انتقل لبنان الى ترجمة نتائج الانتخابات النيابية داخل المؤسسات الدستورية، فجدد البرلمان المنتخب للرئيس نبيه بري في رئاسته بأكثرية 90 صوتاً من اصل 128 وانتخب النائب فريد مكاري تيار المستقبل نائباً للرئيس ب99 صوتاً، واختار اعضاء هيئة مكتبه، لينتقل الاهتمام الى تشكيل الحكومة الجديدة التي يبدأ رئيس الجمهورية اميل لحود الاستشارات النيابية لتسمية رئيسها غداً الخميس وينهيها في اليوم نفسه، وسط توقع تسمية الأكثرية النيابية، التي تشكلت من المعارضة التي وصلت الى البرلمان، لوزير المال السابق فؤاد السنيورة، احد اقرب القريبين الى الرئيس الشهيد رفيق الحريري. راجع ص2 و3 ولم يمر انتخاب بري من دون حوادث، إذ اندلعت فور اعلان النتيجة عملية اطلاق نار في الهواء ابتهاجاً، استمرت من الظهر حتى الليل ما تسبب بحالات خوف من حصول اشتباكات لدى المواطنين، وأدى اطلاق النار بكثافة في معظم المناطق الى سقوط ثلاثة جرحى في الأشرفية وفي منطقة المزرعة من العاصمة، فيما جابت مواكب سيارة شوارع العاصمة وضاحيتها رافعة اعلام حركة"أمل"وصور بري، وشهدت هذه المواكب عمليات اطلاق نار في الهواء شارك فيها بعض الحراس في المجلس النيابي، ما تسبب برعب وسط المارة ومرتادي وسط بيروت التجاري والمناطق المحيطة وسائر احياء العاصمة. ويترقب الوسط السياسي اللبناني المواقف التي سترافق عملية تشكيل الحكومة بعد تسمية الرئيس المكلف، في ظل تبدل موازين القوى النيابية، في عهد لحود الذي كان التمديد له 3 سنوات اضافية منطلقاً لأزمة سياسية كبرى في لبنان منذ 3 ايلول سبتمبر من العام الماضي، تخللتها احداث دراماتيكية أمنية ودموية وسياسية، فائقة السرعة، ابرزها مسلسل الاغتيالات الذي اودى بحياة الحريري، والانسحاب السوري العسكري من لبنان، وكانت محطاتها الأخيرة اغتيال الأمين العام السابق ل"الحزب الشيوعي اللبناني"جورج حاوي وقبله الزميل سمير قصير، والانتخابات النيابية التي شهدت استنفاراً وتعبئة سياسيين قل نظيرهما مع بداية التحقيق الدولي في اغتيال الحريري. وفيما تتطلع القوى النيابية المعارضة للحود، والتي باتت اكثرية البرلمان، الى حكومة تسمح لها بالإمساك بمفاصل السلطة التنفيذية التي كانت تؤول الى لحود وحلفاء دمشق، عبر تشكيلة تعكس ميزان القوى الجديد، فإن هذه القوى تسعى الى ضم كتلة العماد ميشال عون الذي خاض الانتخابات بالتنافس مع قوى المعارضة. وقالت مصادر مطلعة ل"الحياة"إن لحود سيجري الاستشارات النيابية الملزمة"وسيتعامل ايجاباً مع أي شخص يختاره النواب"، لكنها لفتت الى ان لحود"لن يقبل في أي صورة من الصور ان تقتصر مهمته على التوقيع على صيغة يعدها رئيس الوزراء المكلف من دون التفاهم معه". وشددت على ان لحود"يتمسك بتفسير للدستور ينص على دور لرئيس الجمهورية بفعل التوافق المطلوب قبل التوقيع". وتوقعت المصادر ان يطرح لحود المسألة من زاوية ان تكون الحكومة"واسعة التمثيل ومتوازنة وأن تعبر في توزيع الحقائب عما افرزته الانتخابات من صفة تمثيلية للأفرقاء داخل طوائفهم خصوصاً ان اتفاق الطائف بني على فكرة الوفاق والتوافق وهو ما لا يمكن ضمانه إلا بإشراك الممثلين الفعليين للمجموعات التي ينتمون إليها". وأشارت أوساط مطلعة الى ان ثمة اتجاهاً نحو تشكيل حكومة من 24 وزيراً، يعود فيها عدد قليل من وزراء الحكومة الحالية. وكانت الجلسة النيابية التي انتخبت بري رئيساً شهدت بعض المواقف البارزة، منها ان التكتل، الذي يجمع كتلة العماد ميشال عون مع حلفائه 21 نائباً وكتلة نواب"القوات اللبنانية"6 نواب و"لقاء قرنة شهوان"5 نواب وعدداً من النواب المستقلين، صوت بورقة بيضاء 37 وورقة واحدة تضمنت اسم النائب باسم السبع. وشدد رئيس السن قبيل انتخاب بري النائب ادمون نعيم كتلة القوات على ضرورة ايجاد قانون انتخاب جديد، وعلى إنجاز قانون العفو عن الدكتور سمير جعجع، داعياً الى الفصل بين النيابة والوزارة وإعادة فتح محطة"ام تي في"وإنهاء كل معالم الدولة الأمنية وحماية الحريات. أما بري الذي يتبوأ المركز للمرة الرابعة المتتالية، فحرص على مرافعة عن سلوكه خلال المرحلة السابقة والتزامه النظام الداخلي، وتحدث عن انجازات المجلس النيابي السابق. لكنه شدد على ضرورة تطبيق اتفاق الطائف وعلى اتخاذ صفة الادعاء من المجلس النيابي في جريمة اغتيال الحريري والنائب باسل فليحان ومحاولة اغتيال النائب مروان حمادة، وعلى إصدار قانون عفو عن جعجع وموقوفي الضنية ومجدل عنجر في اول جلسة تشريعية. وتحدث بري عن وضع دراسات لمقاربة إلغاء الطائفية السياسية وإنشاء مجلس للشيوخ. وأوضح بري في ما يخص مكافحة الفساد انه مع فتح الملفات على مداها من دون استثناء. ودعا الى تشكيل لجنة برلمانية تراقب مدى التزام الحكومات القوانين التي يصدرها البرلمان، وأشار الى جملة أمثلة في هذا الصدد.