إذا كان مفهوم السياسي يعني في البلدان المتحضرة، هو الرجل أو المرأة الذي يتكلم نيابة عن الآخرين بصفته ممثلاً عنهم شرعاً فهذا المفهوم يختلف عندنا نحن العرب قليلاً فقط من حيث ان السياسي هو أيضاً ممثل عنّا ولنا ولكن من دون شرعاً هذه، تختلف النسبة هنا من بلد الى آخر... وهذا المفهوم أي السياسي لو أعدناه الى أصوله لن نجد لدينا في القاموس سوى كلمة أو مفهوم السائس، والسائس"يا سادة يا كرام وأبناء الكرام"هو رجل ذو حنكة معينة في التعامل مع البهائم كان يُكلف من قبل سيد القوم في زمن قبائلنا القديمة بترويض خيول القبيلة والعناية في شأنها ليجعلها تتقبل أن يمتطيها الآخرون من فرسان القبيلة أو غيرهم. ولم يكن السائس في ذلك الزمن يتمتع بالمكانة التي يرتقي اليها سياسي الزمن المعاصر، فدائماً كان السائس يقبع في الظل بدليل ان أي واحد منكم الآن لا يخطر في باله اسم سائس خيول واحد على مر العصور بعكس الخيول التي تم ترويضها، فمن منا لم يسمع بداحس، أو الغبراء، أو الأبجر حصان عنترة الشهير الذي وازت شهرته شهرة عبس ذاتها؟ والسؤال المحير هو: لماذا تمّت استعارة مفهوم السائس وتحويله الى مفهوم سياسي؟ هل هو ردّ اعتبار تاريخي للسائس في شكل ما؟ أم لأن ساستنا الأوائل نظروا الينا على أننا خيول جامحة تحتاج للترويض؟ وإذا كان الأمر كذلك، وأنا شخصياً أراه كذلك فهل كانت نية ساستنا الأوائل تنصرف للامتطاء بعد الترويض؟ دعونا من هذه لأنها تقارب فعل الوسواس الذي يوسوس لكم وفيكم وعليكم... ودعوني أتساءل ببراءة غير كاملة... أكان من الضروري أن يطبّق الساسة ما طُبّق على الخيول وهي على ما تعرفون تنتمي الى فصيلة أخرى هي فصيلة الحيوانات"أجلّكم"؟ مرة أخرى أقول دعوكم من هذه أيضاً لأنها كسابقتها ولاحظوا معي بأن الحمير"من دون أجلّكم هذه المرة"لم تحتج على مر الأزمنة لأي سائس فهي وعلى الدوام مسيّسة"خلقة"و"هات يا مين يركَب"وهي بذلك وفّرت على سيد القوم كامل أجور السائس وعلى مرّ أزمنة قبائلنا العدّية!! انظروا الى شعوبنا العربية منذ فجر الاستقلال أي من خمسينات أو ستينات القرن الماضي والى الآن ماذا ترون؟ ألم يكن الأجدى أن يتم توفير كافة الأجور والتكاليف الباهظة لسياسيينا؟ على اعتبار ان الأمور بالنتائج فما هي النتائج التي أوصل سياسيو العرب اليها شعوبهم؟ هل كانت الأمور ستكون أسوأ من دون أولئك السياسيين؟! لا أعتقد!! من ضياع فلسطين الى غزو العراق الى ما هو آتٍ كأعظم!! أحياناً يلطفون المسألة فيقولون راعي ورعية أي نحت الأخيرة!! ألا نستحق كشعوب أن تتم مخاطبتنا بأرقة من مفاهيم الحيوانات؟ بدأ يتولّد لدي الشك في ذلك من حيث أن الجواب: كلا! اللاذقية - علي يوسف النوا