أظهرت المؤشرات الاقتصادية الاخيرة في المانيا ان اتجاه التفاؤل بين الاقتصاديين ومسؤولي الشركات والمؤسسات العاملة يغلب طابع التشاؤم، على رغم ارتفاع اسعار النفط الخام ومشتقاته بسبب النتائج المدمرة لاعصاري"كاترينا"و"ريتا"المتتاليين في الولاياتالمتحدة، وتوقف انتاج النفط جزئياً في خليج المكسيك وعمل مصافي التكرير فيه لفترة من الوقت. ومع ان"تقرير الخريف"الذي قدمته ستة معاهد اقتصادية المانية اخيراً الى الحكومة وهو تقرير دوري تضعه المعاهد بطلب من الحكومة الالمانية جاء نوعاً ما محبطاً للآمال، الا ان"مؤشر ايفو"الهام لمعهد البحوث الاقتصادية في ميونيخ الذي يعكس مناخ الاعمال في البلاد، ناقض تقرير المعاهد في توقعاته على المديين القريب والمتوسط، وأشاع من جديد اجواء تفاؤلية في البلاد. وكذلك الامر في ما يتعلق بالنتائج الايجابية للاستفتاء الذي اجراه اتحاد غرف التجارة والصناعة الالمانية اواسط الشهر الماضي مع ادارات عدد كبير من الشركات. وأكد خبراء الاقتصاد في الداخل والخارج ان تشكيل حكومة المانية في اسرع وقت ممكن عامل حاسم يمكن ان يقدم دفعة انتعاشية قوية للاقتصاد. وكان رؤساء المعاهد الاقتصادية الستة ذكروا في تقريرهم الصادر في تشرين الاول اكتوبر الماضي ان الانتعاش الاقتصادي المنتظر"يتقدم بصورة بطيئة وغير مؤكدة بعد"، لافتين الى ان النمو لن يتجاوز العام الحالي نسبة 0.8 في المئة و1.2 في المئة عام 2006. وفيما رفع التقرير نسبة النمو المتوقعة لهذا العام 0.1 في المئة عن السابق، خفضها من 1.5 في المئة الى 1.2 في المئة للعام المقبل. واعتبر ان نمواً كهذا"لا يعطي املاً في تحسن وضع سوق العمل في البلاد تحسناً ملموساً"، حيث تبقى البطالة مع 4.7 مليون عاطل من العمل عالية جداً. ودعا"تقرير الخريف"الحكومة المقبلة التي ستشكل من الاتحاد المسيحي والحزب الاشتراكي الديموقراطي في اواخر الشهر الجاري، الى تنفيذ اصلاحات جذرية في الانظمة الاجتماعية والغاء الدعم الحكومي والضريبي محذراً من انه"ان لم يحصل ذلك سيسوء الوضع في المانيا". وحمّل التقرير ارتفاع اسعار النفط الخام ومشتقاته المسؤولية الرئيسة في تدني النمو الاقتصادي. وذكر رئيس معهد البحوث الاقتصادي في اسن رولاند دورن انه"لولا ارتفاع سعر النفط الى مستواه الحالي لازداد النمو الاقتصادي في البلاد بنسبة 0.4 في المئة دفعة واحدة". اما السلبية الكبيرة الثانية التي لحظها التقرير، فهي استمرار اعتماد النمو في المانيا على قطاع الصادرات المنتعش في ظل جمود السوق الداخلية والطلب الداخلي، لافتاً الى انه"في حال حصول أي تراجع في الصادرات الالمانية سيزداد خطر انخفاض النمو الى حد الركود". لكن"مؤشر ايفو"الصادر عن معهد البحوث الاقتصادية في ميونيخ شهرياً مع مسؤولي 7000 شركة المانية، ناقض في نتائجه عن الشهر الماضي منحى تقرير المعاهد الستة بعدما ارتفع بصورة مفاجئة من 96 الى 79.8 نقطة، وهو اعلى مستوى يصل اليه منذ خمس سنوات. واظهر المؤشر التمثيلي ان الاجواء الحالية والمستقبلية لمدة ستة اشهر لاكثرية هذه الشركات جديدة في ما يخص الطلبيات الوافدة اليها. وعلق رئيس المعهد هانس فرنر زن قائلاً"ان النتائج تشير الى ان الانتعاش الاقتصادي بدأ يثبت أقدامه". وذكر التقرير الشهري الصادر عن"غرفة التجارة والصناعة العربية الالمانية"الغرفة ان الخبير الاقتصادي في المعهد اعلاه غيرنوت نيرب رأى ان ارتفاع المؤشر"وان جاء قوياً بصورة مفاجئة فلا يمكن اعتباره حدثاً طارئاً". وعزا نيرب اسباب التفاؤل هذه الى نتيجة الانتخابات النيابية العامة ملاحظاً"ان اكثرية الشركات الالمانية مرتاحة الى قيام تحالف كبير بين الحزبين الرئيسين اللدودين علىعكس ما كانت تعتقده الاوساط الاقتصادية في البلاد". وبعد نشر نتائج المؤشر مباشرة توقع وزير الاقتصاد الالماني فولفغانغ كليمنت ان يتجاوز النمو الاقتصادي العام المقبل نسبة 1.2 في المئة التي توقعها"تقرير الخريف". وأكد"مؤشر ايفو"عملياً ما توصل اليه"الاستطلاع الخريفي"الذي يجريه سنوياً اتحاد غرف التجارة والصناعة الالمانية مع 25 الف شركة ومؤسسة المانية ونشره في 18 الشهر الماضي. وجاء في نتائج الاستطلاع ان الاقتصاد الالماني"استعاد حيويته من دون مبالغة في التوقعات، وان اوضاع الشركات في تحسن". وذكر الامين العام للاتحاد مارتين فانسليبن انه ينتظر ان تحقق المانيا العام المقبل نمواً يصل الى 1.5 في المئة. ورأى الاتحاد ان الاستطلاع اثبت ايضاً ان القدم الاخرى في الاقتصاد، أي السوق الداخلية، بدأت في التحرك بعد طول غياب، وان المؤشر الى ذلك هو تحسن وضع العمالة في قطاعات داخلية عدة مثل تجارة المفرق، وقطاع الخدمات، وصناعة التغذية، والسياحة الداخلية، معرباً عن توقعاته بانتعاش الاستهلاك الداخلي من جديد خلال الاشهر المقبلة. وأكد ذلك بدوره"مؤشر غي إف كا"الاستهلاكي الصادر في نورنبيرغ، الذي اظهر ارتفاعاً لافتاً من 3.1 الى 3.4 نقاط الشهر الماضي، ما يعكس بحسب محللين اقتصاديين ازدياد ثقة المستهلكين الالمان بوضعهم المادي وبتحسن اقتصاد البلاد عموماً. اضافة الى ذلك تنتظر الهيئات الاقتصادية عام 2006 حصول انتعاش اضافي كبير في الاستهلاك الداخلي لمناسبة انعقاد بطولة العالم لكرة القدم في المانيا حيث اتوقع قدوم مئات الآلاف من محبي كرة القدم من مختلف انحاء اوروبا والعالم.