لا شك في أن إدارة بوش محقّة في دعمها التغيير الديموقراطي في الشرق الأوسط العربي. ولكنّ المشكلة هي في كيفيّة إنجاز هذه العملية الحسّاسة. فإذا ضغطت الإدارة الأميركية بقوة لتحقيق الأمر، قيل أنها تحاول فرض إرادتها. وإذا هي لم تبذل جهداً كافياً، ثبت الرأي القائل أنّ أميركا تساند مبدأ الحريّة للناس جميعاً وتستثني العرب منهم. فينبغي التوصل الى موازنة تجمع الالتزام الحازم بمبادئ الديموقراطية الى فهم تركيب العالم العربي المعقد. ... وعبّرت إدارة بوش بوضوح عن التزامها مبادئ الديموقراطية. وينتظرها تحد هو تثبيت هذا الالتزام في مسارح الاضطراب في العالم العربي، أي العراق ولبنان وقطاع غزة. ومع أخذ تعدديّة العالم العربي في عين الاعتبار، ينبغي أن تدعم الإدارة الأميركية عند مقاربة الوضع في كل البلد العربي، حقوق الإنسان وأسس الحكومة الممثلة لكل شرائح المجتمع. ... ويتوجب على هذه الإدارة تشجّيع القادة العرب على تعميم سبل الإصلاح وتطويرها لتتماشى مع توقّعات المواطنين، ووضع معايير تسمح بقياس مدى التغيير. وينبغي كذلك التحفظ عن القادة العرب الذين يعلنون المبادرة الى إصلاح ديمقراطي، ويتناسون جوهر الاصلاح. فعلى سبيل المثال، طلب الرئيس المصري حسني مبارك، من البرلمان المصادقة على قانون يسمح بتنافس الأحزاب في الانتخابات الرئاسيّة. ولكن النظام الانتخابي الذي أوصى به مبارك، جعل مشاركة الأحزاب المستقلّة أمراً مستحيلاً.... وتسنّ البلدان العربيّة قواعد للمشاركة الديموقراطية خاصة بها. وعلى واشنطن أن تستعمل نفوذها لتحث هذه الدول على الانفتاح، وتدعم مشاركة المجموعات أو الاحزاب التي تتقيد بقواعد الديموقراطية، وتعزف عن العنف وتحترم المؤسسات، كلها من غير استثناء، ومن الخطأ استثناء الأحزاب الإسلامية، واعتبارها من غير تميز غير ديمقراطيّة أو ميّالة الى العنف. وأمّا الطريقة المثلى لتهميش المتطرّفين ودعاة العنف، فهي تشجيع مناهضي العنف. وعلى الادارة الاميركية التشديد على تمثيل الأقليّات في الحكومات، وايلاء هذا التمثيل اهتمامخاً واضحاً. وغالباً ما تصوّر وسائل الإعلام العربيّة الولاياتالمتحدة في صورة جائرة ومتميزة. ولكن الضغط على الصحافيين العرب ليس الحل، بل الحل هو دعم توسّع الإعلام المستقلّ. فيجدر ب"الحرّة"، القناة الفضائيّة الأميركيّة الناطقة بالعربيّة، نقل المداولات التشريعيّة والتظاهرات السياسيّة في الولاياتالمتحدة وغيرها من البلدان الديموقراطية، واطلاع العرب على إجراءات الأنظمة السياسيّة الحرّة، ومنها مساءلة ممثلي الشعب والصحافة كبار القادة. ويلزم بناء الديموقراطية إرادة سياسيّة ومهارات تقنيّة. ومن مسؤولية البلدان العربية توفير هذه الشروط. وفي المقابل، على الولاياتالمتحدة وغيرها من البلدان الديموقراطية لأخرى، مشاركة خبراتها مع هذه المناطق تحسين التعليم، ومكافحة الفساد، وتعزيز الاستثمار، وإزالة الحواجز التجاريّة. وعلى واشنطن إعادة النظر في منح تأشيرات الهجرة والسماح للعرب المسالمين بدخول الولاياتالمتحدة. ويساعد التبادل بين الولاياتالمتحدة والمجتمعات العربيّة تعزيز التفاهم بين الثقافات. وعلى القادة العرب أن يثقوا في أنّ السير نحو الديموقراطية يترجم نتائج مرضية في علاقاتهم مع الولاياتالمتحدة. ويعتمد التطوّر الديموقراطي في العالم العربي على المناقشات الداخليّة حول الهويّة الوطنيّة والمصالح والقيم والأهداف. وأما الفارق بين الديموقراطية والوضع الراهن فيكمن في انبثاق القرارات عن شرائح المجتمع مجتمعة، وليس عن شريحة واحدة. ولا يضمن صدور القرارات عن الكثرة موافقتنا عليها أو صوابها، ولكن شرعية القرارات أمر كاف. مادلين أولبرايت، وزيرة الخارجيّة الأميركية السابقة، وفين ويبر، سيناتور جمهوري سابق، واشنطن بوست الاميركية، 8/6/2005