لم يكن مشاهدو"تلفزيون لبنان"يتوقعون أن يلفتهم فيه برنامج بعدما اصطبغ زمناً طويلاً بصبغة"استقبل"وپ"ودع". فالمحطة التي ظن كثر أنها استقالت من دور إعلامي كانت رائدته في العالم العربي بصفتها من المحطات التلفزيونية الأولى في المنطقة، تقدم حالياً برنامج"الخط الساخن"الذي يتسم بصفة الصحافة"الحقيقية"القادرة على التغيير وعلى نقل معاناة المشاهدين من داخل لبنان ومن خارجه، وتقديم حلول وأجوبة"شافية"فعلاً لما يعانونه. ليس غريباً أن يجذب برنامج تلفزيوني تقوم فكرته على تلقي مقدمه نقولا حنا شكاوى المواطنين مباشرة على الهواء وتدوينها، مع وعد بالرد في الحلقة التالية، بل"الغريب"، في المعنى الايجابي طبعاً، أن يجد مشاهدون كثر مجدداً في تلفزيون لبنان برنامجاً يستقطبهم، وسط البرامج والمسلسلات القديمة التي راح يعرضها مراراً وتكراراً لتملأ الهواء وأوقات فراغ بعض الجمهور الذي قرر أن يستعيد ذكريات مضت. وسبب ذلك ليس"تقاعس"المحطة، بل عدم وجود رغبة لدى السلطة في أن تكون"محطة منافسة"بعد العملية"الجراحية"التي خضعت لها قبل سنوات بغية وقف النزف المالي الذي كانت تتسبب به لخرينة الدولة. ومعروف أن التلفزيون كان يكلف نحو 12 مليون دولار في السنة ولا مداخيل كبيرة له بعدما شاطرته المحطات الأخرى الكعكة الاعلانية والفضاء واستقطبت معظم خريجيه، وزجت"السياسات"فيه آلاف المحاسيب والموالاين، حتى اتخذت الدولة قراراً"كبيراً"فوضعت حداً لذلك بملايين الدولارات أيضاً، وأبقت عدداً قليلاً من الموظفين يعدون نشرة أخبار الدولة ويذيعونها. وعلى رغم الملاحظات والحملات التي أطلقت حينها، وكانت تشبه الحملة التي أطلقت على عملية تطهير"طيران الشرق الأوسط""ميدل ايست"، فإن التلفزيون لم يعد يكلف الدولة كثيراً لكنه في الوقت نفسه لم يستعد قدرته على جني المال، كما غدت عليه حال الميدل ايست التي باتت تربح وتقتني أسطولاً حديثاً، مما دفع برئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى وصفها بپ"أفضل نموذج للنجاح". ولكن هناك أمل بأن يستعيد التلفزيون بعضاً من"القه"وجمهوره معاً ولو عبر"الخط الساخن". فهل يكون ذلك مدخلاً إلى أن يأتي يوم يوصف فيه التلفزيون بپ"نموذج للنجاح"ويسحب الأمر على قطاعات كثيرة ؟