القضية هي دولة فلسطينية أو لا دولة، وقد حوّل بنيامين نتانياهو القضية الى مستوطنات، وهل يبنى المزيد منها، أو تُجمد أو يُسمح لها بالنمو «الطبيعي». أما قادة الفلسطينيين فقد جعلوا قضيتهم إطلاق الأسرى والمعتقلين، والحديث هنا عن أسرى ومعتقلين بأيدي السلطة الوطنية وحماس لا إسرائيل. اتصلت هاتفياً بالدكتور أحمد الطيبي، عضو الكنيست، لأسمع رأيه، ووجدت أنه في إجازة مع أسرته في جنوب تركيا، ثم فوجئت به يبدأ برأي كنت أعتقد أنه رأيي وحدي، فقد قال إن الانقسام الفلسطيني أخطر على مستقبل القضية من حكومة اليمين في إسرائيل. هو قال إن هناك توجهاً أميركياً جديداً وجدياً، إلا ان الانقسام الفلسطيني سيعطله وسيرفع الضغط عن حكومة نتانياهو، وهذه لن تقبل قيام دولة فلسطينية حقيقية لأن مجرد القبول سيؤدي الى سقوط الائتلاف الحكومي. الدكتور الطيبي وصف حكومة نتانياهو بأنها حكومة «مهاويس» وكل عضو فيها متطرف أكثر من الآخر، ورئيس الوزراء يكذب على أميركا والعالم، ويتلاعب بالكلمات فيما الاستيطان مستمر باسم أو بآخر. وزير الدفاع إيهود باراك وصل الى واشنطن لمقابلة المبعوث الأميركي الى الشرق الأوسط ومسؤولين أميركيين آخرين بعد فشل إسحق مولشو الذي أرسله نتانياهو وقابل ميتشل. وكانت الصحف الإسرائيلية قالت إن باراك سيقترح تجميد الاستيطان ثلاثة أشهر، ثم عادت يوم وصوله الى واشنطن لتقول إنه سيقترح السماح لإسرائيل بالاستمرار في تنفيذ مشاريع البناء المقررة، ما يعني مئة ألف وحدة سكنية مع وجود 400 ألف مستوطن الآن. ولاحظت أن إيليوت أبرامز، نائب مستشار الأمن القومي السابق وهو إسرائيلي ليكودي متطرف قبل أن يكون أميركياً، زعم في مقابلة، مع القناة الأولى في التلفزيون الإسرائيلي هذا الاسبوع، أن إدارة بوش وحكومة شارون توصلتا الى اتفاق شفوي للاستمرار في البناء داخل المستوطنات ضمن شروط محددة. وكان أبرامز قال الكلام نفسه في مقال نشرته له «وول ستريت جورنال». جورج بوش يستطيع ان يعطي آرييل شارون مستوطنة في تكساس إلا أن أراضي الفلسطينيين ليست ملكه ليقدمها الى شارون، وكل هذا إذا كان كلام أبرامز صحيحاً. أما دوف فايسغلاس، مساعد شارون، فكتب مقالاً في «يديعوت أخرونوت» وجدت ترجمته الى الإنكليزية ناقصة أو غير واضحة فهي تقول، كما أترجمها بدقة الى العربية: «في 16/5/2003 خلال اجتماعات في إسرائيل وواشنطن، وبعد تحفظات إسرائيل على خريطة الطريق، جرى التوصل الى اتفاق بعدم البناء في مستوطنات اليهودية والسامرة وغزة، مع استثناء البناء داخل الخط القائم للبناء...» ما معنى هذا الكلام؟ أرجح أن المقصود هو البناء داخل المستوطنات من دون توسيعها. ولكن كيف تكون الاجتماعات في واشنطن وإسرائيل في يوم واحد؟ هل الذين اجتمعوا هم الأشخاص أنفسهم في مؤتمر عبر الهاتف والتلفزيون، أو ان مسؤولين أميركيين وإسرائيليين اجتمعوا في واشنطن، ومسؤولين آخرين اجتمعوا في إسرائيل؟ مقابل التدجيل الإسرائيلي لا يزال الجانب الأميركي مصراً على وقف البناء في المستوطنات، وقد أعلن هذا الرئيس أوباما وكررته وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، والمبعوث ميتشل. في غضون ذلك، الفلسطينيون في القاهرة أمامهم اسبوع ليعلنوا فشلهم النهائي، أو يُفرض الاتفاق عليهم بالقوة. في غضون ذلك أيضاً وأيضاً تستغل حكومة نتانياهو غياب «الشريك» الفلسطيني لتصدر سلسلة قوانين تستهدف الفلسطينيين من أهل 1948، فهناك قانون مرَّ عبر القراءة الأولى ينص على أن من يحرض على يهودية الدولة أو يقول إن إسرائيل ليست دولة يهودية يسجن سنة. وهناك قانون الولاء الذي يعاقب بالسجن ثلاث سنوات من يحيي ذكرى النكبة. وقانون ثالث عن إسرائيل كدولة يهودية صهيونية يلزم الخدمة في الجيش أو في عمل موازٍ. الدكتور أحمد الطيبي منع من زيارة لبنان لإجراء مقابلة تلفزيونية مع الزميل زاهي وهبي. ووزير الداخلية الإسرائيلي أرسل إليه رسالة خطية بالمنع ولو كان البرنامج غير سياسي، وهناك تهديد بأن مَن يزور لبنان أو سورية يمنع من الترشح في الانتخابات. الفلسطينيون من أهالي 1948 احتجوا الى الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي لأن القوانين الإسرائيلية المقترحة فاشستية وعنصرية وتنتهك معاهدات دولية معروفة. في غضون ذلك، للمرة الأخيرة، الانقسام الفلسطيني مستمر وهو أخطر على القضية من الحكومة الفاشستية في إسرائيل، والقيادات الفلسطينية تتحمل المسؤولية كاملة أمام الشعب والتاريخ ورب العباد.