طرابلس - أ ف ب - تنتشر الأسلحة في كل مكان في ليبيا، سواء بين فتيان يرفعون بنادق كلاشنيكوف في شوارع طرابلس أو بين المقاتلين المجهزين بقاذفات الصواريخ على الجبهات. ويثير الانتشار الكبير للسلاح في أيدي الليبيين مخاوف لا تتركز فقط على تأثير هذه المسألة على استقرار ليبيا في المستقبل، ولكن أيضاً على إمكان أن تقع هذه الاسلحة في أيدي منظمات متطرفة، بينها «القاعدة». وفي موقع سكني قيد الإعمار في أحدى ضواحي طرابلس، وضعت على الأرض صناديق للذخيرة والأسلحة والقنابل، علماً أن هذا الموقع تحول إلى مقصد لآلاف الناس الذين تدفقوا عليه لمدة خمسة أيام بعد سقوط طرابلس نهاية آب (أغسطس) الماضي للحصول على أسلحة. وقال عماد (25 سنة) المقيم في طرابلس: «كان هناك مئات الصناديق التي تحتوي على كل شيء: رشاشات وبنادق قنص وقنابل وذخائر». وأضاف: «كان هناك آلاف الناس هنا أيضاً. بعضهم أخذ رشاشاً واحداً كما فعلت أنا، وبعضهم الآخر أخذوا اثنين أو ثلاثة أو أكثر حتى أن آخرين بقوا هنا لأيام يحملون الأسلحة في سيارات النقل». وهذا الموقع هو واحد من بضعة مواقع أخرى في طرابلس لتخزين السلاح تابعة لقوات معمر القذافي، تعرضت للنهب بعد سيطرة الثوار على العاصمة الليبية. ويوضح عماد أن دخول هذه المواقع والمخازن كان مسموحاً للجميع ومن دون رقابة على الأشخاص الذين كانوا يغادرونها محملين بالأسلحة. ويؤكد سكان في طرابلس أن الأسلحة أصبحت في متناول اليد في السوق السوداء، فسعر بندقية الكلاشنيكوف يبلغ حوالى 650 دولاراً، والقنبلة حوالى 80 دولاراً، بينما تباع الرصاصة الواحدة بأقل من دولار. ويشير عماد إلى أن «كل شخص في طرابلس بات يملك رشاشاً واحداً على الأقل الآن»، مشدداً على أن «الناس لن يتخلوا عن هذه الأسحلة بالتأكيد، فهناك حرية الآن». ووصلت أسلحة كثيرة إلى أيادي مقاتلي المجلس الوطني الليبي الانتقالي الذين ما زالوا يحاربون على جبهتي مدينتي سرت وبني وليد. إلا أن طرابلس أيضاً أغرقت بالأسلحة، إذ يجوب شوارعها شبان مسلحون بالرشاشات وراجمات الصواريخ فيما يشرف بعضهم على حواجز التفتيش التي يقيمها الثوار في أرجاء العاصمة. وفي المساء، تشتعل سماء طرابلس بالرصاص الذي يطلق ابتهاجاً بسيطرة الثوار على المدينة التي فر منها معمر القذافي بعد أكثر من أربعة عقود من حكمه للبلاد بيد من حديد. وكانت الحكومات الغربية، وخصوصاً الأميركية، أعربت عن قلقها من ظاهرة انتشار السلاح في ليبيا. وقدمت وزارة الخارجية الأميركية ثلاثة ملايين دولار للمساعدة على تدمير الأسلحة وتحدثت خصوصاً عن خشيتها من انتشار الرشاشات والأسلحة المضادة للطائرات التي يمكن أن تستهدف طائرات مدنية. ويقول شاشانك جوشي الباحث في معهد الخدمات المتحدة الملكي في لندن ان «الجميع قلقون، فكميات الأسلحة في ليبيا تخطت بحسب بعض الأرقام تلك التي كانت موجودة في العراق العام 2003». ولفت إلى أنه «تمت سرقة آلاف الصواريخ التي تطلق من على الكتف إضافة إلى الاسلحة الصغيرة والذخائر». وأوضح أن الخطر الأساسي يكمن «في أن تجد الصواريخ طريقها إلى إرهابيين في مناطق أخرى مثل أفغانستان، أو أن يستخدمها الإرهابيون ضد الطائرات المدنية». ويؤكد محللون أن الأسلحة ستصعب على السلطات الجديدة في ليبيا ترسيخ حضورها في البلاد، حتى بعد أن يسيطر مقاتلو المجلس الانتقالي على آخر معاقل القذافي. ويرى كريم بيطار الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس أنه «سيكون من الصعب على السلطات الجديدة جمع كل السلاح، وسيمر وقت طويل قبل أن نرى سلطة ليبية مركزية تدعي أنها تحتكر شرعية حمل السلاح». ويوضح أن «العديد من المتمردين حملوا السلاح لتحرير مدنهم، ولن يتخلوا عن هذه الأسلحة حتى يتأكدوا تماماً من الشخصيات التي ستتولى الحكم ويحصلوا على ضمانات قوية».