لم يعد الهاتف الخلوي في الوقت الراهن مجرد وسيلة للاتصال فقط، كما كان في بداية ظهوره. وباتت قدراته تشمل التصوير والترفيه ونقل العروض والحفلات والعلاقات غير المشروعة والصور والتراسل بالفيديو واستقبال البريد الالكتروني. وبإختصار، صار في امكانك مشاركة الآخرين عالمهم باستمرار، وفي شكل لم يسبق له مثيل، من خلال الحديث والكلمات المكتوبة والصور على انواعها. وتتمتع الهواتف الجديدة بمواصفات قوية. زُوِّد الكثير منها بشاشات عرض ملونة وكاميرا فيديو مدمجة يمكنها التقاط الصور وتسجيل الصوت. ويمكن تشغيل الكاميرا المدمجة في سهولة، أي بمجرد فتح غطاء العدسة. وبالسهولة نفسها، يمكن ارسال صور الخلوي وكليباته الى هاتف محمول أو أي بريد الكتروني في رسالة متعددة الوسائط، اي MMS. ويمكن ايضاً تأليف الافلام الشخصية من طريق تجميع مقاطع صغيرة للفيديو تحت القائمة نفسها وترتيبها، ومن ثم عرضها كفيلم واحد. وتتيح الخلويات المتطورة لمستخدميها ايضاً تسجيل الفيديو وارساله مباشرة الى الاصحاب والعائلة، ما يضفي المزيد من المرح والاثارة على الاتصالات اليومية. وتمكن الشباب من استخدام الخلوي في اللعب الجماعي بألعاب الكومبيوتر، وذلك باستخدام تقنية "بلوتوث" BLUETOOTH . ويستغل بعض الشباب تلك الهواتف في تصوير الفتيات في النوادي والجامعات والحفلات سواء بعلم او من دون علم. إذ يستطيع الشاب ان يدمج صورة الفتاة مع صورته، ثم يستغلها لتهديدها بعد معرفة رقم هاتفها الخلوي. وقد تصل الامور ببعضهم الى نشر الصور من خلال الانترنت، بعد تغيير معالم الصور بطرق جهنمية، ليتخذ منها وسيلة تهديد للوصول الى غاياته. وكم من المآسى حلت على بعض الفتيات نتيجة للاستخدامات السيئة للهواتف المصورة؟ التكنولوجيا ومفاعيلها المتعددة ومع تنافس الشركات في تقديم الجديد في كل يوم، بات المستخدم أمام انواع شتى واستخدامات متعددة للهواتف النقالة. واصبح في حيرةٍ من أمره. ومن الجديد اللافت، تبرز امكانية وضع رسائل الخلوي النصية على شاشات التلفزة، وهو النظام الذي يطلق عليه "تكست تو تي في" TEXT2TV. وعلى رغم انتشار هذه الهواتف في بلدان عدة من الشرق الاوسط، ترفض بعض الدول العربية دخولها، ربما لأنها تحمل اشكالاً جديدة من التطور التكنولوجي، بقدر ما تحمل بعض الآثار السلبية، خصوصاً في حال توظيفها في شكل سيئ. واستطلعت "الحياة" آراء عدد من الشباب والخبراء عن أهمية تلك التقنية، كما عن المشاكل التي تنجم عنها. ويصرح "ن.ع" 28 عاماً بالقول: "تعودت على مصادقة الفتيات، ومع ظهور الهواتف الفيديو سارعتُ لاقتناء أحدها لصغر حجمه وامكاناته الرهيبة. يمكن وضع الخلوي في أي مكان في الغرفة لتصوير العلاقات الشخصية وطباعتها مثل افلام الفيديو، وذلك من باب الضحك والمداعبة بين الشباب، وللتأكيد أيضاً على انني شخص مرغوب من قبل البنات". ويقول شوكت اسكندر 40 عاماً: "أقتني الهاتف - الفيديو لأنه يساعدني كثيراً في دخول الانترنت ويسهل لي استلام بريدي الالكتروني في اي مكان انتقل اليه. ونظراً لطبيعة عملي كرئيس لقسم الكومبيوتر في احدى المؤسسات الكبرى، فقد وجدت في اقتنائه اهمية كبرى على رغم ارتفاع سعره الذي يتراوح بين ثلاثة واربعة آلاف جنيه في السوق المصري. والى ذلك، يمكنني تصوير الاشخاص والحفلات فيديو صوت وصورة وتخزين اي صورة تعجبني وأسجلها مع رقم هاتف الشخص المراد حفظ صورته وهاتفه". ويلفت الى أن البعض من أصدقائه يستغلون تلك الهواتف في تصوير الفتيات والصبية، ويمنتجون الصور على الكومبيوتر. ضحك حميم وهمسات وتقول عبير عادل مهندسة، 25 عاماً: "يهوى بعض الشباب تصوير الفتيات وتسجيل صورهن واسمائهن، او تسجيل ضحكات او همسات وآهات ويخزنونها مع الصورة نفسها. وعند اتصال صاحبة الرقم، تظهر الصورة بجانب الاسم والرقم، وتعلو معها تلك الضحكات"، وغالباً ما تنتشر هذه الهواتف بين الشباب في النوادي والمناطق "الهاي كلاس". وتميل امينة رياض 21 عاماً، طالبة الى التحفُّظ: "وصلت الهواتف المزودة بكاميرا الى ايدٍ كثيرة. ولم تعد فقط مع الشباب، وإنما مع الفتيات ايضاً. وعلى رغم انني طالبة، الا انني أعترض على ان تحمل زميلة هذا الجوال المصور، خصوصاً داخل الحرم الجامعي. فهو يساعد على الدخول في المحظورات. ويزداد استخدامه بين فئة الشباب الطائش. ويستغلونه في أي تجمع نسائي، وخصوصاً في الحفلات وهن في ابهى حللهن، ثم يقومون بتغيير بعض معالم الصور". وتقول ايمان قيصر صيدلانية،40 عاماً: "تعمل بعض الهواتف الفيديو بنظام "بلوتوث"، الذي يغطي نطاقاً يراوح بين 100 و200 متر. وعند وجود الماركة نفسها للهاتف مع عدد من الاشخاص في نطاق هذه التغطية، ومن دون معرفة أو مشاهدة أحد منا للآخر، يمكننا التحدث مع بعضنا بعضاً بعيداً من شبكة المحمول، ومجاناً. ويشبه ذلك خاصية "الشات" عبر الانترنت". وابدى بعض الخبراء تحفظاً على هذا الرأي من الناحية التكنولوجية. ويرى الدكتور صفوت العالم، وهو استاذ للاعلام في جامعة القاهرة، ان التطور التكنولوجي في وسائل الاتصالات يحمل ايجابيات لجهة تسهيل الحياة والخدمات. وكذلك يحمل بعض الاثار السلبية في حال التوظيف السيئ لهذه التكنولوجيا". ويقول: "يستلزم هذا الامر مصاحبة التطور التكنولوجي بالمزيد من التوعية لتدعيم الآداب العامة. ويمكن اللجوء الى سن قوانين مناسبة لمواجهة بعض الآثار الاجرامية التي قد تهدد القيم الاخلاقية. فإذا نظرنا الى الهاتف المصور نجد أن زاوية التصوير التي تتم بكاميرات الهواتف قد تلتقط مشهداً فرعياً بعيداً من الحقيقة، ويعبر بالضرورة بدقة عن الواقع. فقد ترتبط الصورة المصورة بخلفية اخرى أو بمشاهد اخرى تعطي احساساً مختلفاً يخدم اغراض القائم بالتصوير. وقد يضع هذا من يستهدفه في مواقف غير لائقة. ويمكن اصطناع التزامن بين اصوات بعينها، مثل الضحكات أو عبارات الاثارة، للوصول الى مآرب دنيئة". ويلفت العالم الى ان هذا النوع من الهواتف "قد يُفقِد الشخص المُصَوَّر خصوصيته. كلنا كأفراد لنا بعض التصرفات العفوية والسلوكيات الطبيعية، ولا نتحرج في الاقوال المرسلة مع أقاربنا وزملائنا في العمل والجامعة". وينبَّه الى "تعاظم التأثير السلبي لهذه الصور في حال نقلها على اجهزة الكومبيوتر ما يساعد في امكان طباعتها او توزيعها او اضافة صور اخرى اليها. وكذلك طبع نسخ منها او ارسالها عبر الشبكة الدولية للمعلومات، بعد اضافة ادعاءات معينة مثل ارقام الهواتف النقالة، او الدعوة الى ممارسة سلوكيات بعينها. وتزيد هذه الامور من حال فقدان الخصوصية. وقد يمتد الامر، في حال تبادل ردود الافعال بين الاطراف المختلفة، الى ان يتعرّض الطرف الذي تم تصويره للاهانة، الامر الذي يضطره للرد بالطريقة نفسها وربما اكثر سلبية. وتجعل هذه الامور مناخ العمل أو الزمالة، يفتقر الى الثقة والخصوصية". ويوضح العالم انه "في بعض الحالات تتوافر خبرة عالية لاحد الزملاء بهذه التقنيات الحديثة ويستخدمها ضد زملائه أو معارضيه من دون ان يتنبهوا لذلك، الى ان يفاجأوا ببعض الاشاعات المبتذلة، او الامور التي تُضعف من شخصيتهم، خصوصاً في المجتمعات العربية التي تتسم فيها طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة بالغموض والمبالغات. وفي مرحلة ما من العمر، يحرص بعض الذكور على تأكيد صورته الشخصية من خلال علاقاته النسائية التي يعلنها ويجاهر بها متفاخراً!". ويعتقد ان "وعي الشباب بالتقنيات الحديثة قد يتطلب من الشباب العربي المزيد من التوظيف الامثل لتلك التكنولوجيا، بما يسهم في تطور المجتمع وأفراده.