أنجز بريطانيان، بواسطة هواتف نقّالة خلوية و"ويبلوغ"على الإنترنت، هما ألفي دينن وآدم ستايسي، ما لم يستطع مصوّرو الصحافة ومحطات التلفزة انجازه في اللحظات الأولى بعد الهجمات الارهابية على مترو لندن وحافلة النقل، ومن مسرح الهجمات نفسه. وما لبثت شبكات التلفزة الكبرى أن"استلحقت"نفسها. وبدأت خدمة الأخبار اللندنية"أي تي في نيوز"بعرض أرقام طلبت أن يرسل إليها المشاهدون نصوصاً أو صوراً عبر هواتفهم. ثم شرعت هي وشبكات أخرى ببث صور ولقطات كانت تصلهم من المشاهدين. وهكذا، لم تعد كاميرات الهواتف لمجرد التسلية. وأصبحت أحدث الأدوات لتوسيع تغطية الأخبار العاجلة، ووفّرت آلاف العدسات الإضافية المساعدة لتغطية الحوادث الفظيعة التي تعذّر على الفرق الإعلامية التقليدية الوصول إليها فوراً. فقبل تفجيرات لندن، أسهمت كاميرات الهواتف النقالة في تغطية حوادث عالمية، مثل كارثة تسونامي. إلاّ أن استخدامها، أخيراً، كان له وقع ذو دلالة بالغة، على ما قال جون بالفري، المدير التنفيذي لمركز بركمن للإنترنت ومجتمعها في كلية حقوق هارفرد. قال بالفري:"... إنه مثال جيد عن اتخاذ القرار التحريري الصائب في توزيع العمل الصحافي على ناس عاديين صادف وجودهم في موقع الحادثة والإبلاغ عن وصفهم لها وصفاً حقيقياً". وصحافة المواطنين، التي يسهم فيها القراء أو المشاهدون، تتسع ويتعاظم دورها في الأوساط الاعلامية. وهناك مواقع"ويب"كثيرة تعوّل على القراء في معظم مادتها. وأخذت الشبكات الأميركية، بدورها، تستفيد من صور الهواتف الخلوية... وتلك الصور واللقطات المتقطّعة والمغبّشة التي صُور بعضها بعد مرور ثوانٍ على أحد الانفجارات في عربة مترو، تصف حقيقة يعصى بلوغها على المحترفين من مصورين فوتوغرافيين وتلفزيونيين. وتقول فيكي تايلور، مسؤولة موقع"بي بي سي"على الإنترنت:"كانت الاعتداءات الأخيرة منعطفاً في ما نسميه المحتوى الذي يديره المستعملون، لأنها صور تخبرنا بما حصل حقيقة". وأما الصدمة التي تنتج عن اللقطات الخام فتعود، بصرف النظر عن محتواها، إلى ان الصحافة المرئية والمكتوبة تقدم في أكثر الأحيان صوراً مولّفة سبق إخراجها وتوليفها، أخليت منها الانفعالات والعواطف. والفيلم الذي يعدّه هاوٍ، وتلهم نوعيته وجماليته الركيكتان بعض صانعي الأفلام، يمنح المشاهدين مشاهد لم تكن رؤيتها ممكنة إلا كتابة أو مشافهة. وهكذا، تكشف اللغز الذي يحيط كل حدث وموقف. وحيال هذا الدفق الكبير من الوثائق المصورة والمكتوبة من كل أنحاء العالم، تتعاظم مسؤولية الإعلام. وينبغي على وسائله مقاومة الرغبة في عرض كل شيء بحجة التبليغ، وينبغي تجنب الوقوع في منافسة مع المعلومات على الإنترنت. وعليها كذلك اتخاذ الاحتياطات من المصادر ومراقبة صحة الصور المرسلة عبر الهاتف. عن جو لايت، ذي بوسطن غلوب الأميركية، 8/7/2005، وغييوم فريسار وميشال غيران، لوموند الفرنسية، 16/7/2005