نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني يقول ان التمرد في العراق يواجه الهزيمة ويلفظ انفاسه الاخيرة، ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد يقول ان كل من يدعي"اننا خسرنا هذه الحرب او اننا في سبيل خسارتها مخطئ، فنحن لم نخسر". ورئيس وزراء العراق الدكتور ابراهيم الجعفري يقول ان الوضع يتحسن على رغم الهجمات الارهابية. ارجو ان يكونوا مصيبين. ادعو ان يكونوا مصيبين. اتمنى وابتهل وأصلي... غير ان الوضع على الارض في العراق يناقض تصريحات المسؤولين الاميركيين والعراقيين، ولا يعرف احد هذا الوضع افضل مما يعرفه الجنرال جون أبي زيد، قائد القوات الاميركية في المنطقة، فهو قال في شهادة امام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ ان مزيداً من المقاتلين الاجانب يتوافدون على العراق وان قوة التمرد وهو في قاموس ارهاب على حالها منذ ستة اشهر. من يعرف اكثر عن الوضع العسكري في العراق؟ مسؤول مدني في واشنطن، او قائد عسكري في الميدان؟ تكاد تصريحات تشيني ورامسفيلد الاخيرة ان تكون استئنافاً، او استمراراً لكذبة اسباب الحرب، والادارة التي لم تعترف بخطأ مزاعمها كلها عن العراق عشية الحرب، تكذب من جديد في تصوير انتصار غير موجود، بل ربما كنا نواجه عكسه. اريد للارهاب في العراق ان يخسر او ينكسر، وأريد ان ينعم العراقيون بالسلام كما يستحقون، غير ان المسؤولين العراقيين تحدثوا في يوم آخر من الانفجارات الانتحارية في بغداد وحولها، تبع يوماً مماثلاً، وسقط عشرات القتلى من المدنيين العراقيين الابرياء في مواجهة لا يبدو ان الاميركيين يربحونها كما يدعون، او سيخرجون منها منتصرين في المستقبل. ارجو من قارئ هذه السطور ان يدرك ان كل مصادر معلوماتي اميركي خالص، وهي تشير الى تخبط لا ينذر بخير، والسناتور ادوارد كنيدي المعارض للحرب قال للوزير رامسفيلد ان الحرب في العراق تغوص في"مستنقع لا خروج منه"ودعا رامسفيلد الى الاستقالة. وفكر الوزير قليلاً ثم قال ان ثلاثة جنرالات كل منهم يحمل اربع نجمات أي من اعلى الرتب وهم لا يتفقون مع كنيدي على ان الاميركيين في مستنقع. غير ان"واشنطن بوست"قالت ان الجنرال ابو زيد ومعه الجنرال جورج كيسي القائد الاميركي في العراق، والجنرال ريتشارد مايرز، رئيس الاركان العامة، ادلوا امام اللجنة بتصريحات تؤيد كلام كنيدي لا رامسفيلد. لعل هذا العناد في وجه حقيقة واضحة هو اخطر ما في الموضوع، فلماذا يغير الاميركيون اتجاههم اذا كانوا انتصروا او سينتصرون؟ وقبل ذلك كيف يمكن اصلاح اخطاء حرب بنيت على كذبة اسلحة الدمار الشامل والعلاقة مع القاعدة، اذا كانت الادارة ترفض الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه؟ المسؤولون في الادارة الذين لفقوا المعلومات عن العراق معروفون. وبول وولفوفيتز دعا الى مهاجمة العراق بعد ارهاب 11/9/2001 من دون معلومات، ودوغلاس فايث اسس مكتب الخطط الخاصة لتقديم معلومات الاستخبارات المطلوبة لحرب بعد ان عجزت الاستخبارات الرسمية عن تقديمها. وتبين من ترشيح جون بولتون سفيراً للولايات المتحدة لدى الاممالمتحدة انه حاول تضخيم المعلومات عن وجود اسلحة دمار شامل في سورية، تمهيداً لحرب عليها كالحرب على العراق، كأن كارثة مقتل عشرات الوف العراقيين، ونحو الفي جندي اميركي وحليف لا تكفي. وثمة كثيرون آخرون، ولكن بدل ان يعاقب المسؤولون عن القتل والدمار، ينتقل وولفوفيتز الى رئاسة البنك الدولي، ويرشح بولتون سفيراً لدى الاممالمتحدة، ويترك فايث المنصب الثالث في وزارة الدفاع هذا الشهر تحت وطأة فضيحة لاري فرانكلين، وهذا آخر متهم بالتجسس من عصابة تتجسس لاسرائيل، او تخدم اغراضها، منذ الستينات والسبعينات. مع اقتراب سنة على تسليم السلطة الى العراقيين نجد ان الوضع الامني في العراق اسوأ اليوم منه قبل سنة، وهو هذا الشهر اسوأ منه الشهر الماضي، والشهران يظهران ارقاماً قياسية في عدد القتلى من الجنود الاميركيين. مرة اخرى معلوماتي اميركية خالصة، والجنرال جون فاينز، احد اكبر القادة العسكريين الاميركيين في العراق، اكد ان الارهابيين الاميركيون يسمونهم INSURGENTS او متمردون، وأنا اصر على انهم ارهابيون TERRORISTS بدأوا يستخدمون متفجرات محسنة في الاشهر الاخيرة، وقد شنوا الشهر الماضي نحو 700 هجوم على اهداف اميركية، وواصلوا الضغط هذا الشهر، ورأيت رسماً بيانياً يظهر عدد القتلى الاميركيين كل شهر منذ بدء الحرب، وأعلى الارقام سجل هذه السنة، فقتل 33 جندياً اميركياً الشهر الماضي، و41 جندياً حتى 24 من هذا الشهر. وكل قتيل كارثة، غير ان الارقام الاميركية لا تقارن شيئاً بأرقام الضحايا من العراقيين الابرياء، فالعراق يخسر احياناً من ابنائه وبناته كل يوم ما يزيد على خسارة الاميركيين في شهر. ثم يأتي تشيني ورامسفليد ليناقضا جنرالاتهما ويؤكدا نصراً غير موجود، ما يجعلني اتوقع مزيداً من البلاء الذي نحن فيه.