علىرغم خسارته انتخابات رئاسة الحكومة، يسجل لعميرام متسناع زعيم حزب العمل، الذي لم يعمر طويلا في موقعه، انه نجح في دفع قيادة الحزب في المعركة حول زعامة الحزب ومعركة انتخابات الكنيست السادسة عشرة، لبلورة خطة متكاملة للفصل بين الشعبين والانسحاب من القطاع. وجعل متسناع مسألة الفصل قضية مركزية احتلت حيزا مهما في دعايته الانتخابية. واعتبرها معظم الإسرائيليين علاجا شافيا لمعضلة الأمن الشخصي والجماعي، بعدما لمسوا فشل سياسة الاغتيال والقمع والتجويع وتدمير الممتلكات وإعادة احتلال مدن الضفة في وقف"الإرهاب"ومنع"الانتحاريين"من التسلل إلى إسرائيل وتفجير أنفسهم في المدن الإسرائيلية. وعلى رغم الحملة القوية التي شنها اليمين ضد متسناع الا انه مضى قدما في رفع راية الفصل بين الشعبين عاليا ولم يأبه لتهديدات المتطرفين من دون ان يلقى مساندة جدية من معظم رفاقه في قيادة حزب العمل. وأكد متسناع علنا أنه في حال فوزه برئاسة الوزراء سيأمر الجيش الانسحاب فورا من قطاع غزة وإخلاء المستوطنات وفصل القطاع عن إسرائيل على أساس حدود عام 1967 بصرف النظر عن الموقف الفلسطيني. وقال" سأدخل في مفاوضات مع القيادة الفلسطينية بأمل تحقيق الفصل باتفاق"ولم يشترط وقف"العنف"قبل دخول هذه المفاوضات. وعلى رغم اعتباره ياسر عرفات عدوا إلا انه لم يستبعد التفاوض معه باعتبار المفاوضات تتم بين الأعداء. وقال:"في حال عدم التوصل إلى اتفاق في غضون عام، سيتم رسم حدود أمنية مؤقتة بين إسرائيل والضفة الغربية، لا تبقى شرقها أية مستوطنة وتكون كل الكتل الاستيطانية الكبيرة غربها". واظهر تأييد اليسار وقواعد حزب العمل وعدد واسع من المستقلين لأطروحة متسناع أن نسبة مهمة في المجتمع الاسرائيلي لم تفقد البوصلة تجاه صنع السلام. واعتبر التيار الواقعي في الساحة الفلسطينية أن موقف متسناع اتسم بالجرأة السياسية ورأى في اطروحته أساسا واقعيا لانفصال الطرفين بالتراضي. في حينه، لم تحدد إدارة الرئيس جورج بوش وبقية أعضاء اللجنة الرباعية مواقفهم من خطة متسناع خشية اتهامهم بالتدخل في الانتخابات الإسرائيلية لمصلحة معسكر اليسار، لكن كثيرا من المحللين المحايدين اعتبروا"خارطة"متسناع لحل الصراع"الجيوسياسي"المتعلق بالأرض والقدس والحدود والمستوطنات والمياه وقيام الدولة الفلسطينية، أفضل من"خارطة الطريق"الأميركية وأقل تعقيدا وتختصر زمن الحل بكلفة أقل. وبعد عام من إلحاق الهزيمة بمتسناع، وثلاث سنوات من مقارعة"الانتفاضة"الثانية، وفرض الاقامة الجبرية على عرفات في مقره في رام الله، بدّل شارون موقفه وتراجع عن قناعاته الايديولوجية وابدى استعداده للتخلي عن القطاع ومستوطناته التي كان يعتبرها حيوية لأمن اسرائيل. ولم يوضح موقفه بشأن مصير المستوطنات ومنشآتها الزراعية والصناعية والبنية التحتية التي سيخليها. وبفعل غروره القديم الذي تجدد ابان ترؤسه الحكومة لم يأبه ارييل شارون بتحفظات قواعد وكوادر وقادة في حزبه"ليكود"، ولم ينتظر موافقتهم وحمل خطته منتصف نيسان ابريل 2004 إلى واشنطن وعرضها على بوش. ولم يول اهتماماً لرأي شركائه في الائتلاف الحكومي الذين عارضوا الخطة وهددوا بالانسحاب من الائتلاف، ولم يفكر في بحثها مع السلطة الفلسطينية أو مع أي طرف ثالث. بعد طرح الخطة رسميا اضطرب وضع شارون واضطربت أوضاع النظام السياسي الإسرائيلي برمته واهتزت قواعد حكومته اليمينية. ومست أطروحة الانسحاب والانفصال مكانته السياسة والمعنوية داخل حزبه وفي صفوف حلفائه من قوى اليمين والمستوطنين. وعلى رغم أنه غلف الفكرة بالغموض ولم يحدد مواقع مناطق الفصل ولم يتطرق إلى مصير بقية الأراضي الفلسطينية وسبل عزل وفصل المستوطنات عن محيطها، إلا أن غلاة اليمين الإسرائيلي المتطرف، علمانيين ومتدينين"في الليكود، وحزب المفدال الديني، وحزب إسرائيل بيتنا ودعاة الترانسفير وتجمعات المستوطنين عارضوا الفكرة واتهموا شارون بالاستسلام أمام الإرهاب والتراجع عن مبادئ الليكود وخيانة العقيدة الصهيونية وتبني أفكار حزب العمل والتخلي عن"يهودا والسامرة". في المقابل إعتقد شارون بأن مكانته التاريخية وخدمته سنوات طويلة في حقل العمل العسكري، وموافقة أجهزة الأمن على خطوط الخطة الأساسية، وصداقته مع بوش، عوامل مهمة تكفي لإنجاح الخطة وتمريرها في هيئات الليكود والكنيست. وظن أن رفض التنسيق مع الفلسطينيين وجرأته في مواجهتهم واغتيال قادتهم وكوادرهم وتدمير بيوتهم تكفي للحصول على دعم اليمين والشروع في تنفيذ الخطة وفق التوقيت الملائم، وواصل عمله لتمرير خطته في المؤسسات المعنية. لكنه واجه معارضة قوية من المستوطنين وقوى اليمين وداخل حزبه، وجرده اتباعه من لقب"نبي الاستيطان"الذي ناله تقديرا لجهوده في حقل الاستيطان ومساندة المستوطنين في كل زمان ومجال. وأكدت الوقائع اللاحقة انه أخطأ التقدير وفشل في تسويق خطته داخل حزبه, وصدم عندما وقع تمرد شمل اعضاء في قيادة الحزب وكتلته في الكنيست, فحاول اللجوء الى قواعد الحزب في استفتاء حول الخطة، وارتبكت خطواته عندما خسر الاستفتاء ولم يصدق النتيجة وراح يبحث عن مخرج يحافظ على وحدة حكومته ووحدة الائتلاف الذي تستند إليه. وبعد صراع حاد داخل ليكود وفي اطار الائتلاف الحزبي اليميني صادقت الحكومة الإسرائيلية في 6 حزيران يونيو 2004 على خطة معدلة اقرب الى اعلان نوايا بغالبية 14 وزيرا وعارضها 7. وادخل شارون تعديلات نوعية في الخطة مست جوهرها وآلية تنفيذها، وجزأها في اربع مراحل: تبدأ الأولى باخلاء ثلاث مستوطنات معزولة في قطاع غزة نتساريم موراغ ورفياح يام. وفي الثانية يتم اخلاء مستوطنات كاديم وغانيم سانور وحوميش في شمال الضفة، وفي الثالثة تخلى مستوطنات غوش قطيف وكفار دروم في القطاع، وفي الرابعة تخلى ايلي سيناي ودوغيت. وخضع شارون لضغط معارضي الخطة بزعامة غريمه بنيامين نتنياهو ووافق على تأجيل المرحلة الأولى حتى تموز يوليو 2005، واخضاع كل مرحلة من المراحل الاربع لمصادقة الحكومة. وأبقى استمرار السيطرة على محور فيلادلفي الفاصل بين الحدود المصرية والفلسطينية غامضا، ولم يوضح موقفه بشأن تدمير المباني والمنشآت المدنية في المستوطنات أو تسليمها للفلسطينيين ضمن صفقة تضمنها الادارة الأميركية، وبعد اشتراك حزب العمل في الحكومة راح شمعون بيريز يبحث عن طرف ثالث يشتريها لحساب الفلسطينيين. بعد اقل من عام وبناء على اقتراح شارون صادقت الحكومة الإسرائيلية في 20 شباط فبراير 2005، بغالبية 17 وزيرا على الخطة بصيغتها النهائية وعارض القرار خمسة وزراء. واعتبر القرار انتصارا لشارون على خصومه. وبموجب"قانون الإخلاء والتعويض"الذي اقره الكنيست لم يتأخر شارون ووزير دفاعه شاؤول موفاز في توقيع اوامر الانسحاب العسكري وإجلاء نحو ثمانية آلاف مستوطن. وأكدت أوامر شارون على بدء العملية اعتبارا من 20 تموز يوليو المقبل. وبصرف النظر عن النيات والظروف التي احاطت بقرار شارون الانفصال من جانب واحد، فان القراءة الموضوعية للخطة واهدافها تبين انها تتضمن تراجعاً استراتيجياً جديداً في المشروع الصهيوني التاريخي بعد التراجع الذي تم على الجبهات المصرية والاردنية واللبنانية. والانسحاب من قطاع غزة وتفكيك المستوطنات يكرس سابقة خشي زعماء حزب العمل، رابين وبيريز وباراك، الاقدام عليها عندما وصلوا رئاسة الوزراء. وقبلوا الانخراط في حكومة شارون من اجل تكريسها. اعتقادا منهم انها قابلة في ظروف دولية وإسرائيلية ان تتكرر في الضفة الغربية وتسهل على حزب العمل يوما ما تنفيذ مع عجز قادته عن تنفيذه قبل طرح شارون خطته. إلى ذلك، حظيت خطة شارون في صيغتها النهائية بدعم أميركي،پلكنها جوبهت، في البداية، بمعارضة الامين العام للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول العربية، واعتبرت محاولة هروب من الالتزام بخارطة الطريق. وقوبلت من قبل قوى النظام الفلسطيني بشقيه سلطة ومعارضة بغضب شديد, خصوصاً ان شارون لم يفكر في بحثها مع اركان السلطة عندما صاغها ولم يفكر في نقاشها معهم بعد صياغتها، ويصر على تنفيذها من جانب واحد. وازداد غضب الفلسطينيين عندما قدم بوش لشارون مقابل الخطة ضمانات أميركية خطية خطيرة على مصالحهم الاستراتيجية وحقوقهم التي اقرتها الاممالمتحدة, وتضمنت اقرارا أميركيا بتغيير حدود 1967 واعترافا بالكتلپالاستيطانية الكبيرة، ومعارضة حق العودة للاجئين. اي انها حسمت في قضايا مفاوضات الحل النهائي قبل ان تبدأ. ونجح شارون بمساندة أميركية في جعل خطته المشروع الوحيد المطروح في المدينة، وتهرب من تنفيذ التزاماته الواردة في خريطة الطريق خصوصاً اخلاء البؤر الاستيطانية"غير القانونية". وقررت السلطة الفلسطينية في عهد عرفات انتظار تفاعلات تنفيذ الخطة والتعامل مع الايجابي من نتائجها ورفض السلبي.وفي معرض الدفاع عن خطته القائمة على الانفصال من جانب واحد والانسحاب من قطاع غزة، قال شارون:"صحيح انه لن تبقى مستوطنات في قطاع غزة، لكن من الواضح انه ستبقى في يهودا والسامرة وستشكل جزءا من دولة إسرائيل". وبعد اقرار مجلس الوزراء الجدول الزمني لتنفيذ الخطة قال شارون"هذا أصعب قرار اتخذه في 40 عاماً من حياتي السياسية والعسكرية، لكني مقتنع انه يخدم الدولة من الناحية الاستراتيجية" وبينت مناقشات الكنيست وقرار مجلس الوزراء ان الخطة ستنفذ قبل نهاية 2005 وتتوقع إسرائيل دعما دوليا واسعا لها. واكد شارون انه سيواصل بناء الجدار الأمني، بناء على قرارات الحكومة، وينوي ضم قرابة 7-10 في المئة من اجمالي مساحة الضفة الغربية لإسرائيل تضم تجمع مستوطنات"غوش عتسيون"بين القدس والخليل، ومستوطنة"معاليه ادوميم"شرق القدس وتطل على البحر الميت، ومعظم مستوطنات جبل الخليل، ومستوطنة"ارئيل"وما يحيط بها من مستوطنات بين نابلس ورام الله. وجاء في النص ايضا ان"الخطة ستؤدي الى واقع امني أفضل لإسرائيل على الاقل في المدى القصير". وتؤكد الخطة في مقدمها"ان إسرائيل ملتزمة بالعملية السلمية وتتطلع نحو تسوية متفق عليها على قاعدة مبدأ دولتين للشعبين: دولة إسرائيل كدولة للشعب اليهودي ودولة فلسطينية للشعب الفلسطيني". واكد صاحبها ان تنفيذ خطته ليس مشروطا بتعاون فلسطيني، وبرر صياغتها وعزمه تنفيذها من جانب واحد بالادعاء ان ليس ثمة شريك فلسطيني يمكن العمل معه. وتبقي الخطة لإسرائيل الحق في الدفاع عن النفس وحق الرد واستخدام القوة ضد الاخطار التي قد تنشأ في المناطق التي سيتم اخلاؤها. وفيما يخص معبر"ايريز"على حدود إسرائيل مع القطاع تؤكد على ان"هذا المعبر سينقل الى داخل الاراضي الإسرائيلية في سياق جدول زمني محدد". اما المعابر الدولية بين مصر وقطاع غزة وبين الضفة والاردن فالخطة تؤكد"بقاء الترتيبات القائمة حاليا كما هي". واشارت الى انپإسرائيل معنية بنقل المعبر إلى نقطة"المثلث الحدودي"، الواقعة على بعد قرابة كيلومترين إلى الجنوب من موقع الحالي. يتم ذلك بالتنسيق مع مصر، وسيساعد ذلك على زيادة ساعات العمل في المعبر .و"تطمح إسرائيل، على المدى البعيد، وبشكل يتفق مع مصلحتها في تشجيع استقلالية الاقتصاد الفلسطيني على تقليص عدد العمال الفلسطينيين الذين يدخلون إلى إسرائيل". وأكدت الخطة على ان"لا يكون في الضفة والقطاع وجود امني لاية دولة في اية مرحلة من دون تنسيق مع إسرائيل والحصول مسبقا على موافقتها". واشارت الى امكان ان تسمح إسرائيل لاربع دول هي الولاياتالمتحدة وبريطانيا ومصر والاردن بمساعدة السلطة الفلسطينية في تدريب قواتها الأمنية. وفي حديثه مع الادارة الاميركية والاتحاد الاوروبي وعد شارون ان تعمل حكومته على إطلاع الولاياتالمتحدةپعلى مراحل الإخلاء والجدول الزمني المفصل وتقليص الحواجز ونقاط التفتيش في الضفة الغربية مع تواصل العمليات الأمنية الضرورية دون قيود. وفي ما يخص الاخلاء والانسحاب من قطاع غزة أكدت الخطة على أن"إسرائيل ستخلي قطاع غزة بما في ذلك كل المستوطنات الإسرائيلية القائمة اليوم، وتعيد انتشار الجيش خارج اراضي القطاع باستثناء استمرار انتشار عسكري في منطقة خط الحدود بين قطاع غزة ومصر"محور فيلادلفي". وفي سياق الحديث عن منطقة"محور فيلادلفي"نصت الخطة"في المرحلة الاولى وفي اماكن معينة يحتمل ان يكون لازما توسيع مادي للارض التي تنفذ فيها النشاطات العسكرية". ولاحقا إذا نشأت ظروف ملائمة"ستكون إسرائيل مستعدة لفحص امكان اقامة ميناء بحري ومطار في قطاع غزة بالخضوع الى الترتيبات التي تتقرر مع إسرائيل". وبشأن الاملاك الثابتة في المستوطنات المنوي اخلاؤها تشير الخطة الى امكان اقامة هيئة دولية بموافقة إسرائيل تتسلم المنشآت وتقدر قيمتها مع احتفاظ إسرائيل بحق المطالبة لاحقا بقيمتها المالية. وتؤكد ان البنى التحتية المتعلقة بالمياه والمجاري والكهرباء والاتصالات ستبقى. وكذلك الترتيبات الاقتصادية السارية حاليا بين إسرائيل والفلسطينيين ستبقى أيضا وتشمل حركة العمال والبضائع والنظام المالي. وستستمر إسرائيل في الإشراف على تزويد الفلسطينيين في القطاع بالكهرباء والماء والغاز والوقود وفق الترتيبات القائمة حاليا. وبشأن بقاء المنطقة الصناعية في منطقة"ايريز"تشترط الخطة اعترافاً صريحاً من الاسرة الدولية بان استمرار وجود هذه المنطقة لا يعتبر استمرار احتلال لها. وبعد انطلاق"الانتفاضة"وتصاعد العمليات العسكرية في منطقة ايرتز لم يصمد هذا الموقف طويلا، وقررت حكومة شارون اخلاء هذه المنطقة الصناعية ونقلها الى مناطق متفرقة داخل إسرائيل. خاصة بعد تعطل العمل فيها وبصورة كاملة مني المشاركون فيها بخسائر كبيرة. وايا تكن دوافع واهداف شارون الحقيقية من طرح خطته واصراره على تنفيذها، فالواضح ان لديه ما يبررها ويتوخى خدمة أمن إسرائيل الاستراتيجي اولا وليس منح حرية للفلسطينيين واعادة حقوق سلبتها إسرائيل قبل اكثر من نصف قرن بتواطؤ دولي، ويأمل شارون ومصممو الخطة النجاح في: تأسيس مقومات أفضل للمحافظة على أمن إسرائيل وسحب البساط من تحت اقدام"المزاعم"الدولية الموجهة ضدها بشأن مسؤوليتها كقوة احتلال عن الفلسطينيين في قطاع غزة. ويتصور شارون انه بعد تنفيذ الخطة"لن يكون هناك أساس للزعم بان قطاع غزة هو منطقة محتلة". وانه بموجب الخطة والانسحاب وبالاستناد للدعم الأميركي يمكنه انتزاع موقف دولي ينزع عن إسرائيل صفة قوة الاحتلال. عبر الخطة تحاول حكومة شارون معالجة مشكلة حقيقية تتعلق بالخطر الديمغرافي الذي يتهدد إسرائيل كما يتردد في الفكر السياسي الإسرائيلي، والتخلص من السيطرة على كثافة سكانية لا مثيل لها في العالم والتهرب من المسؤولية الادبية والقانونية عن حياة أكثر من مليون وربع مليون فلسطيني يعيشون في 365 كلم مربعاً في حال فقر مدقع. يامل شارون ان تساعد الخطة في عرقلة مسيرة السلام ومواجهة التحرك الدولي وتعطيل محاولات فرض خطة لحل النزاع من نوع خريطة الطريق التي طرحتها اللجنة الرباعية الدولية والهروب من تنفيذ الالتزامات التي وردت فيها. وقطع طريق المبادرة العربية التي صدرت عن قمة بيروت وارباك اي تحرك على اساسها. وجاء في خطة شارون:"عندما يكون في الطرف الفلسطيني ادلة على الاستعداد والقدرة والتحقيق العملي لمكافحة الارهاب وتنفيذ الاصلاحات بموجب خريطة الطريق سيكون ممكنا العودة الى المفاوضات والحوار". يأمل شارون ان تساهم الخطة في معالجة مسألة جوهرية تتعلق بأمن إسرائيل وتؤثر في اقتصادها وعلاقاتها الدولية بجانب تأثيراتها الأمنية السلبية على الشارع والجيش والمستوطنين. وان تساعد في تقليص خسائر إسرائيل البشرية والاقتصادية والسياسية والأمنية، خاصة بعد فشله في قمع الانتفاضة ووقف العمليات كما وعد شعب إسرائيل. ويأمل أيضا ان تساعده الخطة في تبرير موقفه المتعلق بمستقبل الضفة والتخلص من اعباء كلفة احتلال قطاع غزة المرتفعة، خصوصاً ان موقع قطاع غزة باهت وضبابي في نظرية ارض الميعاد التي وهبها الله لبني إسرائيل. تحسين صورة إسرائيل عالميا وابداء شيء من المرونة الزائفة تساعد إسرائيل على الحركة في ميدان الساحة الدولية، ومواجهة قرار محكمة العدل الدولية في شأن الجدار والاستيطان. وخلق ظروف افضل لتكريس الاستيطان وضم مساحات واسعة من الضفة وتغطية عملية بناء الجدار القائمة على قدم وساق، وتعزيز الاستيطان وتوسيعه في الضفة الغربية وضم بعض التجمعات الى إسرائيل. وكشفت الصحف الإسرائيلية أخيراً عن مخططات مخيفة جديدة للبناء في المستوطنات خاصة في منطقة القدس ومستوطنة معاليه ادوميم. وعلى رغم ان شارون طرح خطته وفي ذهنه هذه الامور، اذ وضع في مقدمتها نصا يقول:"إسرائيل ملتزمة المسيرة السلمية وتتطلع الى تسوية متفق عليها على اساس مبدأ دولتين: دولة إسرائيل للشعب اليهودي، ودولة فلسطين كجزء من تحقيق رؤية الرئيس بوش". واكد تمسكه برؤية بوش لحل النزاع، واشترط شارون وقف العنف و"الارهاب"العودة الى المفاوضات والتقدم نحو تنفيذ الخارطة، وشدد على القضاء على منظمات الارهاب واجراء اصلاحات في السلطة الفلسطينية. * كاتب فلسطيني.