سعى المجلس العسكري الذي نفّذ"انقلاباً أبيض"في موريتانيا، الى تثبيت سلطته أمس بعد يوم من اطاحة حكم الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطايع. وفي حين التزمت الدول المغاربية الصمت ازاء استيلاء العسكريين على السلطة في دولة عضو في اتحادهم الخماسي، أعلن الاتحاد الافريقي تعليق عضوية موريتانيا، في ضربة لجهود الانقلابيين للحصول على شرعية الأمر الواقع. وعلمت"الحياة"في الرباط ان الرئيس الطايع أُبلغ بالانقلاب عليه وهو في الجو بعد مغادرته المملكة العربية السعودية، وانه وافق بعد انتقاله الى النيجر على اعادة الطائرة الرئاسية الى موريتانيا لكنه رفض العودة الى البلاد والتنحي طوعاً عن الحكم. واستقبل رئيس قيادة"المجلس العسكري للعدالة والديموقراطية"العقيد أعلي ولد محمد فال، أمس، سفيري الولاياتالمتحدة وفرنسا في نواكشوط، في أول خطوة لمحاولة كسب دعم المجموعة الدولية. والتزمت العواصم المغاربية، أمس، الصمت لليوم الثاني بعد إعلان"المجلس العسكري"قلب حكم الرئيس الموريتاني. ولم تصدر أي بيانات تعبر فيها عن مواقفها من التطورات الحاصلة في نواكشوط منذ فجر الأربعاء. وتجنبت السلطات الليبية، التي ترأس أيضاً مجلس رئاسة إتحاد المغرب العربي، الحديث عن الوضع في موريتانيا، لكن مصادر ديبلوماسية مغاربية قالت ل"الحياة"أن الإتحاد لن يصدر على الأرجح أي موقف رسمي. وأرجعت ذلك إلى تناقض مصالح كل دولة إزاء التطورات في نواكشوط. وقالت مراجع ديبلوماسية ان ليبيا لن تكون حزينة لتنحية حكم الرئيس الطايع، مشيرة الى الخلاف بين الدولتين على خلفية اتهامات الرئيس الموريتاني الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي بالوقوف وراء محاولة انقلاب ضده في حزيران يونيو 2003. وكان وزير الخارجية الجزائري السيد محمد بجاوي في أديس أبابا أمس للمشاركة في القمة الطارئة للإتحاد الإفريقي برفقة السيد عبدالعزيز بلخادم وزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية. لكن الموقف المبدئي للجزائر من الإنقلابات ينص على عدم الإعتراف بأي حكم يأتي عبر الإنقلاب. غير ان حال الفتور في العلاقة مع حكم الرئيس معاوية طوال السنوات الأخيرة قد تدفع الجزائر إلى تجنب الاعتراض على"المجلس العسكري"الحاكم نظراً إلى وجود تقاليد إنقلابية في موريتانيا منذ الإستقلال. ورجح مصدر أن تكون الإدانة الوحيدة صادرة عن السلطات المغربية، لكن بعد اتضاح الصورة في شأن موقف الحاكمين الجدد في نواكشوط من قضية الصحراء الغربية. ويُلاحظ من تشكيلة"المجلس العسكري"، كما أعلنتها وكالة الأنباء الموريتانية الرسمية، إن الغالبية الساحقة من أعضاء المجلس في رتبة عقيد، وهي أعلى رتبة عسكرية في موريتانيا، ما يعني أن قرار الانقلاب على حكم الرئيس معاوية تم في أعلى هرم الجيش ومديرية الأمن المدني. ويقود المجلس المدير العام للأمن الموريتاني العقيد اعلي ولد محمد فال الذي وقف إلى جانب ولد الطايع في الانقلاب الذي قاده في 12 كانون الأول ديسمبر 1984 ضد الرئيس السابق محمد خونة ولد هيدالة الذي كان هو الآخر خارج البلاد في زيارة رسمية عندما أطاحه الانقلاب.