نواكشوط - «الحياة»، أ ف ب - يتوجه أكثر من 1.2 مليون ناخب في موريتانيا وفي نحو 20 بلداً في الاغتراب إلى صناديق الاقتراع اليوم السبت لاختيار رئيس جديد للبلاد من بين تسعة مرشحين، في اقتراع من المفترض أن يطوي أزمة إطاحة قادة الجيش الرئيس المنتخب ديموقراطياً سيدي ولد الشيخ عبدالله في آب (أغسطس) 2008. ويُعتبر قائد الانقلاب الجنرال محمد ولد عبدالعزيز أحد أبرز المتنافسين على منصب الرئاسة. وتأتي انتخابات اليوم كفرصة ليس فقط أمام الحكومة الموريتانية كي تستعيد الشرعية التي تطلبها الجهات المانحة والشركاء التجاريون وانما أيضاً لتغيير النمط السياسي في المنطقة والذي أضر بصدقية الديموقراطية في أفريقيا. وبدا الجنرال عبدالعزيز المرشح الجدي الوحيد لكن المعارضة أنهت مقاطعتها للانتخابات بعدما وافق الحكام العسكريون على تأجيل الانتخابات عن موعدها الأصلي في السادس من حزيران (يونيو) ودخل أعلي ولد محمد فال الذي قاد انقلاباً عسكرياً في 2005 والمعارض البارز السابق أحمد ولد دادة في المنافسة. ويقول ديبلوماسيون ان انتخابات حرة ونزيهة في البلد الصحراوي الحليف للغرب في حربه ضد «القاعدة» تمثل أهمية كبيرة للحكم والوحدة في هذا البلد الواقع في غرب أفريقيا. واستغل الرئيس الاميركي باراك أوباما خطاباً ألقاه في غانا ليؤكد للأفارقة أهمية الديموقراطية كأساس للسلام والرخاء. وتقول أجهزة وزارة الداخلية الموريتانية إن كل شيء بات جاهزاً لتنظيم الاقتراع كما أن المعدات الانتخابية، بما فيها بطاقات التصويت والقوائم الانتخابية المعدلة، ستوزع على مراكز الاقتراع في الوقت المحدد. وانتهت الحملة الانتخابية منتصف ليل الخميس. وعشية الانتخابات نفى وزير الداخلية الموريتاني محمد ولد ارزيزيم لقناة «الجزيرة» أي تدخلات في تسيير العملية الانتخابية، مؤكداً أنه كان استقال لو حصلت تدخلات فعلاً. وجاء موقفه في ظل مزاعم من معارضي المرشح الجنرال ولد عبدالعزيز بوجود نيّة للغش لمصلحته. وقال ولد ارزيزيم إنه لم يتلق أي دليل يُثبت ما قيل عن «شراء» بطاقات الناخبين، غير أنه لم يستبعد أن يكون ذلك حصل مع بعض المرشحين. وجاء موقفه بعد يوم من إعلان لجنة المتابعة في مجموعة الاتصال الدولية لموريتانيا، الخميس، أن كل الشروط باتت متوافرة لتنظيم الانتخابات الرئاسية التي يفترض أن تُنهي الأزمة المنبثقة من انقلاب السادس من آب 2008. وقال رئيس اللجنة محمد صالح النديف لوكالة «فرانس برس» إن «كل الشروط متوافرة ولدينا أكثر من 300 مراقب سينتشرون في كافة أنحاء البلاد». وأوضح النديف الذي شارك في المفاوضات التي أدت إلى توقيع اتفاق للخروج من الأزمة في الرابع من حزيران (يونيو) في نواكشوط، انه عقد مساء الأربعاء اجتماعاً مع القوى السياسية الرئيسية التي وقعت الاتفاق. وقال: «اجتمعنا وطلبنا منهم ان يثقوا بالعملية الانتخابية وأن يؤمنوا بها وأن يعملوا لكي تنظم الانتخابات بشفافية وفي أجواء هادئة». في غضون ذلك، أغلقت السلطات الموريتانية، الخميس، إذاعة «من أجل موريتانيا» الخاصة القريبة من المعارضة والتي افتتحت قبل فترة قصيرة من دون الحصول على ترخيص. وأكد عمر ولد دده أحد مسؤولي الإذاعة ل «فرانس برس» أن عناصر من هيئة الترخيص ومن الشرطة حضروا إلى المقر وقاموا بضبط موجودات الإذاعة التي تم إغلاقها. والإذاعة مقربة من مسعود ولد بلخير، وهو من بين المرشحين التسعة للانتخابات الرئاسية السبت. وافتتحت إذاعة «من أجل موريتانيا» بداية تموز (يوليو) وكانت تبث منذ بداية الحملة الانتخابية على موجة «أف أم» وتغطي مدينة نواكشوط، لكنها لم تحصل على ترخيص، كما قال ولد دده. وتتبع الإذاعة منظمة «من أجل موريتانيا» السياسية التي يعيش مسؤولوها في الخارج ويعارضون انقلاب السادس من آب 2008، في اطار «الجبهة الوطنية للدفاع عن الديموقراطية»، وهي ائتلاف من أحزاب ونقابات تدعم ترشيح ولد بلخير. وقال المسؤول في الإذاعة انها أسهمت في «إعادة طرح مسالة تحرير موجات الأثير وإغناء النقاش السياسي». المغرب العربي وأفريقيا السوداء وتُعتبر موريتانيا التي تشكل الصحراء ثلثي مساحتها (التي تبلغ مليوناً و30 ألف كيلومتر مربع) صلة وصل بين المغرب العربي وأفريقيا السوداء. وهي مطلة على المحيط الأطلسي وتحدها السنغال ومالي والجزائر والصحراء الغربية. ويبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة (بحسب معلومات البنك الدولي عام في 2006). نالت موريتانيا المستعمرة الفرنسية سابقاً استقلالها عام 1960 وترأسها مختار ولد داده الذي أطاح به انقلاب في 1978 بقيادة محمد ولد السالك. وفي 1984، أطاح العقيد معاوية ولد الطايع بنظام محمد خونا ولد هيدالة الذي كان يحكم منذ 1980. انتخب ولد الطايع رئيساً في 1992 ثم أعيد انتخابه في 1997 و2003. وفي آب 2005، تولت اللجنة العسكرية للعدالة والديموقراطية السلطة وبدأت عملية انتقالية ديموقراطية تخللها استفتاء دستوري وانتخابات تشريعية ثم رئاسية. وفي حزيران (يونيو) 2006، أدى استفتاء الى تبني دستور جديد ينص على نظام رئاسي انتخب اثره سيدي ولد الشيخ عبد الله في نيسان (أبريل) 2007 رئيساً. لكن بعد 15 شهراً على رأس الدولة، أطاحت مجموعة إنقلابية برئاسة الجنرال محمد ولد عبدالعزيز الرئيس المنتخب في آب 2008.