سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ادارة بوش تواجه تحدياً في دعمها للتغيير الديمقراطي في العالم العربي . أولبرايت وويبر : البناء الديموقراطي يتطلب ارادة سياسية وعلى واشنطن دعم كل مجموعة او حزب يلتزم مبادئه
سلطت وزيرة الخارجية الاميركية السابقة ومديرة مجموعة أولبرايت ورئيسة مجلس ادارة المعهد الوطني الديموقراطي مادلين اولبرايت، والممثل السابق للحزب الجمهوري عن ولاية مينيسوتا ورئيس مجلس ادارة المجلس الوطني لتعزيز الديموقراطية فين ويبر، الضوء على السبل الصحيحة لتوجيه البلاد العربية نحو الديموقراطية. وابرزا في حديث قبل المشاركة في مؤتمر "القادة في دبي" الذي يعقد في 28 و29 تشرين الثاني نوفمبر 2005 في مدينة جميرا، اهم التحديات والواجبات التي يفترض على الدول العربية والادارة الاميركية مواجهتها لبلوغ هذا الهدف. وهنا نص الحديث: ادارة بوش تواجه تحدياً "تواجه ادارة بوش في دعمها للتغيير الديموقراطي في العالم العربي تحدياً يتمثل في كيفية المضي في هذه العملية الدقيقة. فإذا ضغطت الولاياتالمتحدة الامير كية بقوة على الانظمة السياسية في العالم العربي، أُخذ عليها محاولة لفرض ارادتها، ومن جهة أخرى، اذا لم يتم الضغط في شكل كافٍ، يزداد الشك بأنها تدعم الحرية لجميع الشعوب باستثناء الشعوب العربية. من هنا، يجب ايجاد توازن يجمع بين التزام مبادئ الديموقراطية من جهة، وفهم الواقع العربي من جهة اخرى. ولهذا الامر، شاركنا في الاشهر القليلة الماضية في رئاسة اجتماع ضم عدداً من الخبراء، نظمه المجلس الاستشاري للعلاقات الخارجية، بهدف وضع توصيات تتعلق بالسياسة الاميركية. وجاء بياننا الختامي بعنوان "في سبيل دعم الديموقراطية العربية: الاسباب والوسائل"، اذ ناقش فكرة عمل العرب على انشاء مجتمعات منفتحة ومزدهرة، واحتمال ابتعادهم عن التطرف فيما لو سنحت لهم فرصة التعبير عن همومهم بطريقة حرّة وسلمية. ويجب ان ندرك، حين نسعى الى الترويج للمؤسسات الديموقراطية في البلاد العربية، بأن التغيير المفاجئ ليس أمراً ضرورياً أو مرغوباً فيه، بل يكمن دورنا في تشجيع التطور الديموقراطي، وليس الثورات. لقد عبّرت ادارة بوش عن التزامها مبادئ الديموقراطية، وتواجه تحدياً في تطبيق هذه المبادئ في شكل فاعل في أماكن تشهد اضطرابات مثل العراق ولبنان وقطاع غزة. وتحرص على التعامل مع كل بلد في شكل مستقل بسبب التنوع الموجود في العالم العربي، وعلى بناء هذا التعامل على اسس تدعم حقوق الانسان والحكومات التمثيلية. ولتقويم التطور الحاصل، يجب تشجيع القادة العرب على تطوير "سبل الاصلاح" وتعميمها، لتوجيه توقّعات المواطنين وايجاد ثوابت يقاس وفقها مستوى التغيير. فضلاً عن ذلك، يجب على الادارة الاميركية التنبه الى وضع ثقتها في القادة الذين يدّعون القيام بإصلاحات ديموقراطية، بينما يتجاهلون في الواقع الاسس الحقيقية للديموقراطية. ونذكر على سبيل المثال الرئيس المصري حسني مبارك الذي طلب من البرلمان الموافقة على قيام انتخابات رئاسية متعددة الاحزاب. فعلى رغم انها تبدو خطوة ايجابية، اتضح ان النظام الذي يوصي به مبارك لن يتيح المجال امام الاحزاب المستقلة تماماً المشاركة في شكل فعلي. قدرة البلاد العربية على وضع القوانين وبالطبع، ستتمكن البلاد العربية من تأسيس قوانينها الخاصة المتعلقة بالمشاركة الديموقراطية، كما في امكان الولاياتالمتحدة الاميركية التأثير في هذه العملية الى حدّ ما، شرط ان تكون الحكومات متوجهة نحو الانفتاح. ولتحقيق ذلك، يجب على واشنطن دعم مشاركة كل مجموعة أو حزب برهن عن التزام حقيقي بمبادئ الديموقراطية، ومنها عدم اللجوء الى العنف، واحترام الاجراءات الدستورية. كما يتوجب اشراك الاحزاب الاسلامية، لأنه من الخطأ ابعادهم، اعتقاداً بأنهم غير ديموقراطيين أو ميالون نحو العنف. ففي الامكان تهميش المتطرفين العنيفين، عبر اتاحة المجال امام عدد اكبر من الاتجاهات المسالمة، ومراعاة اهمية تمثيل الاقليات. فمناقشة الدستور التي تجري الآن في العراق تمثل نموذجاً لدراسة هذا التحدي، حيث تحظى الكتلة الحاكمة على الشرعية بفضل نيلها دعماً انتخابياً، ولكنها لن تتمكن من الحكم بفاعلية الا اذا شعرت الاقليات بالامان. يُظهر الاعلام العربي الولاياتالمتحدة الاميركية بصورة غير عادلة. ويكمن الحل في معالجة ذلك في دعم نمو شركات الاعلام المستقل، وليس بالضغط على او معاقبة الصحافيين. وفي الوقت نفسه، يجب على الادارة الدببلوماسية الاميركية العامة العمل على الاهتمام باصلاحات ديموقراطية جديدة. ويجب على قناة "الحرة" التي تبث بالعربية من الولاياتالمتحدة ان تغطي في شكل كثيف اجتماعات المناقشات الاجتماعية والسياسية التي تقام في الولاياتالمتحدة ودول ديموقراطية اخرى، إذ على العرب ان يطّلعوا على كيفية عمل الانظمة السياسية الحرة، بما فيها استجواب القادة من جانب ممثلين عامين وصحافيين. ارادة سياسية وقدرات تقنية ويتطلب البناء الديموقراطي ارادة سياسية قوية من جانب، وقدرات تقنية كبيرة من جانب آخر. وبينما يتوجب على العرب توفير الارادة السياسية، يجب على الولاياتالمتحدة ان تسخى في تقديم خبراتها في مجالات عدة، مثل تحسين التعليم ومحاربة الفساد والترويج للاستثمار وإزالة الحواجز التجارية. كذلك، يتوجب على واشنطن اعادة النظر في قوانين تأشيرات الدخول الى الولاياتالمتحدة للقادمين من البلاد العربية، وادخال الأشخاص المسالمين الذين يشكلون الغالبية بسهولة ومن دون معاناة من التأخيرات المذلة. وستساعد عمليات التبادل بين مجتمعات الولاياتالمتحدة والبلاد العربية على جميع المستويات في التطوير والفهم المتبادل للثقافات. وعلى القادة العرب ان يدركوا ان سيرهم نحو الديموقراطية سيؤثر ايجاباً في علاقتهم بالولاياتالمتحدة، والعكس أيضاً صحيح، اذ يجب على البلاد التي تتوجه نحو الديموقراطية، الحصول على معاملة خاصة، في ما يتعلق بالتجارة والمساعدات، بينما يجب على واشنطن ان تبتعد عن الحكومات التي ترفض مع الوقت ان تعترف بحقوق مواطنيها. ويعتمد التطور الديموقراطي في العالم العربي، كما في سائر البلاد الاخرى، على مناقشات داخلية حول الانتماء الوطني والاهتمامات والقيم والاهداف. ففي الانظمة الديموقراطية، تتخذ الغالبية القرارات، وليس من جانب البعض فقط. لكن هذا الامر، لا يعني اننا نوافق على كل القرارات التي تتخذ، ولا يعني اننا نعتبرها قرارات صائبة، بل يؤكد فقط شرعيتها، وذلك كافٍ بالنسبة الينا".