بعد تأخير ومماطلة، اطلقت السلطات الاسرائيلية امس نحو 400 اسير فلسطيني في اطار الدفعة الثانية من الاسرى الذين اتفق رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون والرئيس محمود عباس ابو مازن على اطلاقهم بموجب تفاهمات شرم الشيخ. راجع ص 6 و7 ووصل المفرج عنهم الى خمس نقاط تفتيش عسكرية اسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة حيث استقبلهم اهاليهم بالعناق وصيحات الفرح والزغاريد واطلاق الرصاص في الهواء. لكن الفرحة لا تكتمل، اذ ما زال اكثر من ثمانية الاف اسير فلسطيني قابعين في سجون الاحتلال حيث يعاني بعضهم من الامراض المزمنة ويوشك على الموت نتيجة الاهمال الطبي او"القتل البطيء"كما يسميه الاسرى. فبعضهم دخل السجن معافى ليخرج منه، وبسبب الاهمال وحده، مصابا بأمراض قاتلة لا امل من شفائه منها مثل السرطان، وبعضهم كان العلاج الذي تلقاه سببا في تدهور صحته الى الاسوأ، وبعضهم نقل الى المستشفى وربطت يداه الى سرير مرضه في غرفة محاطة بالقضبان ... والقصص كثيرة. لذلك لم ينس الاسرى المفرج عنهم تذكر رفاقهم الذين تركوهم خلفهم في السجون، مطالبين السلطة الفلسطينية بالعمل الجاد على اطلاقهم وجعل هذه القضية اولوية، خصوصا بالنسبة الى الاسرى المرضى وكبار السن والاطفال. ولم يحظ الاسرى المفرج عنهم باستقبال رسمي لأن السلطة الفلسطينية والقوى السياسية والفصائل رفضت الاسلوب الذي اتبعته اسرائيل في اطلاقهم، فالافراج عنهم كان احادي الجانب ومن دون تنسيق مع الجانب الفلسطيني، كما ان الدولة العبرية اعتمدت معاييرها الخاصة في اطلاقهم فرفضت اطلاق من تسميهم"الملطخة ايديهم بدماء اسرائيليين"وذوي الاحكام العالية، في حين ان معظم المفرج عنهم ممن اوشكت محكومياتهم على الانتهاء. ورغم ان اسرائيل اعتبرت ان هذه الخطوة تأتي في اطار دعم الرئيس الفلسطيني، الا ان مراقبين رأوا فيها محاولة من الدولة العبرية لاحتواء التغيير الذي بدأت تلمسه في السياسة الاميركية والذي تبدى في زيارة"ابو مازن"الاخيرة لواشنطن.