أعلن وزير الصحة الكويتي الدكتور محمد الجارالله أمس أنه قدم استقالته الى رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الأحمد. وجاءت هذه الخطوة بعد الاستجواب الذي تعرض له الاثنين على يد النائب ضيف الله بورمية وانتهى بطلب على التصويت على الثقة فيه. وانتهت جلسة الاستجواب التي استمرت 12 ساعة بتوقيع خمسة من النواب الشيعة وأربعة من نواب قبيلة"العوازم"على طلب التصويت على الثقة بالوزير، وهو ما فهمته الأوساط السياسية الكويتية على أنه احتجاج من الطائفة والقبيلة على عدم دخول وزير عن كل منهما الى الحكومة الحالية. وهذه بادرة غير اعتيادية في الكويت، خصوصاً أن معظم النواب الشيعة و"العوازم"في المجلس الحالي من الموالين للحكومة. وأثار هذا الموقف استياء النواب الآخرين، خصوصاً الكتلة الإسلامية السنية، التي قال الناطق باسمها النائب فهد الخنة إن طلب التصويت على الثقة"انحرف عن هدفه الى أهداف أخرى لا نقبل أن نكون مطية لها". ودعا الشيخ صباح الى عدم الاستجابة للضغوط القبلية والطائفية، و"أن تكون الكفاءة هي المعيار لاختيار الوزير المقبل بعيداً عن مبدأ المحاصصة الطائفية والقبلية"، لأن من شأن ذلك"أن يفتح الباب على مصراعيه لكل قبيلة وطائفة وفئة أن تطلب تعيين وزراء منها". وطالب"صاحب القرار السياسي بعدم الرضوخ وتسجيل سابقة بمثل هذه الممارسة". وفي تصريح رسمي أمس قال الوزير الجارالله:"أنا فخور بأدائي سواء في الجلسة أو في أدائي المهني والعلمي خلال فترة عملي الوزاري". ولكنه لاحظ أن"الأجواء السياسية سلبية للغاية، فقبل أن تبدأ الجلسة قدم عشرة نواب طرح الثقة، وهم مجموعة معروفة تماماً وهذا أمر غريب". ولفت الى أن"تقديم الاستجواب يبين الطرح الفئوي الضيق. وهذه الأجواء تؤثر في مجلس الأمة وتلقي عليه ظلالاً قاتمة". وأضاف:"أنا اتحدث عن مصلحة الكويت الحقيقية ومصلحة الشعب. وعندما تختلط هذه الأجواء السياسية المحمومة في العمل المجد تؤثر بالوطن ومصلحة الجميع". وأضاف:"قدمت استقالتي وهي بيد رئيس الحكومة وتحت تصرفه". ويضم مجلس الأمة الحالي خمسة من النواب الشيعة و24 من النواب القبليين، بينهم سبعة من العوازم والبقية من قبائل"مطير"و"العجمان"و"الرشايدة"و"عتيبة"و"شمر"و"عنزة"، بينما هناك 21 نائباً من الحضر السنة. واعتادت الحكومة ان تستفيد من هذا الفرز القبلي والطائفي في التأثير في توجهات البرلمان، إلا ان جلسة الاثنين اعطت اشارات بأنه ربما صار هذا الفرز خارج نطاق السيطرة الحكومية أو أنه صار يفرض نفسه على قراراتها. ولم يبت الشيخ صباح امس في استقالة الدكتور الجارالله إلا ان قبولها أمر محتم. وتترقب الساحة الكويتية ردة فعل الشيخ صباح على التحالف الشيعي - العازمي اذ تحدثت صحف امس عن احتمال حل المجلس والدعوة الى انتخابات جديدة. غير ان هذا الخطوة لا تضمن للحكومة مجلساً أفضل من الحالي. ومن السيناريوات المرجحة ان يجمد الشيخ صباح هذه الأزمة بأن يوكل حقيبة الصحة الى وزير آخر ويترك هذا المنصب معلقاً لبعض الوقت الى ان يتوصل الى قرار بشأن معالجة مشكلة التشكيلة الحكومية.