تنصب الجهود والاتصالات قبل يومين من انتخابات رئاسة المجلس النيابي بعد غد الثلثاء على بلورة نهائية للكتل النيابية التي ستصوت للرئيس نبيه بري في هذا المنصب، فالاتفاق الضمني بين أربع كتل نيابية هي:"تيار المستقبل"بزعامة النائب سعد الدين رفيق الحريري و"اللقاء النيابي الديموقراطي"برئاسة النائب وليد جنبلاط، وكتلة"التنمية والمقاومة"برئاسة بري وكتلة"الوفاء للمقاومة"حزب الله يستطيع تأمين أكثرية 95 صوتاً مع حلفاء آخرين لبري من الموالين تضمن رئاسة بري للبرلمان في المرحلة المقبلة، استناداً الى التوافق السياسي الذي يوجبه الانسجام مع الاتفاق بين الكتلتين الشيعيتين الرئيستين على ان مواجهة الضغوط المقبلة لتنفيذ القرار 1559 تتطلب دعم رئيس حركة"أمل"في هذا الموقع. الا ان استمرار معارضة بعض القوى الرئيسة في المعارضة المسيحية لخيار بري، ولا سيما نواب"لقاء قرنة شهوان"دفع القوى المعنية الى السعي لتأمين نصاب مسيحي اضافي يؤيده إضافة الى النواب المسيحيين المنضوين في إطار كتلتي الحريري وجنبلاط و"أمل"و"حزب الله"، فاقتصار التأييد لبري على الكتل ذات الغالبية الاسلامية قد يسبب ردة فعل لدى بعض القوى المسيحية تضاف الى الأجواء الطائفية لتي ظهرت خلال الانتخابات. وتشير مصادر نيابية الى ان التركيز يجري على كسب تأييد نواب"الحركة الاصلاحية الكتائبية"التي يتزعمها الرئيس السابق للجمهورية أمين الجميل، ونواب"القوات اللبنانية"، مشيرة الى ان زيارة الحريري الى قائد"القوات اللبنانية"الدكتور سمير جعجع في سجنه بعد ظهر أمس لا بد أن تكون تطرقت الى هذا الأمر، خصوصاً ان نواب"القوات"لم يدلوا حتى الآن بموقف علني لا سلباً ولا ايجاباً، لكن بعض المصادر أشار الى اتجاه"القوات"6 نواب الى التصويت بورقة بيضاء"نظراً الى ان بري أخّر طرح قانون العفو عن جعجع على البرلمان قبل الانتخابات عن قصد". وفي تقدير مصادر نيابية أخرى مؤيدة لخيار بري أن على رغم تفهم مطالبة بعض كتل المعارضة لا سيما المسيحية بتغيير في الرئاسة الثانية، وتحفظاتها على أداء بري السابق،"فإن الحجة الأساسية التي يفترض أخذها في الاعتبار في هذه المرحلة هي أهمية الدور الذي لعبته حركة"أمل"و"حزب الله"في انفتاح الأجواء الشيعية على الكتائب برئاسة الجميل و"القوات"، عبر التأييد الواضح من قبلهما لمرشحي الطرفين في دائرة عاليه بعبدا، ومساهمة الأصوات الشيعية في إنجاح هذين المرشحين، فضلاً عن مغزى إحياء الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله لشعار الپ10452 كلم2 الذي كان أطلقه الرئيس الراحل الشيخ بشير الجميل، كبادرة انفتاح على"القوات"، إضافة الى اعلان بري انه سيعطي الأولوية لتمرير مشروع قانون العفو عن جعجع في أول جلسة تشريعية للبرلمان. وتفيد المعلومات بأن الحريري أجرى مروحة من المشاورات مع قوى معارضة لخيار بري في خلال الساعات الماضية مقابل ثبات نواب لقاء القرنة على استبعاده وتفضيلهم الورقة البيضاء ازاءه، بعد الخلافات الصاخبة بينه وبينهم على قانون الانتخاب قبل شهرين، وظروف وملابسات اعتماد قانون العام 2000 بدلاً من القضاء دائرة انتخابية. الا ان مصادر مقربة من بري اشارت الى انها مطمئنة الى ان موقف كتلة النائب الياس سكاف الزحلية ستدعم رئس حركة"أمل"، فيما أوضحت ان الاتصالات الجارية مع العماد ميشال عون عبر أصدقاء مشتركين تفيد بأنه لم يتخذ بعد موقفاً نهائياً بمعارضة خيار بري في انتظار معرفة الخيارات الأخرى المطروحة. ونقلت هذه المصادر عن عون قوله أن ما يهمه النهج أكثر من الشخص. وهكذا يظهر ان على رغم ان اتصالات عربية كانت أُجريت مع كل من الديبلوماسيتين الأميركية والفرنسية كي لا تتشددا في استبعاد خيار بري بسبب حساسية هذا الأمر بين الطوائف اللبنانية، خصوصاً الاسلامية، فإن النتيجة كانت استمرار الموقف المبدئي للدولتين بضرورة تغيير السلوك والنهج في البرلمان، لمصلحة الاصلاحات ومكافحة الفساد. لكن هذا التعديل في الموقف الدولي لا يعني تعديلاً في موقف بعض القوى المسيحية من بري. وتفيد أوساط مطلعة أن على رغم موجبات تأييد بري لأسباب تتعلق بمواجهة القرار 1559، فإن الاتصالات مع الأخير الذي بات من المؤكد أنه سيكون رئيساً للبرلمان، شملت وينتظر أن تشمل برنامج المرحلة المقبلة والمنهجية، ووجوب تعديل أسلوب رئيس المجلس. وتقول هذه الأوساط ان نقاشاً سبق أن حصل بين كل من الأمين العام لپ"حزب الله"السيد حسن نصرالله وجنبلاط من جهة وبين بري من جهة ثانية حيث دعا رئيس حركة"أمل"الى وجوب الأخذ في الاعتبار المتغيرات التي حصلت والتي تتطلب تسهيلاً للاصلاحات المطلوبة اقتصادياً وادارياً وأهمية أن يلعب بري دوراً في تمثيل حركة"أمل"بأشخاص بعيدين عن شبهة الفساد وعدم تغطية أي مخالفات تحصل من جانب من يمثلونها في الحكومة والادارة. وأكدت الأوساط نفسها أن مع تسليم الجميع بأن بري لم يكن العائق أمام الاصلاحات في المرحلة الماضية، بل ان المناخ السياسي الذي كان قائماً والذي ساهم فيه في شكل رئيسي رئيس الجمهورية اميل لحود ضد الرئيس الشهيد رفيق الحريري كان العامل الأساس في وضع العصي في دواليب الاصلاح فإن المرحلة المقبلة تتطلب مساهمة من بري في التعاطي بإيجابية مع تحدياتها.