استعادت اسعار معظم اسهم المصارف الاماراتية الخسائر التي منيت بها في بداية التداولات في سوق الاوراق المالية في دولة الامارات نهاية الاسبوع الماضي. وأغلقت على مستويات مرتفعة نسبياً بعد ان تراجعت بسبب قرار مصرف الامارات المركزي حرمان المصارف المخالفة لتعليماته في شأن تمويل المستثمرين للاكتتاب بأسهم الشركات الجديدة المطروحة في السوق من أي فوائد مالية حققتها نتيجة مخالفاتها. وقد اصابت تأثيرات قرار مصرف الامارات المركزي معظم المصارف الوطنية الاماراتية، اذ ان القرار لم يحدد المصارف المخالفة، واكتفى بالقول: ان جميع المصارف التزمت تعليماته باستثناء اربعة ودار كثير من الآراء امس بين المستثمرين وفي اسواق المال عن المصارف المخالفة، وأجمعت معظمها على ثلاثة منها، فيما لم يتم الجزم في شأن الرابع، في وقت رفضت البنوك وكثير من المستثمرين التعليق على قرار المركزي الى ان يتم الكشف عن المصارف الاربعة رسمياً. فقد قرر مصرف الامارات المركزي حرمان اربعة مصارف وطنية خالفت تعليماته في شأن تمويل شراء اسهم الشركات الجديدة من فوائد المبالغ المخالفة والبالغة 228.840 بليون درهم. وكشف المصرف المركزي ان جميع المصارف التزمت تعليماته الواردة في التعميم الرقم 2005/25 في شأن القروض المخصصة لتمويل شراء اسهم الشركات باستثناء اربعة مصارف. وترك بيان المصرف المركزي بعدم كشفه عن اسماء المصارف الاربعة الباب مفتوحاً امام الكثير من التكهنات حولها، اسفرت في اوساط المستثمرين عن الاجماع على ثلاثة منها فيما بقي الرابع محل تقديرات مختلفة، ما ترك اسهم جميع المصارف الوطنية عرضة لانخفاض واضح في الاسعار في بداية التعامل في سوق ابو ظبي قبل ان تستعيد بعض خسائرها في نهاية التداول. وقال مصرف الامارات في معرض تبريره القرار بانزال عقوبة بالمصارف المخالفة ان تمويلات المصارف الاربعة تعدت رؤوس اموالها واحتياطاتها وودائع عملائها بمبلغ اجمالي بلغ 228.840 بليون درهم. وأكد المصرف انه"سيقوم بحسم فوائد تلك المبالغ من حسابات المصارف المخالفة لديه من دون ان يحدد قيمتها. ولفتت مصادر مصرفية الى ان تأثير هذا القرار يتعدى المخالفات التي وقعت من جانب المصارف في تمويلها لعمليات شراء اسهم الشركات التي تم طرحها اخيراً، لجهة دفع المصارف الوطنية الى الالتزام الكامل بقراراته في شأن التمويلات لشراء الاسهم، والتي تنص على ألا تتعدى نسبة 1/4 أي منح أي مستثمر مبالغ تساوي اربعة اضعاف موجوداته المالية لديها. وكانت المصارف الاربعة المخالفة تخطت هذه النسبة بمعدلات متفاوتة وصلت الى اعطاء بعض كبار المستثمرين 50 ضعفاً، ما وفر له امكاناً عالياً لشراء كميات كبيرة من الاسهم المطروحة للشركات الجديدة. وحذر المصرف المركزي المصارف من العودة الى ارتكاب مثل هذه المخالفات في الاكتتابات المقبلة وحمل المديرين التنفيذيين في المصارف المخالفة كامل المسؤولية في هذا الصدد، محذراً من تكرار المخالفة. وقال انه اتخذ هذه الاجراءات حرصاً من مجلس ادارته على المصلحة العامة، وحفاظاً على تحقيق سياسة مبدأ تكافؤ الفرص بين المصارف، مؤكداً ان اجراءاته تهدف الى حماية صغار المستثمرين من الاضرار الناجمة عن ارتفاع كلفة التمويل بسبب تدني ما يخصص لهم من اسهم في مقابل مبالغ المشتريات التي تمولها لهم المصارف المخالفة في معظم الاحيان. وتؤكد مصادر مصرفية ان قرار مصرف الامارات المركزي في شأن التزام المصارف لنسب التمويل التي حددها لشراء الاسهم سيكون موضع اختبار جديد من جانب المصارف حيث سيتم طرح اسهم الشركة صروح العقارية ورأسمالها 2.5 بليون درهم للاكتتاب، اضافة الى الشركات الاخرى التي يتم طرحها ومنها شركة"القدرة القابضة"وشركة"الطاقة". وتتوقع المصادر ان تبدي المصارف التي لم تعلق على قرار المصرف المركزي التزاماً بالقرار بعد فرض المصرف عقوبات غير متوقعة على المصارف المخالفة. وتلفت المصادر الى ان مصرف الامارات المركزي الذي عانى سابقاً عدم تنفيذ المصارف لتعليماته في شأن نسب تمويل شراء الاسهم لسنوات طويلة ربما يكون قد تسلح بموقف مساند من اعلى السلطات السياسية في الامارات، ما مكنه من اصدار عقوبات شديدة وتنفيذها على المصارف المخالفة. وأجمعت المصادر المصرفية على ان قرار مصرف الامارات المركزي سيكون له تأثير ايجابي في الاكتتاب في اسهم الشركات الجديدة، لجهة خفض كلفة السهم واعطاء فرصة اكبر لصغار المستثمرين، فيما سينحصر التأثير السلبي له بانخفاض اسعار اسهم البنوك المخالفة عند التأكد منها وذلك لأن معظم المستثمرين في اسهم هذه المصارف وضعوا في حسبانهم ان هذه البنوك حققت ارباحاً وفوائد كبيرة من عمليات الاكتتاب بالأسهم التي مولت معظمها، وخصوصاً اسهم شركة"آبار"التي زادت لديها قيمة الاكتتاب في الاسهم المطروحة للمستثمرين عن 400 بليون درهم. وقال زياد الدباس المستشار المالي لبنك ابو ظبي الوطني لشؤون الاسهم ان تمويلات المصارف لشراء الاسهم اوجدت سيولة مصطنعة في الامارات ادت الى الاكتتاب في اسهم بعض الشركات بأرقام خيالية لا تعبر عن قيمة الاكتتابات الفعلية. ولفت الى ان تمويلات المصارف تشكل ما لا يقل عن 90 في المئة من الاموال المكتتب فيها، مؤكداً انه ستترتب كذلك تأثيرات سلبية على سوق الاصدار الاولي لجهة ارتفاع كلفة شراء اسهم الشركات، حيث ان كلفة السهم وصلت الى ما بين 4 و5 اضعاف قيمته الاسمية، فيما بلغت قيمته السوقية 7 و8 اضعاف القيمة الاسمية، ما يشكل مخاطرة كبيرة في الاستثمار بأسهم هذه الشركات. ولفت الدباس الى ان التمويلات الخيالية من جانب المصارف التي ذهب معظمها الى كبار المستثمرين أدت الى انخفاض نسبة التخصيص لصغار المستثمرين وحرمانهم بالتالي من الحصول على عدد مناسب من الاسهم بما يسهم في توظيف مدخراتهم، وهو احد الاسباب الرئيسة لتأسيس الشركات المساهمة في الامارات. وأكد الدباس ان قرار المصرف المركزي في شأن معاقبة المصارف المخالفة يحافظ على هيبة المصرف وقوته والدور الذي يلعبه في رسم السياسة النقدية في دولة الامارات والحفاظ على استقرار الاسواق المالية فيها.