على وقع المخاوف المتصاعدة من التفجيرات والاغتيالات، التي عززتها محاولة اغتيال نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الياس المر الذي نجا منها بأعجوبة أول من امس، وفي ظل الاختناق الذي تعيشه الحدود اللبنانية ? السورية بسبب التقنين في دخول الشاحنات المحملة بضائع من لبنان الى الاراضي السورية، بلغت جهود تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة حدود المأزق الذي سيدفع الرئيس المكلف فؤاد السنيورة الى الاعتذار عن عدم التأليف اليوم على الأرجح خلال أو بعد لقاء صباحي له اليوم مع رئيس الجمهورية اميل لحود. راجع ص2 و3 وأدى رفع السنيورة عدد اعضاء الحكومة المقترحة في اللائحة التي تقدم بها اول من امس للحود من 24 الى 30 وزيراً، الى تحفظ من الاخير، ومن العماد ميشال عون الذي طالب بزيادة وزراء تكتله ومن حركة"أمل"و"حزب الله"اللذين طالبا بتسمية الوزير الشيعي السادس في الحكومة الثلاثينية في حين جاء من"تيار المستقبل"الذي يترأسه النائب سعد الحريري وبحقهما في تسمية وزير مسيحي. وأعلن عون انه اذا لم تسند الى التكتل الذي يجمعه مع كتلة النائب ايلي سكاف والنائب ميشال المر وحزب الطاشناق، وزارة خامسة في حكومة ال30،"فليؤلفوها وحدهم"قاصداً تكتل الاكثرية في لقاء البريستول 72 نائباً. وكان لحركة"أمل"و"حزب الله"الموقف نفسه في اتصالاتهما مع السنيورة. وفيما ظهرت اجواء تضامنية بين بعض الموالين ومعارضة البريستول اثناء اللقاءات التي أجريت بين الرئيس لحود والمعارضين للاطمئنان الى الوزير الياس المر أول من امس، بدا امس ان الاجواء تراجعت الى المواجهات الكلامية، اذ اعتبر النائب السابق سليمان فرنجية ان الانفجار الذي استهدف المر هو براءة ذمة من كل التهم التي كانت تطلق منذ فترة ضد السلطة وانتقد الحريري. وأكدت أوساط مواكبة لتشكيل الحكومة ان الخلاف الجوهري يدور على اصرار السنيورة ومعه اطراف المعارضة على ان تحتفظ الاخيرة بأكثرية الثلثين داخل الحكومة سواء كانت من 24 او من 30 وزيراً، وان الحاجة الى ارضاء بعض الكتل هو الذي أدى الى رفع عدد الوزراء، بينما يسعى افرقاء آخرون وموالون الى الحصول على الثلث المعطل في الحكومة. وقال عون انه و"أمل"و"حزب الله"نمثل ثلثي البلد فهل يعقل ألا يكون لنا الثلث المعطّل؟ واذا لم يطرأ جديد على صعيد حلحلة العقد حتى صباح اليوم فمن المرجح ان يقدم السنيورة كتاب اعتذار، بعد التشاور مع عدد من الحلفاء، فيما يتوقع حصول انفتاح من"أمل"على العماد عون عبر أحد الموفدين اليوم. وعلمت"الحياة"ان السنيورة انكب امس على كتابة بيان في هذا الصدد يعرض فيه لشريط الاتصالات مع القوى الممثلة في المجلس النيابي، وخصوصاً حركة"أمل"و"حزب الله"و"التيار الوطني الحر"وللمواقف التي صدرت عنها أخيراً بحجة انه خالف الاتفاق القائم معها على ان تكون الحكومة من 24 وزيراً برفع العدد الى 30 وزيراً. كما يعرض للجهود التي قام بها لدى الكتل النيابية على رغم انه ينتمي الى الفريق الذي يتمتع بالغالبية في البرلمان، مشيراً الى انه سعى الى حكومة وحدة وطنية بناء لقناعته ولاقتراح رئيس الجمهورية وتصميم رئيس"كتلة المستقبل"سعد الحريري. وأفادت مصادر مطلعة بأن السنيورة سيؤكد انه تشاور مع جميع الأفرقاء الى اقصى الحدود وتحمّل ما لا يحتمل لتحقيق هدف الوحدة الوطنية من خلال حكومة جامعة لكل الاطراف، وقادرة في الوقت نفسه على الالتزام بالبرنامج الاصلاحي والتصدي للقضايا الكبرى وسط الازمة الراهنة التي تعيشها المنطقة ومن خلالها لبنان. ويضيف السنيورة كما تنقل عنه اوساطه ان المشاورات اخذت منه ما تستحق من اتصالات ولقاءات وانه وجد، امام محاولة الاغتيال الاجرامية التي استهدفت الياس المر، ان الرد عليها يكون في الاسراع بتشكيل حكومة لبنانية بارادة محلية وللمرة الاولى منذ عام 1977. ويلفت السنيورة في كتابه الى ان قوله انه يستند الى الاكثرية في البرلمان تكتل البريستول لا يعني انه لا يثق بالآخرين بمقدار ما انه يتطلع الى حكومة قادرة على العمل كفريق عمل واحد، خصوصاً ان التجارب السابقة التي مر فيها الرئيس الشهيد رفيق الحريري لم تكن مشجعة، اذ ان الحكومات اصيبت بالشلل لغياب فريق العمل الذي يستطيع من خلال الغالبية اتخاذ القرارات بدلاً من ان تبقى خاضعة للمناكفات التي جمدت كل شيء. ويؤكد السنيورة في اعتذاره انه يثق بالكتل النيابية الاخرى من غير الاكثرية في البرلمان وان الدليل الى ذلك اسناد احسن وأفضل الوزارات الى وزراء ينتمون اليها، لكن المسألة العملية تبقى في قدرة الحكومة على الانتاج والعطاء بدلاً من ان تنهمك في نزاعات بسبب الاختلاف في وجهات النظر والبرامج،"فالتباين حيوي لكن من دون تجميد كل شيء، خصوصاً اننا في السلطة التنفيذية لا في المجلس النيابي". ويشير السنيورة في كتابه الى الاجواء التي سادت اجتماعه الاخير مع لحود ورفض الاخير التشكيلة الوزارية التي عرضها السنيورة عليه وبالتالي لم يعد امام الرئيس المكلف سوى الاعتذار، خصوصاً بعد المواقف التي صدرت عن"التيار الوطني"و"أمل"و"حزب الله". التجديد للقوات الدولية... والتحقيق الدولي من جهة أخرى، طلبت الحكومة اللبنانية من الامين العام للأمم المتحدة تمديد ولاية قوة الاممالمتحدة الموقتة في لبنان اليونيفل لمدة 6 أشهر اضافية"من دون تبديل ولايتها او تغيير عديدها"، مؤكدة"حرص الحكومة اللبنانية على حفظ الامن في منطقة الجنوب حيث ينتشر ثلث عديد الجيش اللبناني"، كما جاء في رسالة وجهها القائم بالأعمال اللبناني بالوكالة ابراهيم عساف. وأكد عساف"مواصلة الحكومة اللبنانية جهودها لتعزيز سلطتها في الجنوب وانعاش المنطقة وتنميتها". هذا في الوقت الذي يتحرك فيه اعضاء من مجلس الامن، بينهم الولاياتالمتحدة، لخفض تدريجي للعدد واعادة تعريف ولاية يونيفل. من جهة أخرى، أعلن الاردن وسورية امس استعدادهما للتعاون مع لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الحريري. وعلّق مدير الاعلام في الاممالمتحدة نجيب فريجي على ذلك بالقول ان رئيس لجنة التحقيق الأولي ديتليف ميليس"يتطلع الى تعاون جوهري بموجب القرار الرقم 1559 في كل جوانب التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري و20 آخرين". وكان ميليس وجه رسائل الى كل من سورية والاردن واسرائيل طالباً المساعدة في اجراء التحقيق. وأشارت مصادر دولية الى ان ميليس لم يطلب"التعاون القنصلي"مع اسرائيل والاردن وسورية كما جاء في بعض التصريحات، وان ما يطلبه"يتجاوز ذلك الى تعاون جوهري قضائي وأمني يساهم عملياً في كشف تفاصيل حول اغتيال الحريري و20 آخرين".