قال تقرير للأمم المتحدة ان غياب الرأي العلمي القاطع حول سلامة المواد المعدّلة وراثياً، وعدم وضوح النظام القانوني الدولي الممكن تطبيقه، وتضارب قواعد الأممالمتحدة مع منظمة التجارة العالمية في هذا المجال، يساهم في زيادة المنازعات التجارية حول المواد الغذائية الخاضعة للتقنية الوراثية. وقال مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية، يونكتاد في تقرير له، ان افتقار الوضوح في القوانين، في شكل خاص، سيرفع من النزاعات التجارية، وسيضع قواعد منظمة التجارة العالمية في تصادم مع بروتوكول الأممالمتحدة حول السلامة الإحيائية للمواد الغذائية، الذي يُنظّم أصول التجارة الدولية للمنتجات المعدّلة وراثياً. وقال التقرير:"من غير الواضح أي حُجّة قانونية ستسود أو يجب أن تسود لحل نزاع تجاري حول المواد المعدّلة وراثياً". وأضاف: بات الموضوع أكثر تعقيداً بسبب عدم مقدرة المجتمع التجاري الدولي في حلّ التداخلات بين القواعد التجارية، ومن ضمنها الاتفاقيات البيئية المتعددة الأطراف، التابعة للأمم المتحدة، وحقوق الدول والتزاماتها في إطار منظمة التجارة العالمية". ويُلزم بروتوكول الأممالمتحدة حول السلامة الإحيائية، الذي دخل حيّز التنفيذ في أيلول سبتمبر 2003، مصدّري المواد الغذائية المعدّلة وراثياً، أن يُزوّدوا مقدّماً الدول المستوردة وثائق حول منتجاتهم قبل أن يتولوا شحنها، كيّ تتمكن الجهة المستوردة من اتخاذ قرار بالسماح لها أو منعها من الدخول كما ينص البروتوكول على أنه ينبغي أن تُتخذ هذه القرارات على أسس علمية تتعلق بتقويم مخاطر المنتجات. كما ان منظمة التجارة العالمية ما زالت تناقش في إطار مفاوضات الدوحة، كيفية التعامل مع النزاعات الكامنة بين التجارة العالمية والاتفاقيات البيئية المتعددة الأطراف. وتقول كاتبة التقرير سيمونيتا زاريلي، المسؤولة القانونية في قسم مفاوضات التجارة والديبلوماسية التجارية في يونكتاد لپ"الحياة": هناك إمكان عالٍ بحصول"توتّر"بين الهيئتين الدوليتين، خصوصاً ما يتعلق بمبدأ الحيطة الذي تلجأ إليه الدول. وتتركز انتقادات التقرير على أن لغة الحيطة الواردة في البروتوكول تتصادم مع اتفاقية منظمة التجارة العالمية، حول تطبيقات إجراءات الصحة والصحة البيئية، التي تنص على أن القيود التي تفرض على المواد المعدّلة وراثياً يجب أن تستند الى أسس علمية فحسب. وقالت: ما نريد أن نقوله للدول النامية هو: كونوا حذرين، لأن هناك إطارين قانونيين ينطبقان على قضايا المواد المعدّلة وراثيا،ً وهما ليسا متطابقين". ويشير تقرير يونكتاد إلى أن المساحات المكرّسة لزراعة المحاصيل الزراعية المعدّلة وراثياً في ازدياد مستمر، اذ وصلت إلى 81 مليون هكتار في 17 دولة خلال عام 2004، وأن 60 في المئة من المجموع الكلي كان في الولاياتالمتحدة، تليها الأرجنتين 20 في المئة، وكندا، والبرازيل 6 في المئة والصين 5 في المئة. وهناك في المقابل، غالبية دول العالم، بما فيها الدول الأوروبية، فرضت قيوداً صارمة أو منعاً على استيراد المواد الغذائية المعدّلة وراثياً. وكان أول نزاع حول المواد المعدلة وراثياً رفعته الولاياتالمتحدةوالأرجنتين وكندا أمام منظمة التجارة العالمية ضد قرار أوروبي يمنع استيراد هذه المواد. ويُنتظر أن تتخذ المنظمة قرارها في أواسط حزيران يونيو المقبل. وترفض منظمة التجارة العالمية الحديث عن الخلاف طالما انه لا يزال أمام لجنة حل المنازعات. ومن الصعب التكهن بالصورة التي سيأخذها الحكم، خصوصاً أن الولاياتالمتحدة ليست طرفاً في بروتوكول الأممالمتحدة حول السلامة الإحيائية للمواد الغذائية، ولا في إجراءات الصحة والصحة البيئية. وأوضحت زاريلي لپ"الحياة":"أن المصالح الاقتصادية المرتبطة بالتجارة الدولية للمواد المعدلة وراثياً ضخمة جداً، وما زال الرأي العام حتى الآن منقسماً إذا كانت التقنيات الإحيائية في الزراعة تفرض مخاطر على صحة الإنسان، أم فرصاً جيدة لتحسين غذائه. ونتيجة ذلك، لم تنضم الولاياتالمتحدة، وهي أكبر منتج للمواد المعدلة وراثياً، الى البروتوكول ومن غير المرجح أن تنضم إليه في المستقبل، كما أن البروتوكول نفسه قد تم تفسيره بطرق مختلفة جداً".