تنتظر الحكومة الألمانية ومعاهد البحوث مع انتهاء العام الحالي، استمرار نمو الاقتصاد المعتدل لعام 2016، وكذلك في السنوات التالية. ودعم هذه التوقعات مؤشرا النمو الصادران على التوالي أخيراً، عن معهد البحوث الأوروبية في مانهايم «زد إي في» ومعهد البحوث الاقتصادية في ميونيخ «إيفو». وأشار الأول الى أن توقعات الخبراء عن التطور المحتمل للاقتصاد الألماني، ارتفعت في كانون الأول (ديسمبر)، من 10.4 في المئة إلى 16.1 للشهر الثاني على التوالي. واستطلع المعهد آراء نحو 350 خبيراً ومتخصصاً ومحللاً مالياً يعملون في مؤسسات مالية واقتصادية في أنحاء ألمانيا. ووفقاً للمؤشر، تحسّنت التوقعات المتعلقة بالوضع الحالي من 54.4 إلى 55 نقطة. وفي المقابل، رأى «إيفو» أن مؤشر الأجواء الحالية لسبعة آلاف شركة ألمانية انخفض في شكل طفيف من 109 إلى 108.7 نقطة للمرة الأولى منذ سبعة أشهر، وكذلك مؤشر الوضع الحالي الذي تراجع من 113.4 إلى 112.8 نقطة. لكن مؤشر التوقعات لنصف السنة المقبلة الذي سجّل 104.7 نقطة في الشهر السابق، بقي على حاله. ولفت المعهد إلى أن معدلات المؤشرات الثلاثة الأساسية، أي الأجواء والوضع الحالي والتوقعات، ارتفعت بمعدل ثلاث نقاط لكل منها خلال العام الحالي مقارنة بتلك المسجلة عام 2014، معتبراً أنها نتيجة ممتازة. إلى ذلك، رأت الحكومة في التقرير الشهري الأخير الصادر عن وزارة الاقتصاد والطاقة، أن قطاعي الاستهلاك الداخلي والبناء يؤمنان مواصلة النمو حالياً وللفترة المقبلة أيضاً، إلى جانب مساهمة محدودة من قطاع الصادرات. وجاء في البيان الصادر عنها، أن الاقتصاد الألماني «سيبقى سائراً على طريق النمو على رغم الرياح التي ستضربه من جانب الاقتصاد العالمي». وأكد أن ازدياد عدد الأيدي العاملة وتحسّن الأجور فيها «سيدفعان بالمواطنين إلى مزيد من الشراء والاستهلاك، خصوصاً مع استمرار تراجع كلفة المعيشة» الناتجة من تدني أسعار النفط والمحروقات الأخرى. وتوقع تقرير وزارة الاقتصاد انتعاش قطاع البناء في شكل أكبر خلال الأشهر المقبلة، مضيفاً أيضاً أن انخفاض سعر النفط وقيمة اليورو «سيستمران في تأمين دعائم النمو المعتدل الحاصل في البلاد حالياً». ولم يفت البيان الإشارة في هذا المجال، إلى أن الأموال التي خصصتها الدولة لإيواء اللاجئين إلى ألمانيا، الذين وصل عددهم إلى مليون شخص تقريباً، ساهمت في زيادة القوة الشرائية والاستهلاكية في البلاد إلى حد ما، «ما انعكس على الاقتصاد كبرنامج حكومي لدعم نموه». وتبعاً لذلك، يتوقع خبراء كثر أن يحقق النمو الاقتصادي في الربع الرابع والأخير من السنة، نسبة أعلى من 0.3 في المئة التي سُجّلت في الربع الثالث. ومثل توقعات الحكومة الألمانية المتفائلة حول نسب النمو المنتظرة لهذه السنة والعام المقبل، توقع معهد راينيشه - فيستفيليشه للبحوث الاقتصادية «إر في إي»، ومعهد البحوث الاقتصادية في برلين «دي إي في» وكذلك معاهد أخرى، تسجيل اقتصاد ألمانيا نمواً من 1.7 و1.8 في المئة على التوالي، في مقابل نمو من 1.6 في المئة عام 2014. وبالنسبة إلى عام 2017، رجّحت المعاهد نمواً فيه من 1.7 في المئة أيضاً. أما المفوضية الأوروبية، فكانت أكثر تفاؤلاً ولم تستبعد في بيان أخير، أن يسجل الاقتصاد نمواً نسبته 1.7 هذه السنة، و1.9 في المئة عام 2016. لكن صندوق النقد الدولي كان أكثر تشاؤماً، إذ توقع نمواً من 1.5 و 1.6 في المئة فقط. لكن رئيس هيئات الصناعة الألمانية أولريش غريلو، فاجأ الجميع حين كشف أخيراً عن تفاؤل ممثلي القطاع الصناعي بالعام الجديد، قائلاً إنهم «يتوقعون نمو الاقتصاد بنسبة 2 في المئة العام المقبل، على رغم الصعوبات المذكورة». وإلى جانب الإيجابيات المذكورة، رأت وزارة الاقتصاد والطاقة في بيانها، أن «الإنتاج الصناعي يشهد منذ فترة، مسيرة عسيرة بسبب التطور الضعيف في الطلب عليه من الخارج»، وفي حال استمرار هذا الوضع سينعكس في شكل ملحوظ على حجم الصادرات والميزان التجاري. إلى ذلك، توقع خبراء معاهد كثيرة، أن يعود معدل التضخم الذي سجّل 0.3 في المئة فقط هذه السنة إلى الارتفاع إلى 1.1 في المئة عام 2016، «بفعل بدء انتهاء الانعكاسات الإيجابية الناتجة من تراجع سعر النفط والطاقة». لكنهم قالوا إنه «سيبقى أقل من معدل 2 في المئة المطلوب من البنك المركزي الأوروبي، الذي لم ينجح حتى اليوم في تأمين متطلبات ارتفاعه التلقائي إلى الحد المقبول اقتصادياً. وفي كل الأحوال ومهما اختلفت دقة التوقعات، من المؤكد أن تشهد ألمانيا نمواً معتدلاً في السنوات المقبلة تُحسد عليه، في وقت تبقى الأزمة الاقتصادية والمالية في دول منطقة اليورو على وضعها الصعب حالياً، على رغم بعض التحسن الموضعي والبطيء جداً الحاصل في بعض الدول المتعثرة.