سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
استثماراته تتجاوز 3 بلايين جنيه وتشمل تصنيع طائرات في روسيا . رجل الأعمال المصري إبراهيم كامل ل "الحياة" : العلاقة الجيدة مع الدول الكبرى والبلدان العربية وإسرائيل تصب في مصلحة مصر
الدكتور إبراهيم كامل نموذج فريد من رجال الأعمال، يشبه الأممالمتحدة في جمعها كل القارات. فهو يعمل في أسواق دولية عدة. وفي الوقت نفسه يترأس مجلس الأعمال المصري - الروسي والمجلس المصري - الأوروبي، وترأس في السابق الجانب المصري في المجلس الرئاسي المصري - الأميركي، وجمعية رجال الأعمال البريطانية - المصرية، وله علاقة وطيدة بالفلسطينيين عموماً، وأطلق البعض عليه لقب "رجل المتناقضات"، لكن بحكمة وعقلانية. وهو يرتبط بعلاقة جيدة مع القيادات السياسية في الدول التي يعمل فيها من جهة، ومع المنظمات الأهلية والمجتمع المدني من جهة أخرى. وهو يرى أن هذه العلاقة تنعكس إيجاباً على بلاده. في مصر، يعمل كامل في مجالات عدة، ويرأس مجموعة كاتو للاستثمار، وشركة سيروكو ايروسبيس الدولية للطيران، التي تمتلك 25 في المئة من أحد المصانع المهمة لإنتاج الطائرات في روسيا. وتتوزع استثماراته التي تتجاوز الثلاثة بلايين جنيه على قطاعات عدة. التقته "الحياة" للوقوف على جديده، وتقييمه لزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمصر أخيراً، وهي أول زيارة لرئيس روسيا الاتحادية، كما طلبت منه تقويم العلاقة التجارية مع الولاياتالمتحدة وإسرائيل وأوروبا والدول العربية. وهنا نص الحوار: يرى البعض أنك رجل روسيا الأول في مصر والعكس أيضاً صحيح، ومن هذا الموقع أنت الأفضل في تقويم زيارة الرئيس بوتين الأخيرة لمصر اقتصادياً؟ - أولاً لي تعليق على قولك أنني رجل روسيا في مصر. أنا رجل مصر في مصر. وأرى دائماً أن وجود علاقة طيبة بين مصر وروسيا الاتحادية، ومن قبلها الاتحاد السوفياتي، هو شيء مطلوب وصحي لبلدي، ومن هذا المنطلق أتحرك، تلك العلاقة لا تأتي بسهولة. وكثيراً ما قَبِل الرئيس السادات مني أموراً معينة وتباحثنا في أمور عدة للحفاظ على هذه العلاقة. وأرى أن زيارة الرئيس بوتين هي أول زيارة لرئيس روسيا الاتحادية لمصر، لأن زيارة الرئيس السابق يلتسن لشرم الشيخ لم تكن زيارة رسمية بل لحضور مؤتمر السلام. وأعتقد أن بوتين من أعقل الرؤساء حالياً، فهو يحافظ على علاقة متزنة مع الولاياتالمتحدة، ويسعى لعلاقة طيبة مع الصين وأوروبا، ويشارك في اجتماعات مشتركة، وبالتالي يمكننا القول، إنه أعاد صوغ أسلوب السياسة الخارجية الروسية في التعاطي مع العالم المتغير. وفي لقاءات بوتين ومبارك نرى التطابق أقرب من التباعد، والزيارة الأخيرة تأتي في وقت نتمنى أن يأخذ الموضوع الفلسطيني - الإسرائيلي شكلاً مقبولاً ويحسم الوضع المتردي، إذ يمكن روسيا لعب دور إيجابي حالياً ومستقبلاً. إذاً هناك تعاون اقتصادي تم تفعيله؟ - أهم شيء في الشق الاقتصادي، أن روسيا لديها تقدم تكنولوجي كبير في بعض المجالات، وهي أعلنت استعدادها التام للتعاون مع مصر في تطوير التكنولوجيا ونقلها. ويعتبر إبداء روسيا استعدادها من دون تردد للتعاون أمراً مهماً. في المجال التجاري الذي كانت تحكمه علاقة بين حكومتين، تغيرت الصورة الآن تماماً، بعدما حصل تقصير من القطاع الخاص والحكومة المصرية، خلال الفترة الانتقالية في روسيا من النظام السوفياتي التقليدي الى نظام اقتصاد السوق. ففي هذه الفترة، أوقفت مصر صادراتها إلى الاتحاد السوفياتي لوجود اختلالات عدة. في الوقت نفسه قدمت تركيا تسهيلات ائتمانية للاتحاد السوفياتي واستأثر الأتراك بالسوق في مرحلة حرجة. طبعاً الفارق كبير بين جانبين أحدهما أحجم مصر والآخر تشجع تركيا، إضافة إلى أن المصدرين المصريين تعودوا العمل تحت مظلة حكومية في ظل وضع معين في الاتحاد السوفياتي. وللأسف لم يستوعب المصريون التغيير الذي صحبه كم كبير جداً من المخاطر، ولم تكن عندنا وقتها شركات ضمان مخاطر، ما أضاع السوق الروسي من أيدينا. ما العمل إذاً لاستعادة هذه الثقة؟ - حالياً، وبعد الاستقرار النسبي في الأسواق الروسية، والفهم الأكثر لدى المصدرين المصريين، انتعشت الصادرات، وبدأت حركة إيجابية للتوجه إلى هذه السوق، الذي ستثبت الفترة المقبلة انها سوق واعدة. ما هي ملامح الحركة لتشجيع ذلك؟ - التشجيع من الحكومة والقطاع الخاص لدعم الصادرات. واستقرار الوضع في مصر ينعكس ايجاباً بالطبع، ونتوقع مستقبلاً مزدهراً للتجارة بين مصر وروسيا. صناعة الطيران هذا في شكل عام. لكن ماذا عن علاقة إبراهيم كامل الحالية بروسيا، وهو يترأس الجانب المصري في مجلس الأعمال المشترك، ونائب رئيس جمعية الصداقة المصرية -الروسية، على مدى 30 عاماً، ومن أكبر المستثمرين المصريين هناك؟ - أنا شريك أساس في مشروع طيران كبير لصنع عائلة طائرة "تي يو 204" التي تنتجها روسيا، وبحكم خبرتي، أرى أن الشعب الروسي يحب المصريين، ولهذا أتاح لي الاستثمار في هذا المجال. وهناك مشاريع تعد علامة بارزة، أولها مشروع السد العالي الذي حمى مصر من مخاطر نقص المياه. وبالنسبة الى الاستثمارات ومشروع الطيران الذي ينتج الطائرات المتوسطة الحجم والمدى، فهو مشروع دولي أكثر منه روسياً. فالطائرة تُنتج في روسيا بمحركات رولزرويس البريطانية، ويتم إنتاج جزء كبير من قمرة القيادة في الولاياتالمتحدة، وهذا خليط تكنولوجي له فائدة كبيرة. فروسيا مشهود لها بإنتاج أفضل جسم للطائرات، ورولزرويس تنتج محركات ممتازة، وهني ويل الأميركية تتمتع بشهرة عالمية في صنع الافيونيكس، وقد انتهينا اخيراً عبر الشركة التي أترأسها سيروكو في مصر، من تنفيذ قرض من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، بعد وقت طويل من البحث والدراسة، مع أحد المصارف الفرنسية ومجموعة مصارف مصرية.، وهذا يعني أن التمويل سيصبح دولياً أيضاً، وبالدرجة الأولى للعقود التي تحصل عليها الشركة المصرية، التي يشارك فيها بنك القاهرة. هذا التوجه العالمي لتمويل عقود الشركة سيعطي سيروكو القدرة على عمل تعاقدات أكبر. ما قيمة التمويل الدولي في مرحلته الأولى؟ - قيمة التمويل نحو 65 مليون دولار، ونتوقع أن تتضاعف القيمة من جانب المؤسسات الدولية بعد تنفيذ العقود. كذلك بدأت المصارف الروسية تنظر إلى الأمر بجدية، وأرجو أن يتحول الكلام الجيد إلى واقع في التنفيذ. وقد قمنا على سبيل المثال ببيع صفقة للصين، وهناك محادثات متقدمة مع دولتين لبيعهما طائرات، أما عن الطائرات التي تم إنتاجها فعلاً، فجزء منها يعمل بين مصر وأوروبا على رحلات شارتر، أما الطائرات المنتجة من الطراز نفسه والمخصصة للشحن، فتوجد منها اثنتان لدى شركة "تي إن تي"، وتعمل بكفاية في الأجواء الأوروبية أيضاً. هل يمكنك الافصاح عن اسم الدولتين المتوقع حصولهما على الطائرات؟ - ضاحكاً: إعلاني عنهما هو إفشاء لسر حربي، تعلم أن هناك تنافساً مع عملاقين، أميركي وأوروبي، ما يتطلب الحرص. وماذا عن صفقة الصين وكم تبلغ قيمتها؟ - اشترى الصينيون خمس طائرات وهناك حديث عن شراء 10 أخرى، ولو تحقق العقد الأخير سيكون الإجمالي 500 مليون دولار، وقيمة الدفعة الأولى هي 165 مليون دولار. مع مَنْ يكون الاتفاق؟ - الاتفاق يكون مع شركة سيروكو الأم في مصر، التي تقوم بدورها باتفاق مع المصنع، علماً أن "سيروكو" تملك 25 في المئة من مصنع انتاج الطائرات في روسيا. و"سيروكو" مصرية مئة في المئة، وملكيتها موزعة بين شركتنا وأفراد وبنك القاهرة. ماذا يمثل لك الإقدام على مثل هذه الخطوة. دخول مجال الطيران مستثمراً؟ - الإقدام على هذه الخطوة ليس يسيراً، لكن أتوقع أن تكون من أنجح الخطوات التي اتخذناها. ويمكن مع الوقت أن تصبح "سيروكو" اللاعب الثالث في مجال انتاج الطائرات المتوسطة الحجم، إلى جانب العملاقين الأميركي والأوروبي. ويمكن ايضاً، مع الوقت، انتاج أجزاء من هذه الطائرة في مصر أو في المنطقة العربية، كما يمكن أن يتم التجميع في مرحلة متقدمة، إضافة إلى قيام مراكز صيانة. بدأنا خطوة مهمة على طريق طويل، وأرجو أن ننجح في إضافة هذه الصناعة المهمة الى الصناعات الناجحة مصرياً وعربياً. هل هناك خطط معينة سيتم تنفيذها، وما هي ملامحها؟ - هناك تصور للمستقبل. فخلال السنوات المقبلة ستصل مبيعاتنا من هذا النوع من الطائرات الى 25 و30 طائرة سنوياً، وبقيمة 1.5 بليون دولار. وعلى رغم تحفظي الشديد عن هذه التقديرات، فإن عملية إنتاج طائرة مسألة غاية في التشعب وقصة كبيرة جداً. من يدعمك في القاهرة وفي موسكو؟ - الكل في مصر يدعمنا معنوياً، ولكن الدعم المادي جاء من بنك القاهرة، الذي وقف إلى جانبنا في المرحلة الأولى من المشروع، خصوصاً خلال فترة التطوير. والآن تدخل المؤسسات الدولية لتمويل الإنتاج الذي يتم التعاقد عليه. كما أن تشغيل الطائرات التي تم إنتاجها سواء للركاب، وتحمل الواحدة منها 210 ركاب لمدة طيران 6.5 ساعات، أو للشحن، وتحمل الواحدة منها 27 طناً ولمدة طيران خمس ساعات، أعطانا ثقة في هذه الطائرة لا حدود لها، وبالتالي بدأنا مرحلة التسويق الجدي في أماكن عدة. وستشهد سنة 2006 نتائج إيجابية للغاية. وماذا عن الدعم الروسي؟ - يمكن روسيا أن تساعد كثيراً، لو وفرت المصارف الروسية جزءاً من التمويل اللازم لتنفيذ عقود البيع، ولو تقوم الدولة بإعفاء المحركات من الرسوم الجمركية لكي نتمكن من بيع الطائرة لشركات الطيران الروسية. العلاقة مع الدول الكبرى قال لي أحد العاملين في السفارة المصرية في روسيا، عندما يأتي إلينا إبراهيم كامل نتخيل أن مصر كلها تزورنا، ما تعليقك؟ - في الحقيقة، لي في روسيا صداقات كثيرة، كما هو الحال في دول أخرى، وأنا أكرسها لخدمة مصالح بلدي، لذلك يحكم علاقتي مع السفراء المصريين نوع من تبادل الآراء ووجهات النظر والتحرك سوياً نحو تحقيق الأهداف المرجوة، وغالباً ما تكون المحصلة والنتائج إيجابية، والسفير المصري الحالي في روسيا رؤوف سعد، رجل يتمتع بقدر كبير من الذكاء ومجتهد جداً ويؤدي دوره على أكمل وجه. ما الفرق بين التعاون مع الاتحاد السوفياتي والتعاون مع روسيا؟ - النظام الاقتصادي في روسيا تغير بأسرع مما يتخيل الناس، ما أوجد تساؤلات عن توجهاتهم تجاه الأعمال والمستثمرين. إلا أنني أعتقد أنه تغير للأفضل. وبعد 20 سنة ستصبح روسيا قوة اقتصادية عظمى. أليست قوة اقتصادية حالياً؟ - هي قوة عسكرية عظمى، والجانب الاقتصادي ليس موازياً للجانب العسكري حالياً. وهناك حقائق لا تعرفها العامة، وهي أن روسيا ليس فيها أمية، وتملك ثلث الموارد الطبيعية في العالم، إضافة إلى التكنولوجيا المتقدمة جداً في بعض المجالات، ولم يكن للأسف في الماضي مسموحاً لهذه التكنولوجيا المتقدمة بالانتقال من المجال العسكري إلى المجالات المدنية. لكنها بدأت الآن تتحرك في الاتجاه المدني. أضف إلى ذلك ان القيادة السياسية المتزنة أو الاستقرار النسبي الذي تشهده، من شأنهما أن يدفعا بها اقتصادياً وبسرعة، لتصبح في المستقبل القريب قوة عظمى اقتصادية. ماذا يعني انتقالك من روسيا إلى الولاياتالمتحدة أو جمعك بين السوقين، وأيهما الأهم من وجهة نظرك بالنسبة الى مصر؟ - الجمع بين الطرفين الروسي والأميركي، هو لمصلحة مصر بالدرجة الأولى، وكما دافعت دائماً عن ضرورة وجود علاقة قوية مع روسيا، فلا بد أيضاً من أن تحافظ مصر على أفضل علاقة ممكنة مع الولاياتالمتحدة، لأن مواقع الاختلاف بيننا شبه معدومة، على رغم اختلاف الكثير معي حول هذه النظرة. والمشكلات بين مصر والولاياتالمتحدة تظهر عندما يدخل الموضوع الفلسطيني- الإسرائيلي في المعادلة. ما عدا ذلك، فنحن نشترك مع أميركا ودول أخرى في مناورات عسكرية تحقق فائدة لكل المشتركين، وهذا أكبر دليل على قوة العلاقة. وأميركا قدمت لمصر نحو 60 بليون دولار على مدى ال25 عاماً الماضية، في شكل منح عسكرية ومدنية لا ترد. كذلك عندما طلب الرئيس مبارك من أميركا شطب اكثر من سبعة بلايين دولار ديوناً عسكرية، وكانت هذه الديون بفوائد عالية جداً، ما سيترتب عليه سداد مصر لأضعاف المبلغ، ووافقت أميركا على شطبها بالكامل، كما ساعدت مع أعضاء نادي باريس وغيرهم، في شطب جزء كبير من الديون المصرية. ولا يمكننا بالتالي القول إن العلاقة المصرية - الأميركية يشوبها عداء أميركي للمصالح المصرية. بل العكس هو الصحيح، العلاقة أكثر من صحية ومن يقول غير ذلك فهو غير منصف. يتصور البعض أن هذه المساعدات يمكن ان تؤثر في القرار المصري وتضع قيوداً على السياسة المصرية عموماً؟ - أنا شاهد على التاريخ. فمنذ بدأت زيارات الرئيس السادات وتلتها زيارات الرئيس مبارك، مصر لم ولن تفرط أبداً في قرارها في يوم من الأيام. أقول ذلك مخلصاً، فأنا عايشت الجلسات العلنية وبعض الجلسات المغلقة أثناء الاجتماعات المصرية - الأميركية، وأقول بأعلى الصوت إن مصر كانت دائماً تقرر ما هو في المصلحة المصرية، من دون النظر لأي اعتبار آخر. ولو كان الخيار في أي لحظة بين التأثير السلبي في مصلحة مصر والاستغناء عن المنح والمساعدات، فأنا على يقين من أن القيادة السياسية المصرية ما كانت لتتردد لحظة في الانحياز الى المصلحة القومية. ولكنني أتساءل: هل من الحكمة ان اختلافك مع الصديق في الغرف المغلقة يجب أن يتخذ شكلاً من أشكال التحدي العلني لكي تكون وطنياً وقومياً؟ هناك أمور لا ينبغي أن تخرج إلى العلن، وأي خلاف في وجهات النظر يجب ألا يتحول إلى صدام من اجل الصدام. قد يحدث بين الأصدقاء خلاف في أمر ما. حرب العراق الأخيرة مثلاً رفضتها مصر أسلوباً وتنفيذاً وأعلنت رأيها، هل هذا معناه أننا نتدخل في الشؤون الداخلية للولايات المتحدة؟ تلك وجهة نظركم. ولكم الحرية في طرحها. لكني شخصياً لا اعتقد أنها الحقيقة، فالغالبية تلمس تدخلاً أميركياً في شؤوننا, ويصل الأمر إلى التلويح بقطع المعونات عن مصر؟ - في الحقيقة، لا بد من أن نفرق بين ما يقوله شخص ما، وبين السياسة المعلنة للدولة. كنت، ولمدة ست سنوات تقريباً رئيساً للجانب المصري في المجلس الرئاسي المصري - الأميركي، ولم ألحظ أي تدخل أميركي في شؤوننا الداخلية. طبعاً هذه وجهة نظري، ولكني اعتقد ليست بعيدة من الحقيقة بحكم قربي جداً من هذه العلاقة، التي ينبغي أن تكون ممتازة، لأن ذلك في مصلحة مصر. ماذا عن الجناح الثالث أي التعاون بين مصر وأوروبا؟ - هذا موضوع لا خلاف عليه. يفصلنا عن أوروبا البحر المتوسط، وهناك تأثير متبادل بيننا وبين الأوروبيين، خصوصاً في المجال الثقافي، واعتبر أن اتفاق الشراكة الذي دخل حيز التنفيذ عام 2004، هو خطوة مهمة أتمنى أن تحقق لمصر عائداً ايجابياً في السنوات المقبلة. على رغم تحفظ البعض عنه وتخوف البعض الآخر منه؟ - اتفاق الشراكة ليس عقيدة دينية، بل هو وثيقة قابلة للتطوير، وما تم رفضه في السابق من الجانب الأوروبي أثناء المفاوضات، يمكن تعديله. هنا يبرز الدور الأهلي إلى جانب الدور الحكومي. في هذا الإطار بدأ المجلس المصري - الاوروبي الذي أترأسه، العمل بالتنسيق مع الوزراء المعنيين على إدخال التعديلات المناسبة، في الوقت المناسب، والتي يمكن أن تزيد من إيجابيات الاتفاقية. التعاون مع الدول العربية وماذا عن العالم العربي؟ - لقد توليت للتو رئاسة مجلس الأعمال المصري- السوداني، وأرجو أن أنجح في تحقيق التكامل المنشود في أقرب وقت ممكن. أما عن بقية العالم العربي، فهناك بطء صارخ في التعاون الاقتصادي. و اعتقد بلا مجاملة، أن هناك تقصيراً غير طبيعي على المستويات كافة في الخطوات التي تتخذ لتحقيق التكامل، الذي كان يمكن أن يحقق الكثير. لكن للأسف ما زالت الرؤية ضيقة جداً. على سبيل المثال، الطفرة التي حدثت في أسعار البترول في الفترة الماضية، انعكست ايجاباً على اقتصاديات الدول البترولية، والكل يعلم ان مصر في حاجة ماسة إلى استثمارات كبيرة، وفي قطاعات حيوية. ولكن للأسف يظل مستوى الاستثمار العربي المباشر متوقفاً عند حدود مخجلة. قد يرى البعض في ذلك مبرراً بوجود بيروقراطية تعوق العمل؟ - نعم عندي بيروقراطية لكني أسعى الى تحسينها وتطويرها. لكن هل يختلف اثنان على أن مصر القوية اقتصادياً هي سند حقيقي لكل العرب؟ إذاً من البديهي أن يبادر العرب الى تعزيز مصادر القوة المصرية. مصر القوية في كل المجالات دعم أكيد لكل العرب. يعني ذلك انك تطلب مساعدة عربية لمصر؟ - إذا كنت تعني مساعدة بمعنى منح لا ترد، فهذا ما لا أعنيه إطلاقاً، أنا اطلب فقط استثماراً عربياً مباشراً في مصر، وهذا سيحقق للعرب أمرين: أكبر قدر من العائدات. ضماناً إضافياً لهم، لأنهم يستثمرون أموالهم في مناطق خطرة. أما مصر ففيها من الأمان والاستقرار ما يكفي، وأنا لا أغالي ان قلت ان وضع كل الفوائض العربية في الأسواق المالية الغربية، وإن كانت حققت قدراً من الأمان في الماضي، فإن الحاضر والمستقبل يختلفان، وتنويع أماكن الاستثمار أمر مطلوب، خصوصاً في عالم يتغير سياسياً وثقافياً واجتماعياً واقتصادياً. العلاقة مع إسرائيل ماذا عن التعاون مع إسرائيل وكيف ترى هذا التعاون؟ - إسرائيل دولة جوار وينبغي ان أحافظ على علاقة طيبة معها. هذا الرأي ربما كان جديداً على الساحة الاقتصادية، وهو أن إسرائيل دولة جوار؟ - الواقع الجغرافي والإنساني يقول ذلك، إسرائيل دولة جوار، وأدعي أن تأثير مصر في القرار الإسرائيلي ايجاباً، رهن بقرب مصر من إسرائيل والشعب الإسرائيلي، نحن جربنا المقاطعة والخلاف والحروب. هل حققت النتيجة المرجوة؟ كلا. * هل ترى تعاوناً بين رجال الأعمال قريباً؟ - رجال الأعمال جزء من المجتمع، وكل لقاء يتم بين مصريين وإسرائيليين هو أمر طبيعي ويؤثر نفسياً وايجاباً في الإسرائيلي، ويؤسس نوعاً من الفكر يُدعم ضرورة إحلال السلام محل الصراع والدمار، ولكن تظل أمامنا مشكلة، وهي أن التحركات الفردية المحدودة تحقق فقط فائدة محدودة، وبالتالي نحن بحاجة إلى فكر يجمعنا لمخاطبة الآخر، وحضه على إيجاد البيئة المناسبة لعمل مشترك. ألست معي أن هناك حاجزاً معنوياً هائلاً على الإسرائيليين إزالته؟ - أنا معك في هذا، وحاولت أكثر من مرة شرح هذا الأمر للإسرائيليين، وهو أن عدم قدرة إسرائيل على التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين يشكل الأساس للرفض العربي، خصوصاً أنه من السهل حل موضوعي لبنان وسورية. ما هي نتيجة مثل هذه المحاولات، سواء من جانبكم أو من جانب رجال أعمال آخرين؟ - ما سعيت وأسعى إليه يشمل رجال أعمال عرباً كثيرين، واعرفهم جيداً، وهم من أصحاب الرأي نفسه الذي يقول إن التقارب الاقتصادي الجاد يمكن أن ينهي الصراع الفلسطيني -الإسرائيلي. لكن البعض يُدرج ذلك تحت مظلة التطبيع؟ - يا أخي، الظروف اختلفت، والقضية الفلسطينية ينبغي حلها حقناً للدماء التي تُهرق في المنطقة، وعلينا تجربة ما لم نجربه في السابق. إن كنت تقصد المفاوضات، فهي قائمة ومتزامنة مع الحل العسكري ايضاً. - عن أي حل عسكري تتكلم ؟ انتصار طرف على آخر وفرض شروطه؟ هذا الحل غير مقبول وغير واقعي، المقاومة الفلسطينية قدمت أرواح عشرات الآلاف، وحان الوقت للوصول إلى حل يحقق الأمن والسلام للمواطن الفلسطيني والمواطن الإسرائيلي. بعودة إلى رجال الأعمال العرب. لماذا لا تتبنى دعوة من تعرفهم من هؤلاء للقيام بتحرك فاعل داخل إسرائيل، وبزيارات متبادلة بما يعني ايجاد لوبي اقتصادي يمكن أن يؤثر في القرار الإسرائيلي؟ - أتمنى. لكن ذلك يحتاج إلى آليات معينة ومحددة وفاعلة. مثل ماذا؟ - ما طرحته في سؤالك يتجاوز دور المواطن العادي، هذا الدور ينبغي أن يكون عليه قدر كبير من الاتفاق بين هؤلاء، وبين القيادة السياسية في الدول التي يعيشون على أرضها. وبالتالي من يتبنى الدعوة بحاجة إلى دعم سياسي. وإن كانت بلا شك خطوة يمكن أن تكون مؤثرة جداً في حال الإقدام عليها. هل يعني ذلك أنك ستتبنى مثل هذه الدعوة؟ - يمكن أن أتبناها بعد دراسة متأنية لكي تكون احتمالات النجاح عالية جداً، خصوصاً أنه لا بد من أن تتزامن الخطوات على هذا الطريق الاقتصادي مع اتفاق فلسطيني - إسرائيلي لحسم القضية، واعطاء كل ذي حق حقه، ويمكن بلورة ذلك في ثلاث نقاط: الأولى: اننا لا نكره أي تعاون مع الشعب الإسرائيلي. الثانية: على الشعب الإسرائيلي أن يمارس ضغوطاً على حكومته وعلى الكنيست لحسم الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي بطريقة عادلة في مدة أقصاها ثلاثة أشهر. الثالثة: سيكون هناك بمجرد توقيع الاتفاق تعاون اقتصادي عربي - إسرائيلي يسير بخطى جادة مع تنفيذ اتفاق الحل النهائي. إذاً أنت ترى ضرورة في التعاون المشترك؟ - يا أخي، أنا كنت أحد المسؤولين عن جمع التبرعات لمنظمة فتح أثناء دراستي في أميركا، وكان لي شرف زيارة المعسكرات الفلسطينية في الستينات. في المقابل ذهبت إلى إسرائيل عام 1997، والتقيت أركان الحكومة ورجال الأعمال هناك، وأتابع الآن بكل تقدير واحترام ما يقوم به الرئيس أبو مازن، وأرى أن في إسرائيل نوايا مخلصة لحسم الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، لكن في المقابل هناك من يقف حجر عثرة في طريق الحل النهائي والعادل لهذه القضية. هل تعرف ان مؤتمر مينا هاوس الشهير في نهاية السبعينات، والذي كان مخصصاً فيه مقعد لفلسطين، وكان العلم الفلسطيني يرفرف فوق المبنى، لم يحضره فلسطيني واحد، وطلبت وقتها من الدكتور نبيل شعث أن يستأذن أبو عمار في السماح لي بالجلوس على هذا المقعد وأمامي العلم حتى لا يبقى خالياً، والدكتور نبيل شعث حي يرزق. تلك كانت فرصة ممتازة لحسم الصراع، ونحن كعرب أضعناها. يعني ذلك انك تُحمِّل الفلسطينيين عدم حل القضية؟ - لا لم اقل ذلك اطلاقاً. أنا اعرف مدى تعنت إسرائيل، وأدرك أيضاً ما تعرض له الفلسطينيون وما يتعرضون له، ولكنني مؤمن بأن حلول المشكلات المعقدة لا تقدم على صوانٍ من ذهب، إنما تحتاج إلى دفع وتحرك، وفكر وأساليب يقبلها العالم الذي نعيش فيه. هناك رجال أعمال عرب معروفون زاروا إسرائيل وأنكروا الزيارة. ما تعليقك؟ - هؤلاء ضعفاء وأنا أكره ذلك، لأنه تعاون يحقق لهم مصلحة شخصية. أكرر أن الشعب الإسرائيلي لا بد أن يعرف أن الشعب العربي على استعداد للعيش معه في سلام، إذا نجح الشعب في التوصل إلى اتفاق سلام عادل مع الشعب الفلسطيني. الاستثمار في مصر * لنعد الى الاستثمار. ما هو حجم استثماراتك في مصر وفي أي مجالات تستثمر؟ - بعد سنوات عجاف أصبح العمل أفضل ما يمكن في مجالات السياحة والفنادق والصناعة، وأرى أن الوضع الراهن في مصر غير مسبوق، والحكومة تعمل بكل طاقتها وتشجع كل مستثمر مخلص. وبالنسبة إلي، نحن انتهينا من إقامة وتشغيل مطار العلمين الدولي في منطقة الساحل الشمالي، وهو مشروع بنظام BOT، وبدأ يستقبل طائرات شارتر. وبالمناسبة هذا الساحل مؤهل لكي يكون اكثر المناطق جذباً للاستثمار في مصر في السنوات المقبلة. المنطقة لم تصل إليها يد البناء الجيد والجاد في الماضي، لكن افتتحنا إضافة إلى المطار، اجمل فندق على البحر المتوسط، وهو فندق مكون من 300 غرفة وجناح، تديره شركة موفينبيك العالمية. وهناك مشاريع تتجاوز قيمتها الأربعة بلايين جنيه، ندرسها بجدية، بينها مشروعان في شمال سيناء بمشاركة عربية وأجنبية، الاول للزجاج والثاني لتنمية مدينة سياحية كاملة. كيف تنظر إلى مجتمع الأعمال المصري؟ - انظر إليه بكل احترام، وهناك كثير من رجال الأعمال مميزون جداً في مقدمهم عائلة ساويرس التي تقوم بعمل ناجح وعظيم داخلياً وخارجياً، ومحمد نصير وحسن راتب في صناعة الإسمنت، وهشام طلعت مصطفى في مجالات التنمية والفنادق وأحمد بهجت في الصناعة والعقار، وشريف المغربي في الزراعة، وأحمد وشريف الزيات في الصناعة، وأمين أباظة في مجال القطن، وجلال الزوربا في تصنيع الملابس الجاهزة وتصديرها، وخالد أبو إسماعيل شهبندر في التجارة، ومحمد فريد خميس ورائد وعلاء هاشم في الموكيت والسجاد، وأحمد عز في صناعة الحديد، ومحمد أبو العينين في صناعة السيراميك ومجالات أخرى، وحسين سالم ومصطفى رشدي وعائلة دياب وعائلة شتا وغيرهم كثيرون. ان بلادنا في موقع فريد، وعلينا إضافة الكثير إلى هذا الموقع للاستفادة من أهله الطيبين، ولكي نحصل على نصيبنا العادل إقليمياً ودولياً. والوطنيون كثيرون ويمكنهم تحقيق ذلك بكل اخلاص وتفانٍ.