وصفت مصادر ديبلوماسية في الرباط زيارة وزير الخارجية المغربي محمد بن عيسى الى الجزائر اليوم بأنها خطوة على طريق تفعيل خطة اتفق عليها البلدان في خريف العام الماضي خلال القمة التي جمعت العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة في نيويورك، والتي استهدفت تحسين العلاقات بين البلدين الجارين. وأشارت في هذا الصدد الى تنسيق المواقف في الحرب على الارهاب ومكافحة عمليات التهريب. ورجح مصدر جزائري أن يبحث الموفد المغربي خلال لقاءه الرئيس بوتفليقة ووزير الخارجية عبدالعزيز بلخادم اليوم في وضع الاتحاد المغاربي وقضية الصحراء الغربية. ولاحظت المصادر الديبلوماسية في الرباط، ان زيارة بن عيسى تأتي مباشرة بعد محادثات أجراها مع رئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس ثباتيرو ركزت على تطورات قضية الصحراء، واعتبرت ذلك مؤشراً لاستمزاج وجهات النظر التي ما زال يطبعها تباين إزاء هذا الملف. كما تأتي قبل محادثات سيجريها وزير الخارجية الفرنسي ميشال بارنييه مع المسؤولين المغاربة غداً الاحد، وعقب تصريحات لرئيس الوزراء الاسباني الجديد اقترح فيها فكرة تنظيم "قمة رباعية" تضم المغرب والجزائر واسبانيا وفرنسا للبحث في قضية الصحراء، ضمن ما يصفه ب"الخطوة الكبرى". لكن مصدراً سياسياً بارزاً، اكد ل"الحياة" في الجزائر أمس، ان بلاده حريصة على تأكيد رغبتها في "إنعاش" العلاقات المغاربية، إلا أنها ترفض المشاركة في "القمة الرباعية". وجدد المصدر رفض الرئيس بوتفليقة التحادث في شأن الصحراء الغربية "لأننا مقتنعون بأن هذا الموضوع له إطار واحد هو الأممالمتحدة". ويستند الفرنسيون والاسبان في هذا الطرح، الذي لم تقبله الجزائر، إلى القرار الأخير لمجلس الأمن الذي حض الأطراف المعنية على بدء مفاوضات على اقتراحات الوسيط الدولي جيمس بيكر. لكن مواقف الأطراف المعنية إزاء اقتراحات بيكر ما زال يكتنفه الغموض. ففي الوقت الذي يردد المغرب بأنه مستعد لمحاورة الجزائريين في هذا الشأن، تتمسك الجزائر بأن بوليساريو هي المعنية بالمفاوضات بالدرجة الأولى، وان بعض الاتفاقات ذات الصلة بنزاع الصحراء اكتفى بوضع الجزائر وموريتانيا بمثابة طرفين مراقبين في أية تسوية. وكان لافتاً أنه على رغم قراءة البلدين المختلفة لقرار مجلس الأمن الاخير في هذا الشأن، فإن المغرب والجزائر أبديا ارتياحهما للقرار. ما أفسح في المجال أمام تعبيد الطريق لحوار الجارين. وتعتبر زيارة الوزير بن عيسى إلى الجزائر الأولى منذ معاودة انتخاب الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لولاية جديدة، قد تساعده، بحسب أكثر من مراقب، في التعاطي ايجابياً مع ملف العلاقات مع الغرب. وأعرب الرئيس بوتفليقة والملك محمد السادس في رسائل تهنئة بالمناسبة، عزمهما تحسين العلاقات ودعم البناء المغاربي. واعتبر مراقبون دعم كل من المغرب والجزائر استضافة تونس القمة العربية، مؤشراً الى البدء في بناء موقف مغاربي جديد على رغم أن خلافات المغرب والجزائر حالت في نهاية العام الماضي دون استضافة الجزائر القمة المغاربية المؤجلة التي تحولت رئاستها الدورية إلى ليبيا. إلا أن العاهل المغربي والرئيس الجزائري لم يتمكنا من اللقاء على هامش قمة تونس.