما أشارت الى أنها تنوي الانخراط في قطاع النمو التجاري لحقل MLE الواقع في التجمع الرقم 405 ب، إضافة الى نشاطها في قطاع التنقيب والاستخراج. وتتمتع شركة "فيرست كالغاري" بحقوق استكشاف وتقويم حقلي بلوك 405 ب وبلوك 4076 أ، لمدة خمس سنوات تحظى بعدها بمشاركة شركة سوناطراك الجزائرية الحكومية، بحق استثمار الغاز الذي تكتشفه فيهما. ففي الحقل الأول، ما زالت في السنة الأولى من المرحلة الثانية من الاستكشاف مدتها القصوى سنتان، وعليها أن تبدأ التنقيب قبل آخر السنة المقبلة، لئلا تخسر حقها في الاستثمار، وتجد نفسها مجبرة على دفع تعويض لسوناطراك قيمته 6.25 مليون دولار لاستثمارات سابقة. أما بالنسبة الى الحقل الثاني، فإنها تتعاطى مع موضوعه ضمن اتفاق مبرم مع سوناطراك يمنحها 49 في المئة من الانتاج. ولتنفيذ قرارها والعمل بحرية واستقلالية، قررت الشركة الكندية إصدار 3.12 مليون سهم للحصول على حوالى 80 مليون دولار. ومن جهة ثانية، فقد حازت شركة البناء الاسبانية ACS التي يملكها رئيس نادي ريال مدريد لكرة القدم تنفيذ مشروع إنشاء الجزء الأول من أنبوب نقل الغاز الذي سيربط اسبانيابالجزائر عبر البحر المتوسط بكلفة قيمتها 74 مليون يورو. ويبلغ طول الأنبوب 300 كيلومتر، بقطر يبلغ 1.22 متر، من حقول"حاسي رمل"الجزائرية حتى محلة"سوغور". وستقوم شركة"ماسا"المتفرعة عن ACS وشريكتها الجزائرية"كوسيدير"بتنفيذه في مهلة أقصاها 22 شهراً. أما الجزء الثاني، فسيمتد حتى محلة"بني ساف"الساحلية ليعبر المتوسط بنحو 200 كيلومتر، ناقلاً الغاز حتى مدينة"الميريا"الجنوبية الإسبانية. أما القسم الأخير فستنفذه شركة ميدغاز التي أسستها"سيبثا"الاسبانية بمشاركة سوناطراك بنسبة 20 في المئة لكل منها الى جانب"بي بي"بريطانيا وأنديسا وايبيردرولا إسبانيا وغاز فرنسا وتوتال فرنسا، بنسبة 12 في المئة لكل منها، وبكلفة تبلغ 630 مليون يورو، على ان يمتد في ما بعد الى دول اوروبية أخرى. وسيبدأ العمل بهذا المشروع، الذي سيصل الى عمق 2150 متراً تحت سطح البحر، خلال شهر تموز يوليو من العام المقبل، وينتهي العمل به قبل نهاية عام 2009، لينقل حوالى 8 بليون متر مكعب من الغاز سنوياً. لكن جهاز المنافسة التابع للاتحاد الأوروبي، والذي ستستفيد دوله من هذا المشروع، قرر تركيز جهوده على فتح تحقيق حول استيراد الغاز من الجزائر الى اسبانيا وايطاليا فور الانتهاء من التحقيقات الجارية في شأن الغاز الروسي. ومنذ أيام قليلة، أقفل هذا الجهاز آخر الملفات المتعلقة بالغاز الروسي، وأكد الناطق باسمه جوناثان تود، قرب البدء بالتحقيق حول الغاز الجزائري المسال الذي ينقل بالبواخر، والغاز الطبيعي، لإيضاح التساؤلات الجارية حول شرعية إعادة بيعه لدول ثالثة، أو عدم تطابقها مع قانون ممارسة المنافسة ومع سياسة تحرير السوق.