وجه المطارنة الموارنة في اجتماعهم الشهري امس، في بكركي، برئاسة البطريرك بشارة الراعي وبمشاركة الكاردينال نصر الله صفير والرؤساء العامين، نداء، إلى اللبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً، دعوهم من خلاله إلى العودة «إلى أصالتنا نحن اللبنانيين ولنشبك الأيدي ولنجلس إلى طاولة حوار أخوي صادق شفاف، نلقي فوقها هواجسنا وشكوكنا ونجدد الثقة بعضنا ببعض فنقوى جميعاً ويقوى بنا لبنان». وتبنى المطارنة في بيانهم المواقف التي سجلها البطريرك الراعي منذ يوم انتخابه وشعار «شركة ومحبة»، وأكدوا أن الراعي «يعمل مع مجلس البطاركة منذ ذلك اليوم بالتشاور معهم على ترجمته عملياً على كل الصعد، وبكل الوسائل المتاحة». وأشاروا إلى أن «على الصعيد الكنسي تعززت الشركة مع الكنائس، كاثوليكية وغير كاثوليكية عملاً بتوصيات جمعية سينودس الأساقفة الخاصة بالشرق الأوسط، وبرسائل بطاركة الشرق الكاثوليك المتتالية خدمة للحضور المسيحي في هذا الشرق وعيشه والشهادة التي يجب أن يؤديها كل المعمدين في هذه المنطقة، من خلال تحقيقهم الوحدة التي صلى لأجلها السيد المسيح ليلة وداعه لتلاميذه». وأشاروا إلى أن «الشركة ضمن الكنيسة المارونية ترسخت من خلال شد أواصر المحبة مع الأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات والمؤمنين المنتشرين في كل العالم، ودعا غبطته في زياراته الرعوية أبناءه، في القرى والبلديات والمدن، إلى توسيع شركتهم عمودياً إلى روح الحق الذي يرشد إلى الحق كله، وتوسيعها أفقياً كي تشمل كل الناس بتلك المحبة التي تصفح عن كل شيء وتصدق كل شيء وترجو كل شيء، وتصبر على كل شيء». وأشار البيان إلى أن «زيارات الراعي لقيت ترحيباً وطنياً عارماً، وستتواصل في لبنان وخارجه على النمط نفسه بدءاً من زيارة الأبرشيتين المارونيتين في الولاياتالمتحدة». وعلى صعيد الحوار الإسلامي - المسيحي، لفت بيان المطارنة إلى «أن الوجود المسيحي في هذه المنطقة من العالم، لا يمكنه أن يستمر ويحمل شهادته إلا من خلال انفتاح الأديان على بعضها بعضاً على مستوى الحوار الروحي والحضاري معه، والعمل معاً لخدمة الإنسان ورفع شأنه والحفاظ على حقوقه، والسعي معاً إلى بناء مجتمعاتنا على القيم الروحية والإنسانية المشتركة لأدياننا ولا سيما قيم الحرية والعدالة والمساواة، والحياة البشرية وكرامة الإنسان». وأوضح أن «الانطلاقة كانت منذ البدء في الانفتاح على كل السلطات الدينية والتواصل الدائم معها. وعقدت حتى الآن قمتان روحيتان، الأولى في الصرح البطريركي والثانية في دار الإفتاء، وهناك سعي لعقد قمة روحية على صعيد منطقة الشرق الأوسط عسى أن تفلح كل هذه المسائل في إرساء قواعد ثابتة للعمل المشترك، ووضع أسس راسخة للحوار الدائم الذي يجب أن يحكم علاقات اللبنانيين وكل أبناء المنطقة ببعضهم بعضاً». وعلى الصعيد الوطني، اكد البيان أن «غبطته مؤمن بأن في الاتحاد القوة، وآلى على نفسه منذ اليوم الأول لانتخابه، وانطلاقاً من الثوابت الكنسية والوطنية، أن يدعو الجميع إلى الحوار والتفاهم ورص الصفوف والخروج من منطق الحرب إلى منطق السلم، وإلى تغليب روح الشركة والمحبة في علاقاتهم ومسؤولياتهم، فكان لقاء القادة الموارنة، ثم توسع هذا اللقاء ليشمل كل النواب الموارنة، كي يبحثوا معاً في أمور جوهرية تتعلق بمصيرهم ومصير الوطن حتى إذا توصلوا إلى تكوين قناعات مشتركة، يطرحونها على شركائهم في الدولة والوطن. ومن هذا المنطلق يبني غبطته تواصله الدائم مع المسؤولين الكبار في الدولة، من رئيس الجمهورية إلى رئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة ورؤساء الطوائف اللبنانية والأحزاب والتكتلات ومن ثم مع المرجعيات الدولية وزياراته للدول التي تربطها بلبنان علاقات تاريخية ولها اهتمامات بالأوضاع فيه وفي سائر بلدان المنطقة». وتطرق النداء إلى زيارة الراعي فرنسا ولفت إلى أنها كانت «مناسبة كي يتبادل الآراء مع المسؤولين الكبار فيها، وكي يشهد للحقيقة بجرأة وشجاعة، ويطالب الأسرة الدولية أن تتحمل مسؤوليتها في نشر العدالة والمساواة، ورفع الظلم عن الشعوب من خلال السهر على تطبيق قرارات مجلس الأمن تطبيقاً عادلاً، والعمل لوقف الحروب وإحلال السلام في المنطقة. ونأمل في هذه المرحلة من تاريخنا وتاريخ المنطقة بأن تتحقق لجميع المواطنين الحرية والمساواة في الحقوق بالتعاون وبعيداً من العنف، فيعيش المواطنون معاً بالاعتدال وقبول الآخر كما تجمع عليه أديانهم». وختم النداء: «أن الكنيسة المارونية تحمل منذ نشأتها مشعل الحرية والدفاع عن كرامة الإنسان وحقوقه، وضحى الموارنة عبر تاريخهم بالكثير الكثير كي يحافظوا على الوديعة الأثمن لديهم: الإيمان والحرية. وكانوا دائماً يستمدون القوة على الصمود من وحدة كلمتهم، والتفافهم حول بطريركهم والثقة بقيادته وحكمته. ونحن اليوم بأمس الحاجة للعودة إلى هذا السلوك التاريخي في هذه الظروف الصعبة التي تهدد وجودنا ودورنا ورسالتنا، كلبنانيين بعامة ومسيحيين بخاصة».