لم تستمر الآمال التي انعشتها القمة المغربية - الجزائرية، في آذار مارس الماضي، بإمكان معاودة انطلاق اتحاد المغرب العربي سوى اسابيع قليلة. فإرجاء القمة المغاربية التي كانت مقررة اليوم وغداً في ليبيا، بعد حوالي عقد من الزمن على القمة الاخيرة، لا تؤكد فقط ان مشكلة الصحراء الغربية تمنع أي تقارب جدي بين الرباطوالجزائر، وانما قد تكون أيضاً الحجة التي تُدفع الى امام من اجل منع إقلاع الاتحاد من حال الجمود التي هو فيها عملياً منذ تشكيله. والملفت ان الدول الخمس تونس، ليبيا، الجزائر، المغرب، موريتانيا التي يضمها الاتحاد لا تترك مناسبة تمر من دون ان تعلن أن هدفها الاول هو العمل المغاربي المشترك وتفعيل مؤسسات الاتحاد. كما ان من الملفت ان سيناريو انتعاش الآمال بانعقاد القمة من اجل احياء هذه المؤسسات، يتكرر تقريباً منذ أكثر من عشر سنوات: تقارب مغربي - جزائري تعقبه اجراءات لاظهار حسن النية من الجانبين، فلقاءات ثنائية رفيعة المستوى، يليها اعلان ان مشكلة الصحراء غير مطروحة في جدول اعمال الاتحاد الذي تسارع رئاسته الى تحديد موعد للقمة المؤجلة. وسيناريو احباط القمة قد يكون هو نفسه ايضاً: يصدر موقف جزائري من حل قضية الصحراء، يليه رد عنيف من الرباط التي تعلن ان الملك لن يحضر القمة التي ترجأ مرة جديدة الى اجل غير مسمى. وقد يكون تكرار هذا السيناريو على هذا النحو يحمل على الاعتقاد بأن قضية الصحراء ليست السبب الوحيد وراء عرقلة تفعيل الاتحاد المغربي. وإلا لكان المعنيون اعلنوا تعليق العمل به حتى حل هذه المشكلة. وهم لو فعلوا ذلك، لكانوا وفروا على انفسهم وعلى شعوبهم كثيراً من الآمال المحبطة التي باتت موضع تندر أكثر من كونها تعزز مناخات فقدان الثقة. في مراحل التوترات الداخلية في كل من المغرب والجزائر، ذهبت التحليلات الى ان التأزم المرتبط بالصحراء الغربية كانت وظيفته زيادة اللحمة الداخلية حول الحكم في كل من البلدين اللذين تواجها يوماً عسكرياً في قضية حدودية. واستمد الحل السياسي لهذه المشكلة، برعاية الاممالمتحدة، صدقيته من بدء حلحلة الاوضاع الداخلية في المغرب مع بدء المصالحة مع المعارضة والتي افضت الى تجربة التناوب، ومع توجه الوضع في الجزائر الى حسم المواجهة مع الاسلاميين وصولاً الى المصالحة التي اطلقها الرئيس بوتفليقة. ومع تولي الملك محمد السادس للعرش في المغرب بعيد انتخاب الرئيس بوتفليقة توافرت فرص لدفع الحل الدولي في الصحراء، لكن هذه الفرص أهدرت، بعد اربعة اقتراحات للحلول قدمها الوسيط الدولي السابق جيمس بيكر الذي استقال يأساً من دون ان تجد المنظمة الدولية بديلاً لمعاودة تحريك الحل. فما يقبله المغرب ترفضه جبهة"بوليساريو"مدعومة من الجزائر، وما تقبله الاخيرة ترفضه الرباط. اتفق العاهل المغربي والرئيس الجزائري، في لقائهما الاخير على هامش القمة العربية، على تحييد الاتحاد المغاربي في نزاع الصحراء، الامر الذي أزال العقبة الوحيدة امام القمة المغاربية، فوجهت ليبيا الرئيسة الدورية للاتحاد الدعوات الى عقدها بعدما انهت ازمتها مع موريتانيا. لكن من غير المفهوم ان تكون هذه المشكلة بالذات وراء المقاطعة المغربية بعد موقف جزائري من الحل. وكأن الجزائر انتظرت عشية عقد القمة لتطلق موقفها. وكأن المغرب ينتظر هذا الموقف الجزائري ليعلن مقاطعته. فهل فعلاً ازمة الصحراء هي وراء تجميد عمل الاتحاد المغاربي، أم أن ثمة دوافع اخرى لا يرغب أحد في إثارتها حتى لا تقع عليه مسؤولية اعلان وفاة الاتحاد؟