زمن المد القومي العربي، خصوصاً بعد انشاء منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964، خصصت اذاعات عربية ساعة او اكثر لبث برامج باسم "صوت فلسطين" كان بعضها تحت اشراف المنظمة والبعض الآخر لا علاقة له بها. وبعد هزيمة حزيران يونيو 1967، بادرت عواصم عربية الى منح المنظمة ساعات بث اكثر باسم فلسطين، كانت تغلق متى حصل خلاف بين قيادة المنظمة وقيادة هذه الدولة او تلك. وإذا لم تغلق كانت توضع باشراف الدولة المضيفة وتستمر في البث باسم فلسطين. وللتخلص من القيود لجأت قيادة المنظمة احياناً الى انشاء اذاعة فلسطينية 100 في المئة اشهرها اذاعة الثورة الفلسطينية في لبنان والتي استمرت حتى الرحيل عن بيروت في خريف 1982، وبثت تلك الاذاعة واستمرت من دون ترخيص من الحكومة اللبنانية وانما بحكم الامر الواقع الذي ساد في لبنان بين عامي 1975 و1982. وبينما كان الفلسطيني محروماً من اذاعته الخاصة به، وهو الاكثر حاجة اليها من سواه بحكم تشرده والحواجز التي تحول دون تواصله مع اهله ومتطلبات قضيته، كان اشقاؤه العرب يتمتع كل منهم باذاعته الخاصة وأحياناً بأكثر من اذاعة خاصة. ثم بدأ الاشقاء العرب تباعاً التمتع بمشاهدة قنواتهم التلفزيونية الخاصة، وبقي الفلسطيني ولا يزال محروماً من شاشة تلفزيونية خاصة به. وحتى الآن لم يحاول أي تلفزيون عربي ان يعيد تجربة اذاعة فلسطين بأن يخصص ساعة بث يطلق عليها اسم التلفزيون الفلسطيني. والأهم من ذلك ان أية عاصمة عربية لم تتفضل بمنح الفلسطينيين الفرصة لاقامة مركز اذاعة او تلفزة خاصة بهم. بعد نشوء السلطة الفلسطينية في الضفة والقطاع بدأ العمل من اجل اذاعة وتلفزة، الا ان الجميع ما زال يلمس ضعف ومحدودية الاثنتين، فهما تبدوان الى الآن كمحطات محلية. ومع انطلاقة البث التلفزيوني الفضائي يلاحظ المشاهد ان لكل دولة عربية قناة فضائية او اكثر اضافة الى قنواتها الأرضية. وكما على الأرض كذلك في الفضاء فان فلسطين وحدها غائبة. وليست القنوات الفضائية حكراً على الدول فهناك رجال اعمال يستثمرون اموالهم في هذا المجال، كما الحال في عدد من القنوات التلفزيونية العربية المستقلة او الخاصة التي تنافس القنوات الفضائية الرسمية منافسة جدية. لماذا لم توجد بعد قناة فضائية فلسطينية واحدة على رغم ان الفلسطينيين كشعب 8 ملايين نسمة مشردون في ارضهم وخارجها، وهم في حاجة الى هكذا قناة نظراً لما يمكن ان تقدمه في تمتين اواصر الوحدة والتواصل بين تجمعاتهم المنتشرة. من خلال التلفزة الفضائية يستطيع الفلسطينيون التواصل مع فلسطين اولاً ومع تجمعاتهم المنتشرة، كما يستطيعون اعادة احياء تراثهم وعاداتهم وتقاليدهم، والتواصل مع ما يخص قضيتهم ونشاطاتهم السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية. فهل تتوجه السلطة الفلسطيية قريباً نحو انشاء قناة تلفزيونية فضائية تفرضها الضرورات الوطنية الفلسطينية؟ وهل يتداعى رجال الاعمال والمستثمرون الفلسطينيون الى انشاء قناة تلفزيونية فضائية فلسطينية خاصة في فلسطين او خارجها؟ * كاتب فلسطيني