الخبر الذي أوردته وسائل الإعلام قبل أيام عن تعاون بين الكاتب والسيناريست المصري المعروف أسامة أنور عكاشة والمخرج السوري حاتم علي، سيشكل التطور الأهم في الجدال الذي دار لفترة طويلة بين من قارنوا الدراما المصرية بالدراما السورية. هذا الجدال الذي كان معظمه بلا فائدة وتخلله تبادل حاد للآراء السلبية بلغ ذروته في تصريحات المخرج نجدت أنزور. يقول الخبر ان عكاشة كتب مسلسلاً بعنوان"إبحار في زمن عاصف"ستقوم شركة سورية الدولية بانتاجه ويتولى اخراجه حاتم علي. والواقع ان هذه المزاوجة بين حساسية عكاشة المتميزة في كتابة شخصياته ورسم انفعالاتها الداخلية ومصائرها وحساسية حاتم علي الذي كشف في السنوات الأخيرة عن ذكاء درامي وتلفزيوني جعله يحتل مكانة لافتة بين المخرجين السوريين. هذه المزاوجة يتوقع أن تُظهر صورة تلفزيونية تجمع بين الطبقات السردية الكثيفة التي يعرف عكاشة كيف يحرّك أبطاله فوق سطحها بخفة والتصورات الاخراجية الخصبة التي يعالج بها حاتم علي، عادة، الشخصية المكتوبة ويحولها من الورق الى الشاشة بطريقة مؤثرة. والسبب الأهم الذي يمكن أن يضمن نجاح حاتم علي في التعامل مع نص عكاشة هو كون حاتم علي قادماً في الأساس من عالم الكتابة، فهو، لمن لا يعرف، قاص وكاتب مسرحي وممثل. فهو يدرك مسبقاً المخيلة السردية التي تُكتب عبرها الشخصيات في أي قصة أو رواية. إنه يملك خبرة وممارسة تخولانه التعاطي مع نص عكاشة بسلاسة وفهم عميق، وهو قادر على مزج ثقافته ككاتب مع حساسيته كمخرج مع تاريخ عكاشة الدرامي البالغ الثراء. وهذا ما يمكن أن يؤسس لحوار حقيقي وجذاب بين الدراما المصرية والدراما السورية. ما يمكنه أن يدعم هذا الحوار ويعززه ويقويه هو خبر آخر من النوع نفسه ولكن في الاتجاه المعاكس، إذ يقوم المخرج السوري هيثم حقي بإدارة مجموعة ممثلين مصريين في مسلسل تقوم ببطولته سميرة أحمد. الواقع ان هذين المسلسلين سيكسران النظرة القديمة للمقارنة بين الدراما السورية والدراما المصرية. أو سيكون بداية لكسرها. إذ لا يخفى على أحد أن الجدال السابق جعل الأمور تبدو وكأن أي تعاون مستقبلي سيكون بمثابة"تنازل"عن الريادة من الدراما المصرية و"تفوق"للدراما السورية عليها. والأرجح ان هذا التعاون سيظهر خطأ هذا التفكير والتجاوزات والمبالغات التي ارتكبت تحت شعاره. ما زال مبكراً الحديث عن النتائج التي سيحققها هذان المسلسلان ولكن، في الوقت نفسه، يمكن المشاهدين أن يراهنوا على سمعة أسامة أنور عكاشة العطرة في الكتابة التلفزيونية وتشهد له فيها مسلسلات ناجحة باتت تشكل علامات في تاريخ الدراما العربية ومنها، على سبيل المثال:"ليالي الحلمية"و"زيزينيا"و"الراية البيضاء"... وأن يراهنوا، كذلك، على الحرفية العالية لمخيلة المخرج هيثم حقي التي رسختها أعمال متميزة ومنها:"هجرة القلوب الى القلوب"و"خان الحرير"و"سيرة آل الجلالي"... وعن حساسية حاتم علي الذي لا تزال مسلسلاته الثلاثة الأخيرة تعرض في فضائيات عدة وهي"التغريبة الفلسطينية"و"الزير سالم"و"أحلام كبيرة". رمضان المقبل سيكون اختباراً للمشاهدين أمام هذا التعاون الذي يمكن نجاحه أن يُتبع بأعمال أخرى... وعلينا أن ننتظر.