شراكة إستراتيجية بين مجموعة فقيه للرعاية الصحية وشركة فوسون فارما    الجبير يستقبل وفدًا من معهد الحوار السويدي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا    هيئة الصحفيين بعسير تنظّم جلسة عن "الصحافة التلفزيونية والسياحة"    ولي العهد يوجه بإطلاق اسم الدكتور مطلب النفيسة على أحد شوارع الرياض    أمير حائل يستقبل رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد    القهوة السعودية .. أحدث إصدارات مكتبة الملك عبدالعزيز العامة    بتنظيم من جمعية الآتار والتراث .. إنطلاق فعالية سوق اول بالقطيف    هيئة كبار العلماء تجدّد التأكيد على فتوى وجوب استخراج تصريح الحج    أمير جازان يرعى انطلاق المبادرة الوطنية "أمش 30"    أنشيلوتي: سنواصل المنافسة على لقب الدوري الإسباني    بيان سعودي قطري: سداد متأخرات سوريا لدى مجموعة البنك الدولي    مدير عام الجوازات المكلّف يرأس اجتماع قيادات الجوازات لاستعراض خطة أعمال موسم الحج 1446ه    أمير جازان يستقبل مدير فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة    البنك السعودي الأول يحقق 2.1 مليار ريال سعودي صافي دخل    60 ٪ من النساء أكثر عرضة للإصابة بمتلازمة العش الفارغ مقارنة بالرجال    القيادة تهنئ رئيس جمهورية توغو بذكرى استقلال بلاده    بلدية القطيف تطلق "مبادرة التوت القطيفي" بمشاركة 80 متطوعاً    مبادرة لتنظيف بحر وشاطئ الزبنة بمشاركة واسعة من الجهات الحكومية والتطوعية    المياه الوطنية تنتهي من تنفيذ مشاريع حيوية للمياه لخدمة أحياء الياقوت والزمرد واللؤلؤ في جدة    دوري يلو.. نيوم لحسم اللقب.. ومواجهات منتظرة في صراع "البلاي أوف"    عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى    "بر الشرقية" تُجدد التزامها المجتمعي في اليوم العالمي لليتيم 2025 م    بدرية عيسى: شغفي بالكلمة دفعني لمجال الإعلام.. ومواقع التواصل قلب نابض بحرية التعبير        أمطار رعدية ورياح نشطة على عدة مناطق بالمملكة    القيادة تعزي الرئيس الإيراني في ضحايا انفجار ميناء رجائي بمدينة بندر عباس    قلصت الكويت وقت الإقامة والصلاة في المساجد ؟ توفيرا للكهرباء    حسين الشيخ نائبا للرئيس الفلسطيني    أمير الباحة: نتائج مبشرة في رحلة التحول    حددت الشروط والمزايا..اللائحة الجديدة للاستثمار: تخصيص أراضٍ وإعفاءات رسوم للمستثمرين الأجانب    الآبار اليدوية القديمة في الحدود الشمالية.. شواهد على عبقرية الإنسان وصموده في مواجهة الطبيعة    ضبط أكثر من 19.3 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    "المنافذ الجمركية" تسجل 1314 حالة ضبط خلال أسبوع    وزير الحرس: ما تحقق مبعث فخر واعتزاز    نائب أمير مكة: اقتصاد مزدهر لرفعة الوطن    ينتظر الفائز من السد وكاواساكي.. النصر يقسو على يوكوهاما ويتأهل لنصف النهائي    أمير الشرقية: إنجازات نوعية لمستقبل تنموي واعد    المملكة تفتح أبواب جناحها في معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025    تغلب على بوريرام بثلاثية.. الأهلي يضرب موعداً نارياً مع الهلال في نصف نهائي النخبة الآسيوية    خادم الحرمين: نعتز بما قدمه أبناء الوطن وما تحقق جعل المملكة نموذجاً عالمياً    أمة من الروبوتات    الأردن.. مصير نواب "العمل الإسلامي" معلق بالقضاء بعد حظر الإخوان    فخر واعتزاز بالوطن والقيادة    اللواء عطية: المواطنة الواعية ركيزة الأمن الوطني    1500 متخصص من 30 دولة يبحثون تطورات طب طوارئ الأطفال    أرقام وإحصائيات وإنجازات نوعية    برشلونة يعمق جراح ريال مدريد ويتوج بلقب كاس ملك إسبانيا    الجبير يترأس وفد المملكة في مراسم تشييع بابا الفاتيكان    وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تنظم ملتقى المسؤولية الاجتماعية    تدشين الحملة الوطنيه للمشي في محافظة محايل والمراكز التابعه    قدراتنا البشرية في رؤية 2030    اكتشاف لأقدم نملة في التاريخ    الحكومة اليمنية تحذر موظفي ميناء رأس عيسى من الانخراط في عمليات تفريغ وقود غير قانونية بضغط من الحوثيين    800 إصابة بالحصبة بأمريكا    فواتير الدفع مضرة صحيا    الذكور الأكثر إقبالا على بالونة المعدة    إمام المسجد الحرام: الإيمان والعبادة أساسا عمارة الأرض والتقدم الحقيقي للأمم    الشيخ صلاح البدير يؤم المصلين في جامع السلطان محمد تكروفان الأعظم بالمالديف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاعتراف الأخير ... قصة البرنامج النووي العراقي يرويها المسؤولان عن انشائه وتطويره . حملة "ثعلب الصحراء" ... صدام يبدل نظام حمايته تضليلاً للأقمار الاصطناعية 7 من 7

يمكننا أن ندرج في أدناه أحداثاً أوصلتنا إلى 17 كانون الأول من عام 1998 يوم بدء عملية ثعلب الصحراء 7 :
في 5 آب 1998: قرر العراق إيقاف تعاونه مع لجان التفتيش ريثما يقرر مجلس الأمن رفع الحصار عن مبيعات النفط العراقي.
في 9 أيلول: أصدر مجلس الأمن القرار 1194 الذي طالب فيه العراق بإلغاء قراره المتخذ في 5 آب. ودعا قرار مجلس الأمن الجديد إلى عودة التعاون الكامل بين العراق ولجنة الأونسكوم والوكالة الدولية للطاقة الذرية.
في 31 تشرين الأول: أعلن العراق عن قراره بإيقاف تعامله مع لجنة الأونسكوم ولكن العراق أبلغ الوكالة الدولية أن في إمكانها الاستمرار في أعمالها غير أن الوكالة امتنعت عن ذلك بحجة حاجة مفتشيها إلى إسناد لوجستي من الأونسكوم.
في 5 تشرين الثاني: أصدر مجلس الأمن القرار 1205 والذي طالب العراق بإلغاء قراره الصادر في 31/10.
في 14 تشرين الثاني: قرر العراق التعاون الكامل مع لجنة الأونسكوم ومع الوكالة الدولية بعد إبلاغه أن مجلس الأمن سيجري مطلع عام 1999 استعراضاً شاملاً لجميع أنشطة نزع الأسلحة ومنذ 1991 بمشاركة فاعلة من الجانب العراقي.
في 15 تشرين الثاني: أكد مجلس الأمن استعداده لإجراء تقويم شامل حيث أدرك أهمية التعرف بدقة إلى كل ما جرى منذ عام 1991 بهذا الشأن.
في 17 تشرين الثاني: أعادت لجنة الأونسكوم والوكالة الدولية نشاطها في العراق.
في 15 كانون الأول: أحال الأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن تقريري الأونسكوم والوكالة الدولية 8 عن نشاطهما في العراق منذ استعادة عملهما في 17 تشرين الثاني وذكر الأمين العام في رسالته إلى المجلس أن تقرير الوكالة أُحيل إليه من المدير العام للوكالة الدكتور محمد البرادعي في 14 كانون الأول 8 بينما تقرير الأونسكوم أُحيل إليه في 15 كانون الأول من المدير التنفيذي للجنة الأونسكوم ريتشارد بتلر.
وعلّق الأمين العام أن التقريرين احتويا معلومات متناقضة بينما الوكالة الدولية تقول إنها حصلت على قدر مقبول من تعاون الجانب العراقي ولكن تقرير الأونسكوم عن نشاطها للفترة ما قبل 17 تشرين الثاني وأعطى انطباعاً بأن الأونسكوم لم تحصل على تعاون كامل من الجانب العراقي. وبسبب هذه الحالة السلبية في تقرير الأونسكوم عرض الأمين العام على مجلس الأمن ثلاثة خيارات:
الأول: يبين أن ما تم إنجازه منذ 17 تشرين الثاني لا يوفر أرضية جيدة لإجراء الاستعراض الشامل مطلع العام 1999.
الثاني: يبين أن العراق لم يظهر قدراً كافياً من التعاون لحد الآن ولكن يجب إعطاؤه المزيد من الوقت لإظهار نياته الحسنة بالتعاون الشامل.
ثمة معلومات أخرى سربها أصحاب القرار من قوات التحالف أن بتلر كان قد أبلغ سلطات الولايات المتحدة بمضمون توضيحي في يوم الجمعة 11 كانون الأول من عام 1998 أي قبل إرسال تقريره إلى الأمين العام بأربعة أيام وأنه استقبل مكالمة هاتفية صبيحة 16/12/1998 من بيتر بيرلي سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة يطلب منه التعجيل بسحب مفتشيه من العراق ولم يظهر بتلر أي قدر من الاستغراب من طلب السفير الأميركي فنفذ التعليمات الصادرة إليه بكل إخلاص وتفانٍ في خدمة ولي أمره. ومهما تباينت الرؤى عن تفسير سلوك بتلر غير أن من المتعارف عليه أن تصرفه ذلك أعطى الضوء الأخضر لعمليات ثعلب الصحراء التي تسببت في زوال لجنة الأونسكوم ذاتها وإقالة بتلر من منصبه كرئيس تنفيذي لها.
وبعد أقل من ساعة واحدة فقط من بدء عملية ثعلب الصحراء أي في تمام الساعة السادسة مساءً بحسب التوقيت المحلي يوم الأربعاء 16/12/1998 أعلن بيل كلينتون أنه قد أمر تنفيذ ضربات جوية قوية ومتواصلة على العراق وأنها مصممة على تجريد صدام من إمكان تطوير وإطلاق أسلحة الدمار الشامل ولتجريده من إمكان تهديد جيرانه وفي ذات الوقت نرسل رسالة قوية إلى صدام مفادها: إذا نفذت أعمالاً متهورة ستدفع ثمنها غالياً.
تداعيات ثعلب الصحراء...
لم تقتصر عملية ثعلب الصحراء على قتل الأنفس وتدمير الممتلكات بل قضت على الآمال المعقودة على إجراء تقويم شامل لملف نزع أسلحة الدمار الشامل المخطط إجراؤه من مجلس الأمن وكان سيتيح للعراق بيان وجهة نظره في رغبته الدائمة بالحصول على قائمة من الأمور العالقة على وفق تقديرات لجنة الأونسكوم والوكالة لكي يتمكن من تناولها وحسمها مرة واحدة إلى الأبد وقد غدا شماعة جاهزة تعلق عليها أميركا جميع نياتها المعلنة والخفية ضد العراق ونظامه كما أصبح في ذات الوقت شماعة يعلق عليها النظام العراقي جميع مشاكل الشعب العراقي المتراكمة، فإن اشتكى العراقيون من الجوع والحرمان قال النظام إنه الحصار الجائر وعدوانية لجان التفتيش، وإن نوّه العراقيون عن حرمانهم من أبسط متطلبات العصر الحديث ومن الأجهزة الحديثة والخدمات، أجاب أركان النظام أن كل ذلك سيتحسن حال رفع الحصار.
وحين يسأل مواطن: كيف سيتم رفع الحصار ومتى؟ فهو ما لا يصرح به أحد لسبب بسيط، هو أن صدام نفسه يجهل الجواب فكيف لببغاوات نظامه أن يعرفوا ما لا يعرفه القائد الضرورة؟... تحول صدام بعد عملية ثعلب الصحراء إلى حاكم شديد التشكيك بكل إجراءات الأونسكوم والوكالة الدولية. وترسخت لديه القناعة بأن مفتشي هاتين المنظمتين ليسوا أكثر من جواسيس للإدارة الأميركية والحكومة البريطانية وأن مسؤوليهما لن يتوصلا إلى قناعة بتنفيذ العراق لجميع متطلبات قرارات مجلس الأمن مما يعني عدم رفع الحصار بقرار من المجلس ثم اقتنع بالرأي القائل بعدم وجود جدوى من استمرار عمليات التفتيش وبدأ يصرح علناً بأن أميركا وبريطانيا سوف لن يسمحا باستصدار قرار من مجلس الأمن برفع الحصار عن العراق بموجب الفقرة 22 من قرار المجلس 687 لسنة 1991، وتبنى صدام مبدأ عدم رفع الحصار بقرار بل أنه سيتآكل بصبر العراقيين وعزيمتهم. أما كيف سيتآكل الحصار فعلمه في الغيب ولم يظهر صدام أي برنامج واضح لإسناد استنتاجه وكل ما تفتقت عبقريته عنه هو وضع إتاوة بنسبة 10 في المئة على جميع عقود التوريد إلى العراق بموجب برنامج مذكرة التفاهم النفط مقابل الغذاء والدواء على أن يدفع المبلغ نقداً وقبل وصول البضاعة المستوردة. وكذلك فرض أتاوة بمقدار 15 سنتا أميركيا على كل برميل من النفط العراقي الذي يتم تصديره بموجب مذكرة التفاهم مما يعني حصول الخزينة المركزية للدولة على سيولة نقدية تصل إلى ثلاثمئة ألف دولار أميركي يومياً من مبيعات النفط فقط... إضافة إلى تحميل المواطن ما يمكنه حمله من التكاليف المختلفة. وسعى صدام إلى استمالة دعم الحكومات العربية بدءاً بسورية وكما غدا واضحاً من إعمار السفارة العراقية في دمشق بمبلغ ثلاثة ملايين دولار أميركي 17 كما أمر بتزويد سورية بمشتقات نفطية ومنتجات عراقية أخرى خارج نطاق مذكرة التفاهم وبأسعار مخفضة على أن توضع الموارد المالية من جراء ذلك في المصارف السورية ولحساب المؤسسة العامة لتسويق البترول العراقي سومو، وهي إحدى مؤسسات وزارة النفط العراقية... وأصبح في إمكان الوزارات والدوائر الرسمية العراقية الحصول على العملة الصعبة التي تحتاجها من خلال مفاتحة سومو وبعد حصول الموافقة يتم تزويدها بالمبلغ من الحساب المصرفي في دمشق 18.
وجرت محاولات لعقد اتفاقات تجارية مع عدد من الدول العربية بما في ذلك مصر والأردن وسورية وتونس والجزائر ودولة الإمارات العربية المتحدة ولبنان واليمن وتضمنت الاتفاقات إزالة الضرائب والتعريفات الجمركية على تجارة البضائع المنتجة في كل من بلدي الاتفاق غير أن هذه الاتفاقات كانت لمصلحة تلك الدول نظراً لأن القاعدة الصناعية في العراق كانت وصلت إلى أدنى مستوياتها أي نحو 30 في المئة مما كانت عليه قبل حرب 1991 مما لا يتيح للعراق تصدير بضائعه إلى تلك الدول.
وحاولت السلطة العراقية كذلك فتح أجوائها وتسهيل أمور استخدام الطائرات العربية لخدمات مطار بغداد الدولي، فأمر صدام بتقديم الوقود للطائرات مجاناً وكذلك تقديم كافة الخدمات التي تحتاجها الطائرات مجاناً في مطار بغداد الدولي. وفي ضوء ذلك تم عقد إتفاقات لتسيير رحلات جوية للمسافرين في الفترة 2001-2003 بين بغداد وعمّان على طائرات الخطوط الملكية الأردنية وبين بغداد ودمشق على طائرات صقر الخليج.
أما مجلس الأمن فلم يأبه بامتناع العراق عن التعامل مع الأونسكوم ومع الوكالة الدولية، فأصدر رئيس المجلس مذكرة قال فيها مع التأكيد على أهمية الالتزام بكل قرارات المجلس ذات الصلة، سيستمر المجلس مناقشة كل الخيارات التي تقود إلى تنفيذ القرارات. ولقد قرر المجلس أن من المفيد تشكيل ثلاث لجان استشارية منفصلة تناقش الأمور وتقدم توصياتها إلى المجلس في موعد أقصاه 15 نيسان 199119. وقرر المجلس أن يتولى سفير البرازيل سيلسو أموريم رئاسة اللجان الثلاث على أن تعنى اللجنة الاستشارية الأولى بمسألة نزع أسلحة الدمار الشامل ونشاط الرقابة والتحقق المستديم وأن تهتم اللجنة الاستشارية الثانية بالمسائل الإنسانية وتعنى اللجنة الثالثة بموضوع أسرى الحرب ومسألة الممتلكات الكويتية. وقرر المجلس أيضاً أن تضم اللجنة الاستشارية الأولى خبراء من لجنة الأونسكوم ومن الوكالة الدولية ومن منتسبي سكرتارية الأمم المتحدة وخبراء آخرين من ذوي العلاقة على أن تقدم توصيات إلى مجلس الأمن عن كيفية إعادة تأسيس نظام محكم لنزع السلاح وللرقابة المستديمة في العراق. مع إتاحة الفرصة للعراق للاشتراك في هذه اللجان الثلاث غير أن العراق لم يعر أي اهتمام لإيحاءات السفير أموريم لأن صدام قد أغلق أذنيه وصرف اهتمامه عن كل ما له علاقة بمسألة أسلحة الدمار الشامل.
الجانب النووي في تقرير أموريم...
قدم السفير أموريم توصيات اللجنة الأولى المؤلفة من 20 عضواً إلى مجلس الأمن في 27 مارس 1999 20، وجاء فيها ما يلي قدر تعلق الأمر بالجوانب النووية التي تخص العراق:
الإنجازات:
أجرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال الأعوام الثمانية الماضية تفتيشاً موسعاً وكونت صورة متجانسة ومترابطة للبرنامج النووي العراقي السري وشمل جميع الجوانب من محاولات العراق لشراء اليورانيوم الطبيعي وإنتاجه محلياً إلى تنقيته وتحضير مركبات اليورانيوم المتنوعة ومن ثم محاولات العراق لتخصيب اليورانيوم وإلى الدراسات والتجارب ضمن برنامج استخدام اليورانيوم عالي التخصيب في التسلح النووي.
حظي البرنامج العراقي السابق بدعم مالي سخي من الحكومة العراقية وكان يهدف إلى تطوير وإنتاج عدد قليل من الأسلحة النووية. ولا توجد أدلة على وصول العراق إلى تحقيق هذه الأهداف.
أنجزت الوكالة في نهاية عام 1992 أعمال تدمير أو انتزاع أو تحييد جميع معدات ومواد البرنامج النووي العراقي.
أكملت الوكالة في شباط 1994 نقل جميع أنواع الوقود النووي المتواجد في العراق.
لا توجد أدلة على امتلاك العراق أسلحة نووية ولا امتلاك أي مقادير ذات أهمية من المواد النووية التي يمكن استخدامها لإنتاج أسلحة نووية كما لا يمتلك العراق أي قدرات واقعية من مكونات أو مواد لإنتاج هكذا مواد.
صدام حسين... إحباط وغضب...
لم نكن نحن الذين جُهدنا طويلاً في البرنامج النووي بأفضل حال من أبناء شعبنا فبعد أن كنا نشعر بالفخر والاعتزاز بعملنا العلمي ونجني ثمار أبحاثنا كل يوم لنحيا مع متعة الإنجاز... وهي متعة كل عالم وفنان ومفكر عبر العصور وسنبقى هكذا ما دام الإنسان يحيا ويعمّر هذه الأرض التي استخلفنا الله عليها.. نقول بعد تلك المتعة العلمية وبعد أن أمضينا نوعاً من بحبوحة العيش مع غيرنا من العراقيين قبل الحصار اللعين أصبحنا الآن كغيرنا نملأ بطوننا بغذاء الحصة التموينية السييء والذي أصاب أمعاءنا بأمراض ما كنا نعرفها ونشكو من أمراض لا نجد من يشخصها ويعالجها ولا نجد من الدواء إلاّ ما تستورده لنا الدولة من أرخص وأدنى أنواع الأدوية في العالم ووجدنا أنفسنا ننشغل ببحوث علمية دون مستوى قابلياتنا ودون مستوى العلم المعاصر بكثير وتدفعنا متطلبات الدولة للبحث عن بدائل لهذه المادة أو لتلك ولهذه الآلة والمعَدة. ويأتي الإنجاز في الغالب سيئاً لا يقاوم قسوة متطلبات المكائن ولا يرقى لمستوى أسوأ المواد المصنعة عالمياً ولكنه يسد الحاجة الآنية فقط فغادر الوظيفة عدد من منتسبينا السابقين وهبطوا إلى أعمال مهنية في القطاع الخاص يتنافسون مع عمال مهَرة اكتسبوا مهاراتهم منذ الصغر وتعودوا على قسوة ظروف العمل كما هاجر البعض إلى خارج العراق يصارعون ألم الغربة وقسوة ظروف معيشية لم يألفوها.
صدام... بدأ يناور عن نفسه
في هذه الأجواء الكالحة توطدت قناعة صدام بأن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية صارت تستهدف حياته وعلم أن مفتشي لجنة الأونسكوم قد زرعوا أجهزة تنصت متطورة داخل العراق للتجسس على مكالماته، وساوره القلق من احتمال تسريب صهريه عند هربهما إلى الأردن معلومات تفصيلية عن الإجراءات الأمنية المشددة التي أحاط بها نفسه مما جعله يغيرها جميعاً. كما أجرى تغييرات شاملة في أفراد حمايته الشخصية. ومما يؤيد المسلك التجسسي لمفتشي الأونسكوم ما صرح به رالف إيكيوس في مقابلة مع راديو السويد في 28 تموز 2002 نشرت وقائعها في صحيفة داغبلاديت في اليوم التالي حيث قال: إن الولايات المتحدة تمكنت من زرع جاسوسين ضمن طاقم لجنة الأونسكوم باعتبار كونهما خبيرين ووجهتهما لجمع معلومات استخباراتية عن التشكيلات الأمنية في العراق وعن أماكن تواجد صدام من خلال زرع أجهزة بث بالصوت والصورة في أماكن عدة داخل العراق بافتراض كونها أجهزة مراقبة ضمن نظام الرقابة والتحقق المستديم، وخصصت مركزاً لتحليل تلك المعلومات الاستخباراتية داخل مقر الأونسكوم في بغداد. كما أعلن إيكيوس أن الولايات المتحدة الأميركية حاولت ربط هذه الفعاليات التجسسية ضمن أنشطة الأونسكوم الاعتيادية. واعترف إيكيوس بأن أربعة أعضاء دائمين من مجلس الأمن في ما عدا الصحافي حاولوا في السابق الضغط على مفتشي لجنة الأونسكوم بشتى الأساليب لتنفيذ أعمال تجسسية لمصلحة بلدانهم.
وفي أحد الأيام من عام 1996 استفسر صدام من مستشاريه عن الوقت اللازم بين استلام الأجهزة الاستخباراتية في أميركا لصور الأقمار الاصطناعية وبين تنفيذ هجوم على المواقع التي حددتها تلك الصور، فتم إخباره أن أقل فترة زمنية هي ساعتان وفي ضوء ذلك أمر سكرتير صدام مركز بحوث الفضاء التابع لهيئة التصنيع العسكري تزويده بجدول زمني عن تواجد الأقمار التجسسية الأميركية فوق سماء العراق.
واتخذ صدام إجراءً احترازياً آخر بعدم الإعلان المسبق عن أماكن اجتماعاته الرسمية والشعبية فغدت ومنذ ذلك الحين تصدر التبليغات عن اجتماعاته الرسمية بأقصر ما يمكن من وقت قبل موعد الاجتماع.
وأصبح واجباً على الوزراء أن يلتزموا بهذه الإجراءات فاقتصرت اجتماعات المجلس على الوزراء الذين يعنيهم جدول أعمال الاجتماع إذ كان تبليغهم يتم قبل موعد الاجتماع بساعتين أو ثلاث ويطلب منهم التجمع في قاعة ضمن مبنى وزارة التخطيط، ثم يتم نقلهم بسيارة واحدة ذات شبابيك مغطاة بستائر سميكة إلى موقع الاجتماع. وبعد خضوعهم للتفتيش الدقيق يدخلون إلى المكان المعين ويصل صدام بعد دقائق ليترأس الاجتماع بأقل عدد من الأشخاص. ثم تقلصت لقاءات صدام العامة إلى حد الصفر فلم يعد يظهر أمام تجمعات جماهيرية ولم يعد يزور بيوت الناس ليشاركهم أفراحهم أو أتراحهم كما كان يتظاهر في السنين السابقة لا سيما أيام الحرب العراقية - الإيرانية أو في الفترة التي تلت انتهاء تلك الحرب وإلى حين بدء تداعيات حادثة الكويت. وعلى رغم قلة تواجده الجماهيري إلاّ أن صورته لم تغادر شاشات التلفاز.
صدام... محاولات فشلت في رفع الحصار...
وبعد أحداث عملية ثعلب الصحراء حاول صدام دعوة عدد من رؤساء الدول لزيارة بغداد على أن يأتوا إليها بطائراتهم ظناً منه بأن ذلك سيسهم برفع الحصار عن السفر جواً من وإلى بغداد. غير أنه خاب لعدم استجابة أي من الحكام العرب لدعوته، فسمع بخبر قيام بعض القادة الأفارقة بتحدي حظر السفر الجوي إلى ليبيا ملبين دعوات الرئيس الليبي لزيارة طرابلس فأراد أن يفعل ما فعله القذافي وأوفد سفير العراق إلى الفاتيكان وسام الزهاوي وهو دبلوماسي محترف منذ عام 1955 وغير مرتبط بتنظيمات حزب البعث لحمل رسائل دعوة إلى رؤساء أربع دول من غرب أفريقيا هي النيجر وبوركينا فاسو والكونغو- برازافيل وبنين.
حمل الزهاوي رسائل دعوتهم لزيارة بغداد وحضور المعرض التجاري الدولي في تشرين الثاني من عام 1999. وكانت المحطة الأولى ضمن جولته في النجير حيث اجتمع برئيس جمهوريتها إبراهيم ميناسارا الذي قبل الدعوة واعداً بزيارة بغداد في ربيع ذلك العام غير أنه اغتيل في 9 نيسان 1999 في مطار عاصمته نيامي ولم تتحقق الزيارة 21 كما لم تتحقق بقية الدعوات.
معالم على طريق نزع أسلحة العراق
أشارت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في التقرير الموحد السابق عن فعاليات نظام الرقابة والتحقق المستديم للفترة تشرين الأول 1998 وإلى نيسان 1999 فذكرت في الفِقرة 31 ما نصه: "أظهر نظام الرقابة المستديمة عدم وجود أي دليل لامتلاك العراق أسلحة نووية أو أي مقادير ذات شأن من المواد النووية التي يمكن استخدامها لتصنيع سلاح نووي كما لم يحتفظ العراق بأي إمكانات واقعية أجهزة ومواد للتمكن من إنتاج هكذا مواد نووية" 22. وذكرت في الفِقرة 34 ما نصه: "إن الشكوك وعدم الموثوقية الشاملة التي لا تزال قائمة نتيجة بعض الأمور العالقة لا تؤثر سلباً على تنفيذ نظام الرقابة المستديمة".
ولعدم وجود مفتشي الوكالة في العراق للفترة منذ 16/12/1998 ولغاية تشرين الثاني 2002 لم تتمكن الوكالة من تنفيذ التفويض الصادر إليها بشأن العراق بحسب قرارات مجلس الأمن ذات الصلة غير أنها استمرت بإرسال تقارير نصف سنوية إلى مجلس الأمن لتذكره بأن التزامات الوكالة تجاه العراق لا تزال قائمة.
وفي 17/12/1999 أصدر مجلس الأمن القرار 1284 الذي ألغى بموجبه لجنة الأونسكوم وأوجد بديلاً لها لجنة الأمم المتحدة للرقابة والتحقق والتفتيش UNMOVIC والتي عرفت اختصاراً بلجنة الأُنموفيك[23]. وتم تعيين هانز بليكس المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية والمتقاعد في ذلك الوقت مديراً تنفيذياً لهذه اللجنة الجديدة لا سيما أن بتلر كان قد استقال أو أُقيل من منصب المدير التنفيذي للجنة الأونسكوم منذ حزيران 1999 وتولى هانز بليكس تكوين لجنة الأُنموفيك بموجب ما ورد وفي قرار مجلس الأمن 1284 والتي تضمنت:
اعتماد توصيات لجنة أموريم بشأن الرقابة المستديمة حيثما كان ذلك ضرورياً.
أن يكون للجنة الأُنموفيك إدارة كفية وجماعية.
أن يتم اختيار موظفي اللجنة من أوسع رقعة جغرافية بما في ذلك من لجان الحد من التسلح وأن يعتبر هؤلاء المنتسبون موظفون في الأمم المتحدة وليسوا منسبين من دولهم كما كان الحال في لجنة الأونسكوم حيث كان معظمهم من موظفي الدول الغربية.
أن يتم اختيارهم بموجب خبرتهم وكفايتهم وأن يتم تدريبهم لاكتساب مهارة عالية ومعلومات ثقافية عامة.
تضمن القرار رغبة مجلس الأمن أن يجمد قرار الحصار لمدة 120 يوماً قابلة للتجديد حال استلامه تقريري لجنة الأُنموفيك والوكالة الدولية بوجوب الإشارة إلى التنفيذ الدقيق لنظام الرقابة المستديمة.
ولكن العراق رفض العمل بهذا القرار رفضاً قاطعاً ورفض التعاون مع تنظيمات مجلس الأمن بشأن مسألة نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية.
لم يقف السكرتير العام كوفي عنان مكتوف الأيدي تجاه المسألة بل استخدم كل الوسائل الدبلوماسية لحث العراق على الموافقة على عودة المفتشين كمدخل لرفع الحصار عن العراق وانتهز فرصة حضوره اجتماع قمة الدول الإسلامية الذي عُقد في قطر في تشرين الثاني 2000 فعرض على القمة وجهة نظر مجلس الأمن بموضوعية ومهارة كما أوصلها إلى عزت ابراهيم نائب رئيس مجلس قيادة الثورة العراقي الذي مثّل العراق في مؤتمر القمة حيث وعد بتقويم الموقف في العراق بدون شروط مسبقة على رغم أن الموقف الرسمي للعراق كان وما زال حينها رفض استقبال المفتشين أو الجواسيس كما كان يشار إليهم في وسائل الإعلام الرسمية العراقية وفي ضوء تلك المبادرة تم الإعلان في 29 تشرين الثاني من عام 2000 في نيويروك أثناء لقاء كوفي عنان مع سعيد الموسوي ممثل العراق الدائم لدى الأمم المتحدة عن عقد اجتماع في نيويورك في مطلع عام 2001 بين وفد رفيع المستوى من العراق وكوفي عنان وآخرين يمثلون سكرتارية مجلس الأمن. وفي 6-7 شباط 2001 عقد أول لقاء بين الجانبين منذ أواخر 1998 حيث أصرّ الوفد العراقي على موقف بلده المعلن من أنه قد أوفى بكامل التزاماته تجاه هذه المسألة وحان الوقت لكي ينفذ مجلس الأمن التزاماته تجاه العراق بموجب الفِقرة 22 من قرار مجلس الأمن 687 لسنة 1991. وتم الاتفاق على استئناف اللقاء في 7 آذار من العام ذاته في نيويورك.
وفي 27 آذار 2001 حضر كوفي أنان اجتماع قمة دول الجامعة العربية المعقود في عمّان وبدعوة من الملك عبدالله الثاني ملك الأردن. وفي خطابه إلى القمة عبّر أنان عن عميق أسفه لاستمرار معاناة الشعب العراقي وأنه يتطلع مع الجميع لرفع الحصار عن العراق في أسرع وقت وعبّر عن اعتقاده بأن القيادة العراقية ستجني ثمار تعاونها مع المجتمع الدولي ومع دول الجوار أكثر مما تسببه سياسة المجابهة والعناد 24 .
فصول منتقاة من كتاب سينشره مركز دراسات الوحدة العربية في اواخر الشهر الجاري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.