أين حقق المستثمرون أرباحاً في الأشهر الستة الأولى من 2005؟ رأت المؤسسات الأكثر شهرة في رصد صناعة الثروة الشخصية مثل ثنائي"ميريل لينش وكاب جيميني"، ومجلة"فوربس"، ان أسواق المال استعادت دورها كمصدر أساسي لتحقيق الأرباح في العام الماضي، ولم تفقده في النصف الأول من العام الجاري. والمقصود هنا ليس البورصات الأميركية والأوروبية والآسيوية فحسب، بل أسواق المال العربية، التي أعطت نتائج مذهلة بكل المقاييس، خصوصاً مقياس العملات المحلية. ولم تقف أي من مؤسسات صناعة الثروة عند أسواق المال، إذ لم تختلف في ما بينها كثيراً. على أن الأرباح التي حققها المستثمرون في ألاشهر ال 18 الأخيرة، تدين بالفضل لمجموعة من العوامل المتعاضدة التي بدأت بالنمو الاقتصادي، وتحديداً تحرر الاقتصاد العالمي من تبعات الركود، والآثار المدمرة لانفجار"فقاعة التكنولوجيا"، ثم انخفاض أسعار صرف الدولار، وتحليق أسعار السلع الأساسية والعقار، اضافة الى الدور التقليدي لمشاريع الأعمال. لكن أسواق المال بقيت في المقدمة، في رأي نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة ميريل لينش"جيمس غورمان"، الذي وجد بأن"الدافعين الأساسيين لتوليد الثروة الشخصية: النمو الاقتصادي والقيمة السوقية، عملا متعاضدين لتحقيق أقوى نسبة نمو في الثروة الصافية منذ أكثر من ثلاثة أعوام". وتابع غورمان ليعلن في تقرير الثروة الشخصية العالمية لسنة 2005 الشهر الماضي، بأن عدد أصحاب الملايين ارتفع إلى 8.3 مليون شخص في 2004، وقفزت ثرواتهم إلى 30.8 تريليون دولار، مسجلة زيادة نسبتها 8.2 في المئة، بالمقارنة مع 2003. ولم تكشف ميريل لينش أو شريكتها كاب جيميني الخطوات التفصيلية التي اتبعتها لتحديد الثروة الشخصية العالمية، التي يبدو، مع ذلك، بأنها محصلة سلسلة من التقديرات المرتبطة بحركة مجموعة مؤشرات مالية واستثمارية، أهمها مؤشرات أسواق المال وأسعار العقار. وليست سوى صدفة محضة أن الثروة الشخصية العالمية المقدرة في تقرير 2005، تساوي تقريباً القيمة السوقية الإجمالية للأسهم المتداولة نحو تسعة آلاف شركة في الغالبية العظمى من أسواق المال المنتشرة في القارات الخمس. وبالنسبة لمجلة فوربس، تضامنت أسواق المال ومشاريع الأعمال، علاوة على انخفاض أسعار صرف الدولار، وارتفاع أسعار السلع والعقار، لتزيد عدد أصحاب البلايين، في تقرير"بليونيرات العالم لسنة 2005"إلى 691 بليونيرا، يراوح متوسط ثرواتهم بين 2.9 و3.2 بليون دولار، ولترتفع القيمة الإجمالية لثرواتهم بنحو 16 في المئة، وتصل إلى 2.2 تريليون دولار. وبين 2003 و2004 اتسعت عضوية نادي أصحاب البلايين، بانضمام 104 من الأعضاء الجدد، وبزيادة نسبتها 17.7 في المئة. وتوزعت جنسيات أصحاب البلايين على 47 بلداً، إلا أن الولاياتالمتحدة انفردت بنحو النصف، 341 بليونيراً، وتلتها روسيا 27 وبريطانيا 24 واليابان 23 ثم وبأرقام تراوح بين 18 و11 بليونيراً، ألمانياوكندا وهونغ كونغ وفرنسا، وأخيراً الهند، بينما بلغ عدد أصحاب البلايين في أربع دول عربية هي: السعودية والكويت والإمارات ومصر 12 بليونيراً تقدر ثرواتهم بنحو 62 بليون دولار. وأشارت فوربس، إلى أن انخفاض أسعار صرف الدولار، رفع حجم الثروات الشخصية في منطقة اليورو بنحو 20 في المئة، وفي كندا بنحو 25 في المئة، واستراليا بنحو 30 في المئة، ولفتت أيضاً إلى أن أسعار السلع ساهمت في تعزيز ثروات عدد لم تحدده من البليونيرات، في مناطق مختلفة من العالم، وأن من بين 69 أميركياً، انضموا إلى نادي أصحاب البلايين في تقرير سنة 2005، حقق 16 بليونيراً ثرواتهم في مجال العقار، وتشكلت ثروات 12 بليونيراً في مشاريع صناعة الغذاء والمشروبات. إلا أن أسواق المال لعبت دورها بكفاءة عالية، حيث ارتفعت مؤشراتها بين بداية 2002 ونهاية 2004 بنحو 220 في المئة في السعودية، و100 في المئة في المكسيك، و89 في المئة في البرازيل. أما في أميركا فبلغت نسبة ارتفاع المؤشر العام لحي المال"ستاندرد آند بورز"بين نهاية كانون الثاني يناير 2003 ونهاية 2004 نحو 38 في المئة، ومؤشر أسهم التكنولوجيا"ناسداك"56 في المئة، ما أسهم في انضمام 27 بليونيراً إلى اللائحة الجديدة لأصحاب البلايين أبرزهم، مؤسسا محرك البحث غوغل"لاري بيج"و"سيرجي بران"، وكل منهما امتلك 7.2 بليون دولار، عندما قفزت القيمة السوقية لأسهم الشركة من 27.2 بليون دولار، مع بدء التداول في 19 آب أغسطس 2004، إلى 49 بليون دولار بحلول نهاية العام. ماذا عن النصف الأول من 2005؟ من المؤكد أن أسواق المال الأميركية احتفظت بلمستها السحرية، إذ تجاوزت القيمة السوقية لشركة غوغل 80 بليون دولار، مضيفة أكثر من خمسة بلايين إلى ثروة كل من المؤسسين الشابين. وفي صناعة الطاقة، التي اجتذبت الجزء الأكبر من الاستثمارات السهمية الخليجية في منتصف 2004، والتي قدرتها وزارة الخزانة الأميركية بنحو 69 بليون دولار، ارتفع مؤشر هذا القطاع المهم بنسبة 18.9 في المئة، أي ما يعادل زهاء 150 بليون دولار من أرباح القيمة السوقية. كما تحققت أرباح ضخمة، نسبتها 13.2 في المئة في مجال مرتبط بقطاع الطاقة، هو أسهم شركات الغاز الطبيعي والكهرباء، وكذلك في قطاع خدمات الاتصالات 3 في المئة. إلا أن مؤشر ستاندرد آند بورز، الذي يشكل بمفرده 33 في المئة من القيمة السوقية الإجمالية لأسواق المال العالمية، خرج من النصف الأول من 2005 خالي الوفاض، منخفضاً بنحو 2 في المئة عما كان عليه في مطلع العام، وان كانت المحصلة النهائية لمجمل أسواق المال الأميركية تمثلت في تحقيق أرباح نسبتها 0.16 في المئة 24 بليون دولار. وكشفت مؤسسة ستاندرد آند بورز في تقريرها نصف السنوي، الذي نشرته الأسبوع الماضي، بأن القاسم المشترك لأسواق المال العالمية في الأشهر الستة الأولى من 2005، تميز باجتماع الفرص الاستثمارية الضخمة، مع الأداء الهزيل للمؤشرات الرئيسة، أي بورصات الدول الصناعية التي تنفرد بأكثر من 95 في المئة من القيمة السوقية العالمية. لكن المتوسط العام لأرباحها لم يتجاوز 0.34 في المئة مقوماً بالدولار، و 4.29 في المئة مقوماً بالعملات المحلية. وبالمقارنة بلغت أرباح البورصات الناشئة 5.35 في المئة بالدولار، و7.16 في المئة بالعملات المحلية.