أعلن البيت الابيض وهو يرشح ايليوت ابرامز نائباً لمستشار الأمن القومي ستيفن هادلي، مسؤولاً عن استراتيجية الديموقراطية العالمية انه"سيعمل مع الوزيرة رايس والمستر هادلي، وسيظل منغمساً في الشؤون الاسرائيلية - الفلسطينية". هذا الكلام يعني تسليم شاروني ليكودي يفيض بأحقاده على العرب والمسلمين، خصوصاً الفلسطينيين، مهمة أول شروطها التوازن بين الطرفين، وهو سيكون دائماً جهاز تنصت اسرائيلياً في الادارة. عندما رشح الرئيس بوش أبرامز لمنصب مسؤول عن حقوق الانسان سنة 2001 ثارت عاصفة احتجاج، وتذكر اعضاء في الكونغرس كيف مثُل أبرامز أمامهم، ونفى وجود فرق قتل، ودافع عن الطغاة، وأنكر ارتكاب مذابح، كما أكد ان الولاياتالمتحدة لم تساعد الكونترا بطريقة غير شرعية وهي الكذبة التي سقط فيها. جون نغروبونتي خرج من هندوراس وقد تبنى وزوجته خمسة أطفال فقدوا والديهم. اما ابرامز فلم يندم ولم يعتذر، وبدا انه لا يهمه ان جيش السلفادور قتل في مذبحة واحدة 784 مدنياً كل اسمائهم وتفاصيل حياتهم معروف. وهو كتب في وقت لاحق عن تجربته في السلفادور مقالاً بعنوان"نصر أميركي"نشرته"ناشونال ريفيو"، احدى مطبوعات المحافظين الجدد. وقد سخر دائماً من معارضي المذابح واعتبرهم جهلة او ساذجين. بل ان هناك معلومات عن دور له في محاولة انقلاب على الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز في نيسان أبريل 2002. تعيين أبرامز الجديد لم يلق معارضة تذكر مع ان ماضيه كله يمثل سجلاً تراكمياً لعدم شغل منصب مسؤول عن اسرائيل والفلسطينيين، فهو اسرائيلي قبل ان يكون أميركياً، ومتطرف بالكامل. أبرامز عارض عملية السلام بعد 1993 ووبخ اليهود الأميركيين الذين أيدوها، وهو متطرف دينياً، وله مواقف عنصرية. فقد كتب معارضاً ان يدرس اليهود في مدارس غير يهودية وقال:"خارج أرض اسرائيل لا يوجد شك في ان اليهودي المخلص للميثاق بين ابراهيم والله يجب ان يفصل نفسه عن البلد الذي يعيش فيه. انها طبيعة اليهودي ان يكون منفصلاً عن بقية السكان الا في اسرائيل". ما يقول هذا العنصري ان اليهودي الأميركي يجب ان"ينفصل"عن بقية الأميركيين لأنه مختلف، والعنصرية في هذا الكلام لا تحتاج الى تعليق، وأبرامز من التطرف انه انتقد الاهتمام بمقتل مغني البيتلز جون لينون، وقال انه لا يجوز ان تخصص الصحف لهذا الموضوع صفحات كثيرة يوماً بعد يوم. وعزا الاهتمام الى ان لينون يساري انتصر له الليبراليون، الا انه غير مهم. واذا كان أبرامز لا يطيق جون لينون فيمكن ان يتصور القارئ رأيه في الفلسطينيين، او العرب المسلمين. وهو يقول انه لا يحق للفلسطينيين انشاء دولة الا اذا قبلت هذه الدولة ان تتبع أميركا، ويطالب باستمرار التأييد الأميركي الكامل لاسرائيل. كيف يمكن ان يسلّم مثل هذا الرجل المسؤولية عن قضية هو طرف متطرف فيها؟ عندما كانت كوندوليزا رايس مستشارة الامن القومي عينته في حزيران يونيو 2002 مسؤولاً عن شؤون الشرق الأوسط في المجلس، بعد ان كان مسؤولاً عن الديموقراطية وحقوق الانسان والعمليات الدولية في السنة السابقة. ومع ان مهمته الحالية هي استراتيجية الديموقراطية العالمية، فإنه مكلف بملف الشرق الأوسط من جديد. وهو سافر مرتين الى أوروبا في تشرين الثاني نوفمبر الماضي للحديث عن سياسة الادارة الجديدة في الشرق الأوسط، واشترك في استقبال الروسي ناتان شارانسكي، وزير القدس والشتات في حكومة شارون، الذي صدر له كتاب بعنوان"قضية الديموقراطية"أعجب به جورج بوش، مع ان فكرة الكتاب مأخوذة من كلام الرئيس المتكرر عن الديموقراطية والحرية. وهاتف أبرامز المنظمات اليهودية الأميركية قبل اجتماع رؤسائها مع الدكتورة رايس، ورتب التفاصيل، وأكدت رايس ان سياسة الادارة ازاء اسرائيل لم تتغير. ولا بد من ان ايليوت لم يعجب كثيراً بحديث الوزيرة قبل ايام عن المستوطنات، ولا بد من ان نسمع في المستقبل تحايل الجناح المتطرف في الادارة على هذا الموقف. وكان أبرامز وضع مع دوف فايسغلاس، مستشار آرييل شارون، أطر محادثات الوزيرة الجديدة مع رئيس وزراء اسرائيل، عندما زارت الشرق الأوسط، في أول رحلة خارجية لها بعد انتقالها الى الخارجية من مجلس الأمن القومي. أبرامز زميل كبير في مؤسسة هدسون، أحد معاقل المحافظين الجدد، وهو مستشار اللجنة اليهودية الأميركية، ومن مؤسسي مشروع القرن الاميركي الجديد، وهو متزوج من راشيل دكتر، ابنة ميدج ديكتر، مما يعني انه من عشيرة بودهوريتز - ديكتر، أي من أساس عصابة المحافظين الجدد، من الليكوديين المتطرفين. وكان أبرامز رئيس مركز الاخلاق والسياسة العامة من 1996 الى 2001، ومن"أخلاقه"ان حقوق الانسان يجب ان تكون"أداة للسياسة"، لا هدفاً. وقد حاول ان ينشئ من المركز والتحالف المسيحي ومجلس أبحاث الاسرة لجنة دائمة مهمتها الاضطهاد الديني في الصين والمملكة العربية السعودية وأندونيسيا والسودان وكوبا وغيرها. بصراحة، كل ما في تاريخ ايليوت أبرامز الخاص والعام يظهر انه ليكودي متطرف لا يصلح ان يعمل حكماً بين اسرائيل والفلسطينيين، لأنه اسرائيلي قبل ان يكون أميركياً، واذا كان غطى على جرائم العسكر في أميركا الوسطى، فإننا نستطيع ان نتصور موقفه من جرائم حكومة شارون ضد الفلسطينيين. كتبت بايجابية عن كارين هيوز ودينا باول، وأيضاً عن جون نغروبونتي، وانتقدت تكليف بول وولفوفيتز أو ايليوت أبرامز مهمات قد تستغل لخدمة اسرائيل بدل الولاياتالمتحدة. وأكمل غداً بجون بولتون، السفير الأميركي الجديد لدى الأممالمتحدة، فسجلّه من نوع سجل أبرامز، وأترك للقارئ ان يقرّر أيهما أسوأ في عمله للعرب والمسلمين.