عيّن الرئيس السوداني الفريق عمر البشير، أمس، الزعيم الجديد ل"الحركة الشعبية لتحرير السودان"سالفا كير ميارديت نائباً أول له خلفاً للدكتور جون قرنق الذي قضى في حادث مروحية ليل السبت - الأحد الماضي على الحدود السودانية - الأوغندية. وفي وقت بدأ الهدوء يعود الى الخرطوم وضواحيها وبعض مدن الجنوب بعد أيام من المواجهات الاثنية والدينية بين الشماليين والجنوبيين التي أوقعت ما لا يقتل عن 130 قتيلاً ومئات الجرحى، أعدت الحكومة السودانية خطبة مركزية لأئمة المساجد اليوم بهدف تخفيف حدة الاحتقان في الشارع و"درء الفتنة". وكان آلاف الجنوبيين نزلوا الى الشوارع فور شيوع نبأ مقتل قرنق ورفضوا تصديق انه قضى في حادث ولجأوا الى تنفيذ اعتداءات على الشماليين. وذكرت وكالة الأنباء السودانية الرسمية ان الرئيس البشير أصدر أمس مرسوماً عيّن بموجبه سالفا في منصب النائب الأول للرئيس خلفاً لقرنق. واختارت"الحركة الشعبية"الإثنين بالاجماع كير رئيساً لها خلفاً لزعيمها الراحل. كما عُيّن رئيساً لمنطقة الجنوب التي تتمتع بحكم ذاتي. وكانت الحركة اقترحت اسمه لشغل منصب النائب الاول لرئيس السودان. ونقلت وكالة"فرانس برس"أمس عن المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الاحمر في الخرطوم لورينا بريمر ان اعمال الشغب التي وقعت في السودان منذ الاعلان عن مقتل الزعيم الجنوبي الإثنين احدثت 130 قتيلاً بينهم 111 في الخرطوم وحدها. وتابعت بريمر ان اعمال الشغب تواصلت أم س في ثلاثة احياء من محيط الخرطوم فيما اصبح الوضع مستقراً في وسط المدينة. وأوضحت ان"حصيلتنا الأخيرة تشير الى سقوط 130 قتيلاً و402 جريح منهم 111 قتيلاً و345 جريحاً في العاصمة الخرطوم، و13 قتيلاً و20 جريحاً في جوبا وستة قتلى و37 جريحاً في ملاكال"وهما مدينتان في جنوب البلاد. واضافت:"الحال الأمنية تحسنت كثيراً في المدينة لكن لم تتم السيطرة بعد على الوضع في المحيط حيث تتواصل اعمال الشغب في ثلاث ضواحي". ونقلت"فرانس برس"أيضاً عن مسؤول في"الحركة الشعبية"وشهود ان حوالى الف رجل من"الجيش الشعبي"انتشروا في جوبا كبرى مدن الجنوب التي ستشهد السبت جنازة قرنق. كتائب شمالية وطالبت مجموعة سودانية يتزعمها مسؤول حكومي رفيع واحد أقرباء رئيس الجمهورية الشماليين بتنظيم انفسهم في كتائب ضد الجنوبيين ومنح الشمال حق تقرير المصير واعادة النظر في اتفاقات السلام بين الخرطوم و"الحركة الشعبية". وفي وقت اجمعت القوى السياسية على"تكوين لجنة للسلام الاجتماعي"، أعدّت الحكومة خطبة مركزية لأئمة المساجد اليوم الجمعة"لدرء الفتنة". وعلمت"الحياة"ان أكثر من ثلاثين حزباً سياسياً ومنظمة طوعية غير حكومية باشرت اجتماعات أمس في الخرطوم في فندق"الغرين فلدج"لوضع خطة لتهدئة الاوضاع في العاصمة التي شهدت في الايام الماضية موجات من العنف والتوتر بعد مصرع قرنق. وأوضح القيادي في"التجمع الوطني الديموقراطي"السيد محمد وداعة ان الاجتماعات اسفرت عن"تكوين لجنة للسلام الاجتماعي"واختارت القيادى فى الحركة الدكتور محمد يوسف اميناً عاماً لها، ثم كونت سبع لجان فرعية في محليات العاصمة في كل من شرق النيل وبحري القديمة وام درمان وامبدة وكررى والخرطوم وجبل اولياء. وأشار الى ان خطة اللجنة هي"تطبيع الحياة في الخرطوم وازالة المظاهر المسلحة وتأكيد على دور العبادة ووسائل الاعلام في احتواء التوتر والحفاظ على الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي". وكلفت اللجنة ممثل الحركة الاتصال بالجانب الحكومي لابلاغه بتوصياتها والمطالبة بدعمها من خلال التوازن الاعلامي وتوجيه ائمة المساجد بوصفهم موظفين في الدولة بهدف تهدئة الأوضاع. وعُلم ان الحكومة اعدت خطبة مركزية سيلقيها ائمة مساجد العاصمة على المصلين ظهر اليوم الجمعة لدرء الفتنة والدعوة الى السلام والوحدة ونبذ العنصرية. كما سيقوم رجال الدين المسيحيين بدور مماثل الأحد في كنائس العاصمة السودانية. وفي السياق ذاته، أصدرت القوى السياسية السودانية نداءً الى السودانيين يطالب بالالتزام بالهدوء وضبط النفس وعدم التعامل بردود الافعال. وتنادت القوى الى اجتماع ازمة وطوارئ إثر رحيل الدكتور جون قرنق المفاجئ وتصاعد ردود الفعل واحداث الشغب والتخريب والتوتر العرقي والعنصري. وتعاهدت القوى السودانية على المضي قدماً"لاستكمال التطورات الدستورية الجديدة مما يرسخ السلام والتحول الديموقراطي ويقدم وحدة الوطن". ودعت الى"اجراء تحقيقات عاجلة وعادلة في ما حدث وتعويض الاضرار التي وقعت والعمل على تضميد الجراح والمساهمة في تجاوز الوضع الراهن". في غضون ذلك، أصدرت مجموعة تطلق على نفسها"منبر السلام العادل"يتزعمها وزير الدولة في وزارة الاعلام والاتصالات وخال الرئيس السوداني الطيب مصطفى بياناً مثيراً للجدل حملت فيه بشدة على السودانيين الجنوبيين، وقالت:"انهم انتهزوا مناسبة مصرع جون قرنق ونفثوا سماً زعافاً من الحقد الأعمى على ابناء الشمال فهتكوا الاعراض وقتلوا ونهبوا وأحرقوا". ودعت الشماليين الى تنظيم انفسهم في"كتائب العزة للدفاع عن انفسهم وممتلكاتهم والطلب من أمة المساجد والخطباء القيام بدور تعبوي من خلال منابر المساجد". وناشدت الحكومة"حماية الشماليين في الجنوب وترحيل من يرغب منهم الى الشمال ومنح الشماليين حق تقرير المصير"، معتبرة"غياب قرنق من الساحة السياسية يدعو الى اعادة النظر في اتفاق نيافاشا"للسلام بين الشمال والجنوب. واستهجنت القوى السياسية الشمالية التي كونت"لجنة السلام الاجتماعي"خطاب مجموعة"السلام العادل"ووصفته بأنه"بيان عنصرى يصب الزيت على النار"وشددت على"ضرورة هزيمة مثل هذه التيارات". ووجه أ ف ب"مجلس كنائس السودان الجديد"أمس نداء للسلام في البلاد. وقال المجلس في بيان اصدره في نيو سايت المدينةالجنوبية التي تشكل احد المقار العامة ل"الحركة الشعبية لتحرير السودان":"هذا يكفي وينبغي ان تتوقف الحرب". و"السودان الجديد"الذي تحدث عنه مجلس الكنائس يعني جنوب السودان الذي نص الدستور الناشئ من اتفاق السلام بين حكومة الخرطوم و"الجيش الشعبي"على منحه فترة حكم ذاتي تمتد ست سنوات قبل اجراء استفتاء على تقرير المصير. واعتبر المجلس ان"ما يحصل في الخرطوموجوبا وسواهما من المدن يشعرنا بأننا نعود الى عام 1955". وشهد السودان في ذلك العام، أي قبل عام واحد من نيل استقلاله من الادارة المشتركة البريطانية - المصرية، حركة تمرد مسيحية في الجنوب ضد السيطرة العربية الاسلامية على الشمال. وفي كامبالا أ ف ب، قالت مصادر رسمية ان اوغندا أرجأت أمس المراسم الوطنية لتشييع ضحاياها الذين قضوا في حادث تحطم مروحية نائب الرئيس السوداني جون قرنق لأن السودان لم يسلم جثثهم بعد. وقال وزير الاعلام الاوغندي نسابا بوتورو لوكالة"فرانس برس"ان"مراسم التشييع ارجئت لان الجثث لم تصل بعد". وفي اتلانتا رويترز قال الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون انه ينبغي للولايات المتحدة ان تزيد ضغوطها الديبلوماسية على السودان ليسمح بمزيد من جنود حفظ السلام الاجانب في أراضيه. واضاف قائلاً اثناء حضوره مؤتمراً في اتلانتا"ما يجب ان نفعله هو أن نحاول الذهاب الى الاممالمتحدة وأن نزيد الضغوط على الحكومة السودانية... هناك حاجة الى المزيد من الجنود هناك.