ساد الهدوء المصحوب بالتوتر والقلق العاصمة اليمنية صنعاء والمدن التي شهدت احداث عنف وشغب احتجاجاً على قرار الحكومة رفع اسعار المشتقات النفطية نسبة تزيد على 100٪ فيما اعلنت وزارة الداخلية اليمنية ان حصيلة احداث العنف وصلت إلى 22 قتيلاً واصابة 375 آخرين بينهم 255 من قوات الأمن والجيش لكن شهود عيان ومصادر في المعارضة كانت تحدثت عن نحو 50 قتيلاً في صفوف المتظاهرين وقوات الأمن والجيش. وفيما لم تعلن وزارة الداخلية عن عدد المعتقلين قالت ان بعض المواطنين تعاونوا مع الأجهزة الأمنية في الابلاغ عن العناصر التي مارست عمليات التخريب والنهب وأثنت على مبادرة بعض المواطنين في مقاومة وضبط بعض تلك العناصر والذين تم ضبط عدد منهم متلبسين بالبضائع والاثاث التي تم نهبها من بعض المحلات التجارية والشركات والبنوك، ومباشرة التحقيق معهم تمهيدا لإحالتهم إلى القضاء بتهمة الاستيلاء على ممتلكات الغير بالقوة والسرقة والإكراه والشروع بالقتل . وأكدت الوزارة أن الأجهزة الأمنية والوحدات المساندة لها من القوات المسلحة قد حرصت على ضبط النفس والتعامل بحكمة وعقلانية مع تلك الاحداث رغم تعرض رجال الأمن وزملائهم من القوات المسلحة للاعتداء وإطلاق النار.. مشيرة إلى تلقي الأجهزة الأمنية والوحدات المساندة لها من القوات المسلحة توجيهات صارمة من القيادة السياسية والحكومة بعدم اللجوء إلى استخدام القوة والتعامل بحكمة ومسؤولية الأمر الذي جنب سقوط مزيد من الضحايا في ظل العنف الذي مارسته تلك العناصر المندسة والخارجة عن القانون. هذا وساد شوارع المدن اليمنية يوم امس السبت جو من الهدوء الحذر حيث عادت الحياة إلى طبيعتها بنسبة 70٪ وفيما فتحت بعض المحلات التجارية ابوابها كانت محلات اخرى موصدة في ظل انتشار مكثف لقوات الأمن والجيش وانتشار الدبابات والمصفحات والسيارات العسكرية عند مفترق الطرق وبالقرب من المؤسسات والمنشآت الحيوية والقصر الرئاسي ومنزل نائب رئيس الجمهورية. هذا في وقت تم فيه سحب الدبابات التي كان دفع بها إلى القرب من المساجد قبل صلاة الجمعة .. وتشهد اسعار السلع والمواد الغذائية وغيرها ارتفاعا كبيرا بما فيها مادة الغاز حيث ارتفع سعر الاسطوانة إلى 1500 ريال فيما سعرها المحدد من قبل الحكومة يصل إلى 400 ريال فقط. وبررت شركة الغاز ذلك بالقول ان احداث الشغب حالت دون فتح محلات بيع الغاز مؤكدة انها زودت العاصمة صنعاء بالكميات التي تحتاجها وانها ستقوم بالاشراف على بيعها للمواطنين بالسعر المحدد. لكن مصادر اخرى عزت ازمة ارتفاع اسعار الغاز إلى استمرار القبائل في منطقة صافر بمحافظة مأرب من احتجاز القاطرات التي تنقل الغاز إلى العاصمة وغيرها من المدن. هذا في الوقت الذي انتشرت وحدات من الجيش والامن في محطات الباصات لمراقبة تنفيذ اسعار المواصلات والتقيد بالزيادة المحددة من قبل وزارة النقل. من جانب آخر ناشدت منظمة العفو الدولية الحكومة اليمنية التقيد التام بالمعايير الدولية في تنفيذ القانون واستخدام القوة وفتح تحقيق فوري وشامل وغير متحيز في احداث العنف والقتل على خلفية الاحتجاجات على قرار رفع اسعار النفط. وعبرت المنظمة في بيان لها عن قلقها «بشأن التقارير التي تفيد أن عشرات الأشخاص قتلوا خلال الاحتجاجات العنيفة في اليومين السابقين . وقيل إن محتجين وبينهم أطفال اعتقلوا وربما يواجهون خطرالتعذيب». وطلبت المنظمة الدولية من الحكومة اليمنية: «أن توجه كل أفراد قوات الأمن إلى الالتزام بالمعايير الدولية في استخدام القوة، وخصوصا مبادئ الأممالمتحدة الأساسية في استخدام القوة والأسلحة النارية من قبل مسؤولي تنفيذ القانون، وقانون الأممالمتحدة لسلوك مسؤولي تنفيذ القانون . ويجب توجيه مسؤولي تنفيذ القانون باللجوء لاستخدام الأسلحة النارية كخيار أخير في الدفاع عن النفس أو الدفاع عن الآخرين ضد تهديد وشيك بالموت أو جراح خطيرة، وذلك عندما تكون الوسائل الأخف غير كافية». واضافت: «يجب فتح تحقيق فوري وشامل وغير متحيز مع كل حالات القتل والشكاوى من الاستخدام المفرط للقوة من قبل المسؤولين. ينبغي محاكمة كل المشتبهين بإلقاء الأوامر أو ارتكاب انتهاكات ضد حقوق الإنسان محاكمة عادلة تتحقق فيها المعايير الدولية . ويجب أن تتأكد الحكومة من حماية أولئك المعتقلين من التعذيب وسوء المعاملة. ويجب السماح لأي شخص مشتبه بارتكاب جريمة معروفة دوليا بالحصول على محامين وقاض ويحاكم محاكمة عادلة وفق المعايير الدولية وينبغي إطلاق جميع المعتقلين الآخرين». إلى ذلك دان المؤتمر الشعبي العام الحاكم في اليمن بقوة قرار أحزاب اللقاء المعارضة المشترك تعليق حوارها مع المؤتمر الحاكم على خلفية الاحداث الاخيرة وقرار الحكومة رفع اسعار النفط وقال بيان صادر عن الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي العام ان هذا «جزء لا يتجزأ من السلوك غير الصادق في التعامل الجاد مع القضايا الوطنية» واضاف «إن ذلك الموقف المجمد للحوار لا ينم إلا عن عجز صارخ لهذه الأحزاب والتنظيمات في مواجهة الحقيقة كما ينبغي أن تواجه به في ظروفنا الراهنة». وقال البيان شديد اللهجة :«كعادتها طالعتنا أحزاب اللقاء المشترك بفصل جديد من فصولها الهزلية ضمن سيناريو الاستثمار الرخيص لتلك الأحداث المأساوية التخريبية المؤسفة التي أقدمت عليها عناصر النهب والشغب ممن دفعت بهم القوى المستفيدة من الفساد الذي تحققه في ظل استمرار الدعم للمشتقات النفطية وما يوفره لها من أبواب الارتزاق والتهريب وهي بذلك تؤكد تورطها في التحريض والتآمر على الشعب والوطن من خلال تصعيد أساليبها القائمة على صب الزيت على النار والاصطياد في المياه العكرة ظناً منها أنه باستطاعتها التأثير وإعاقة إجراءات الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري التي تتخذها حكومة المؤتمر الشعبي العام من أجل إنقاذ الاقتصاد الوطني من أي تدهور محتمل والانطلاق بالوطن والمواطن صوب آفاق جديدة من التنمية الشاملة وتحسين الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية والثقافية وضمان حياة كريمة لجميع أفراد المجتمع.» وكان تكتل المعارضة الذي يضم الاصلاح والاشتراكي والناصري واحزاب اخرى اعلن تعليق الحوار الذي بدأه مع الحزب الحاكم حتى يعاد النظر فيما اسمته (جملة الإجراءات الظالمة والجائرة التي أقدمت عليها حكومة المؤتمر الشعبي العام)، والبدء بعملية إصلاح شامل للأوضاع بعد قرار الحكومة رفع اسعار المشتقات النفطية ومارافقها من اعمال عنف وشغب طالت معظم المدن اليمنية.