حين بدأت صرعة إدمان مشاهدة برامج تلفزيون الواقع تنتشر بين المصريين قبل نحو عام، علت أصوات عدة تندد بهذا الاتجاه وتشجبه... فيما كانت فضائيآت عربيّة عدّة تحقق النجاح والاقبال على مستوى الجمهور الواسع، من خلال برامج مختلفة تستند كلّها الى تقنيات وأساليب"تلفزيون الواقع". في هذا السياق، ظلت محطات التلفزيون المصرية في مسيرتها الإعلامية الكلاسيكية تبث برامج الحوارات والمسابقات والمسلسلات المعتادة التي عزف عنها كثيرون أمام الإغراءات المتعددة المعروضة على القنوات الفضائية. إلا أن هذه الإغراءات لم تعتمد بالضرورة على أشرطة فيديو كليب وأفلام لم تخضع لمقص الرقيب، لكنها إغراءات ثقافية، واجتماعية، تقدم كل ما يخطر ولا يخطر على بال المشاهد المصري من قضايا تهمه فعلياً. أخيراً، يبدو أن هناك من شعر بأن غالبية البرامج"الأرضية"تخاطب نفسها، وأن مسألة"الريادة"و"التميز"و"الانفراد"لم تعد تلفت المشاهد الذي بلغ سن الرشد، ومكنته الاختيارات من أن يحكم بنفسه على نوعية ما يشاهد من دون توجيه من أحد. وأمام هذا التطور في المشهد الإعلامي المصري، بدأت المحطات الأرضية تبذل جهوداً لإعطاء برامجها"نيولوك"من دون الإخلال بالقواعد والأسس التي يرجح البعض أنها ربما تعود إلى الأسرة السادسة من عصر البطالمة. حان الوقت! وقبل أيام جاء من يبشر المشاهد المصري في هيئة إعلانات مدفوعة في الصحف الرسمية بأن"الوقت حان لمشاهدة قضايا أو هموم الأسرة المصرية التي يبحث عنها الجميع على قنوات التلفزيون، لكن لم يتمكن أحد من مشاهدتها سوى على الفضائيات التي كانت تتنافس على تقديم الأفضل بهدف كسب الجمهور". ويؤكد الإعلان أن"مشاهدي القنوات الأرضية كانوا محرومين من هذه البرامج التي كانت خارج سباق المنافسة بين القنوات الفضائية". وجاءت المفاجأة الكبرى... التلفزيون المصري سيدخل عالم"تلفزيون الواقع"، وذلك من خلال برنامج"مشاكل". لكن المفاجأة الأكبر هي أن المشاهدين الذين هرولوا عائدين إلى محطاتهم الأرضية، اكتشفوا أن المقصود ب"تلفزيون الواقع"ليس إلا برنامجاً يستضيف أفراداً وعائلات تعرضوا لمشاكل وتحدثوا عنها. وهو ما اعتبره التلفزيون"جرأة"و"مرحلة جديدة من عمر التلفزيون المصري التي ستعيد له جمهوراً فقده على مدى السنوات الماضية". إلا أن المؤشرات الأولى للمرحلة الجديدة أكدت أن المشاهدين يفضلون"تلفزيون الواقع"بمعناه الفضائي.