على عكس هوليوود، تسعى هيئة الإذاعة البريطانية جاهدة إلى التعامل مع مجموعة جديدة من مزودي المحتوى المعلوماتي الذين تتلاقى مصالحهم واهتماماتهم مع مصالحها واهتماماتها، ألا وهم جمهورها. ويُعتبر موقع الأخبار التابع للهيئة أول منظمة عامة لجمع الأخبار في الغرب تعطي أهمية كبيرة للصور الفوتوغرافية والتقارير الصحافية التي يزوّدها بها زوّار الموقع. ... تقوم"بي بي سي"بعملها على خير وجه: من جهة تؤمّن التواصل مع جمهورها، ومن جهة أخرى، تجمع أفضل ما في العالم على المستويين الخاص والعام. إلاّ أنها ليست كاملة. فهي مؤسسة عامة معروفة ببيروقراطيتها التقليدية على قدر ما هي معروفة بحيويتها وبعد نظرها. وما تقدّمه عبر الإنترنت لطالما اعتُبر من قبيل التطلع قدماً، بيد أن خوفها على صيتها وسمعتها أدّى إلى اعتماد سياسات ضيقة في أمور كثيرة، مثل الارتباط بالمحيط الخارجي. ولم يكن موقع"بي بي سي"على الإنترنت ليرتبط إلا بالمحتويات الأخرى الخاصة به ... حتى جاء ستيف ماغدالينسكي، وهو"هاكر"وناشط، ... فعمد إلى"تمزيق"الأنباء الواردة من"بي بي سي"وبعثرتها، ليعيد ربطها في حلة جديدة. ... وبدلاً من أن تقاضيه"بي بي سي"، أنشأت المؤسسة ما يُعرف ب"كواليس بي بي سي"، عبارة عن خدمة أطلقت أخيراً، تعيد خلط المواد وتنظيمها. وتعمل دائرة النشر الإلكتروني في المؤسسة بواسطة"الكواليس"، على إدخال الأخبار العاجلة والمقالات والندوات... في نظام إدارة المحتوى، ثم تعيد نشره، في وحدات مبرمجة بمتناول القراصنة، متيحة لهم ربط ذلك المحتوى المعاد تأهيله، أو"المرسكل" بأي خدمة يمكن تخيّلها. أما ذروة نجاح"الكواليس"فهي الانفتاح على ما يسمى"الأرشيف الإبداعي"...، وهي محاولة لرقمنة كل المواد التي قد تكون"بي بي سي"كلفت أطرافاً أخرى تنفيذها، وتحديد حقوقها، ثم نشرها على الموقع، برخصة خاصة للعموم. هذا الأمر سيسمح للبريطانيين بتحميل المحتوى، وتوزيعه، وإعادة ربطه - لأغراض غير تجارية - بأفلام، أو موسيقى، أو مشاريع خاصة بهم، أو حتى ببحوثهم المدرسية. وفي صدد تأثير هذه الخطوة على محتوى التلفزيون الرقمي، تحديداً، ومحاولات الدول توقيف البث العادي... حاولت هوليوود ابتزاز"بي بي سي"بفرض شروط على الحقوق والامتيازات. ففي عام 2003، عندما أوقفت"بي بي سي"التشفير السري لبثها عبر الأقمار الاصطناعية، سمحت لمن يقتني جهاز استقبال حتى الفرنسيين والبلجيكيين بأن يشاهد برامج فضائية مجاناً. فخرجت الاستوديوات عن طورها لأنها تخسر عوائد التراخيص من القارة الأوروبية. وأقسمت هوليوود على مقاطعة"بي بي سي"وقالت: لا أفلام لكم! وجاء رد"بي بي سي"سريعاً: كل من يملك آلة تصوير يمكنه أن يكون منتج أفلام. ولكن مضاهاة"بي بي سي"يفترض 29 ألف موظف و78 سنة من الخبرة والعراقة. وعندما حلت سنة الاستوديوات المالية وكشف حساباتها، جاء مندوبو هوليوود إلى المؤسسة البريطانية، وطلبوا منها بكل تهذيب بعضاً من المال الذي تعوّدوا على جنيه من رُخَص البث الفضائي. عن كوري دوكتورو، موقع وايرد نيوز، 19/05/2005