اندفع مئات المواطنين منذ ساعات الصباح باتجاه حواجز جيش الاحتلال الدائمة على مداخل المدن الفلسطينية، لاستقبال نحو اربعمائة أسير افرجت عنهم (اسرائيل) أمس استكمالا للدفعة التي التزمت حكومة الاحتلال باطلاقها في قمة شرم الشيخ في شباط الماضي. ووصل 398 اسيرا أمس الى خمسة حواجز عسكرية (معابر) تفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة ومناطق الخط الاخضر، «ايرز» شمال قطاع غزة، وترقوميا جنوب الخليل، وبيتونيا غرب رام الله، وحاجز 700 غرب طولكرم وحاجز سالم غرب جنين، حيث استقبلتهم جموع حاشدة من المواطنين وسط اجواء من الانفعال والفرحة المنقوصة بسبب وجود الاف الاسرى خلفهم في السجون والمعتقلات الاسرائيلية. وقد بدات عملية الافراج حسب ما ذكره الاسرى لذويهم ونادي الاسير الفلسطيني عند ساعات الفجر الاولى، حيث جرى تجميعهم في معتقل «كتسعوت» او انصار في النقب ونقلهم بواسطة حافلات اقلتهم الى المعابر الاقرب الى اماكن سكناهم. ووصلت الدفعة الاولى من الاسرى المحررين الى حاجز طولكرم. وكان من المفترض ان يطلق سراح 400 اسير الا ان اثنين منهم رفضا الخروج. وحسب المصادر الاسرائيلية فان الاول «ابدى رغبته استكمال دراسته، حيث اقترب موعد امتحانات الثانوية العامة، والثاني فضل البقاء داخل السجن مع شقيقه». يشار الى ان معظم الاسرى الذين جرى اطلاق سراحهم امس هم من ابناء الضفة الغربية وبلغ عددهم، 380، مقابل 18 من القطاع. وجاء اطلاق سراح هؤلاء الاسرى دون تنسيق مع الجانب الفلسطيني وبموجب المعايير الاسرائيلية، التي تستثني كل من له علاقة بعمليات قتل اسرائيليين او من يسمون «اياديهم ملطخة بالدماء». غير انه وبخلاف عمليات الافراج السابقة فقد جرى اطلاق سراح معتقلين لم يمضوا ثلثي محكومياتهم. كما ان اكثر من ربع المفرج عنهم من حركة حماس. وحسب مصادر مصلحة السجون الاسرائيلية فان 93 من المعتقلين امضوا جزءا يسيرا فقط من محكومياتهم. كما ان من بين المعتقلين من ادين بمحاولة اطلاق النار وتحضير عبوات ناسفة، والمساعدة في محاولات لارتكاب عمليات قتل. وكانت اسرائيل تعهدت في قمة شرم الشيخ في شباط الماضي باطلاق سراح 900 اسير، حيث افرجت عن 500 منهم عقب القمة مباشرة. ومنذ اكثر من ثلاثة شهور تماطل اسرائيل في الافراج عن الاسرى الاربعمائة، بزعم استمرار جهود الفصائل الفلسطينية لتنفيذ عمليات، خاصة بعد العملية الاستشهادية التي نفذتها حركة الجهاد الاسلامي بعد قمة شرم الشيخ في شباط الماضي في ملهى «ستيج» بتل ابيب. وقد تقدم ما يسمى «المعهد القانوني لابحاث الارهاب»، بالتماس الى المحكمة العليا الاسرائيلية ضد الافراج عن الاسرى، بادعاء ان غالبيتهم لم يمضوا ثلثي محكوميتهم، وان اطلاق سراح المنتمين منهم الى حركة حماس لن يساعد الرئيس الفلسطيني، محمود عباس في جهوده السلمية، لكن المحكمة ردت الليلة الماضية الالتماس. وهو ما فتح المجال امام عملية اطلاق سراح الاسرى التي بررتها اسرائيل بان هدفها تقديم انجاز لصالح الرئيس عباس ليظهر للشارع الفلسطيني ان التهدئة يمكن ان تقود الى انفراج وتحسن ما في اوضاعهم. وعلمت «الرياض» ان هناك من المعتقلين المفرج عنهم من تبقى لهم فترات طويلة نسبيا تصل الى بضعة اعوام. الامر الذي لم يتم من قبل. غير ان السلطة الفلسطينية عبرت عن عدم رضاها من هذه الخطوة الاسرائيلية التي لم تتم بالتنسيق معها. وتركز السلطة مطالبها باعطاء اولية للاسرى القابعين في السجون قبل اوسلو، وكبار السن والمرضى والاطفال والنساء، وذوي الاحكام العالية، غير ان اسرائيل ترفض ذلك وتصر على عدم ادراج كل من له علاقة بعمليات قتل اسرائيليين. وقال سفيان ابو زايدة وزير شؤون الاسرى الفلسطينيين انه اذا كانت هذه الخطوة تستهدف دعم الرئيس محمود عباس فانها اذا غير كافية. وأضاف ان عملية اطلاق سراح السجناء خطوة اسرائيلية أحادية الجانب وأن الجانب الاسرائيلي مازال غير جاد في التعامل مع السلطة الفلسطينية. الى ذلك، توجه الاسرى المحررون من حاجز بيتونيا باتجاه ميدان المنارة حيث جرى لهم حفل استقبال حاشد. كما توجهوا الى مقر المقاطعة حيث قراوا الفاتحة على روح الرئيس الراحل ياسر عرفات، قبل ان يلتقيهم عدد من كبار المسؤولين الفلسطينيين. ومن ضمن المشاهد التي رصدتها «الرياض» خلال استقبال الاهالي لابنائهم المحررين كانت أم الاسير بسام محمد ابو نمر من محافظة خان يونس ويبلغ من العمر 34 عاما وامضى من محكوميته 3 سنوات ونصفاً والتي احتضنت ابنها وهي تقبله وتردد «الحمد لله على السلامة يا ولدي» داعية لكافة الاسرى الذين لا زالوا خلف قضبان السجون بالافراج القريب. وذكرت انها كانت تعيش حالة من الترقب والانتظار عند الاعلان عن القائمة التي تشمل الاسرى المفرج عنهم خوفا من الا يتضمن اسم ابنها في هذه القائمة وحمدت الله كثيرا عندما وجدت اسمه ضمن القائمة. وبينت ام بسام انها كانت تعاني الامرين عند زيارة ابنها في السجن حيث كانت تنتظر على باب السجن من الساعة الثالثة فجرا حتى الساعة العاشرة ليلا بدون ان تأكل او تشرب حتى تقر عينها برؤية ابنها، مشيرة انها كانت دائمة القلق على ابنها خاصة عند سماع وجود اضطرابات داخل السجون خوفا على حياته من جبروت السجان. وقدمت الشكر الجزيل لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وكل من ساعد في خروج الاسرى الى ذويهم بعد طول الفراق. اما الاسير بسام فقال «الحمد لله الذي منّ علينا بالافراج الميمون ونتمنى ان تعمل السلطة الفلسطينية على اطلاق سراح كافة الاسرى ومن بينهم الاسرى المرضى الذين يعانون من امراض خطيرة ومعدية ومزمنة ولا يجدون العلاج المناسب لهم مما ينذر بتدهور حالتهم الصحية». واضاف بسام «كافة الاسرى الموجودين خلف القضبان يتمنون الافراج القريب عنهم والعودة الى احضان اهلهم وذويهم واحبائهم وكل يوم يمر يتمنون الخروج من السجن ويطالبون المسؤولين الفلسطينيين والمجتمع العربي والدولي بالعمل على الافراج عنهم فهم لا يريدون المال ولكن فقط الافراج عنهم». هذا واكد العديد من اهالي الاسرى ان فرحتهم لن تكتمل الا بالافراج الكامل عن الاسرى والمعتقلين داخل سجون واقبية الاحتلال، وطالبوا الجهات المختصة في السلطة الفلسطينية بضرورة العمل الفجاد والفوري من اجل ايجاد حل سريع وفوري لهؤلاء الاسرى ومنهم المرضى والذين قضوا فترات سجن طويلة داخل السجن والاطفال والنساء المعتقلات داخل سجون الاحتلال. واكد الاسير سامي ابو لحية من معسكر الشاطئ والذي حكم عليه 5 سنوات امضى منها سنتين ان سلطات الاحتلال كانت تستخدم اجراءات قمعية بحق الاسرى وهناك اسرى يعانون من امراض مزمنة ومعاملة قاسية جدا حيث ترفض ادارة السجن معالجتهم، ووجه رسالة للمسؤولين بالافراج عن باقي الاسرى للخلاص من جبروت السجان، معتبرا ان حريته ناقصة ولن تكتمل سوى بالافراج عن كافة الاسرى وعودتهم الى منازلهم واحبتهم.