مع اقتراب موعد الانتخابات العامة في بريطانيا بين حزبي"العمال"صاحب الشعار ذي اللون الاحمر، و"المحافظين"ذي اللون الازرق، فان المتابعين يتوقعون ان يكون الاهتمام ب"الموقعة الانكليزية"والصراع الكروي بين الحمر ليفربول والزرق تشلسي، اكثر حماسة وجدية من الصراع السياسي. راهن الانكليز على مانشستر يونايتد وارسنال للوصول الى الدور نصف النهائي من دوري ابطال اوروبا، والى ابعد من ذلك، لكن قلة كانت تعتقد ان تشلسي وليفربول سيخوضان معركة انكليزية بحتة في هذا الدور ليضمنا وصول فريق من الدرجة الممتازة الى المباراة النهائية في اسطنبول، للمرة الاولى منذ فوز مانشستر يونايتد باللقب في 1999. ستكون"الموقعة الانكليزية"الاولى التي تجمع فريقين من الدرجة الممتازة الانكليزية في نصف نهائي دوري الابطال، ولكنها ستكون التاسعة التي تجمع فريقين انكليزيين في احدى المسابقات الاوروبية. وهناك اكثر من عامل مشترك بين مدربي الفريقين، البرتغالي جوزيه مورينيو والاسباني رافائيل بنيتيز، اولها انهما يخوضان موسمهما الاول في الدوري الانكليزي، وربما يعكس نجاحهما في المسابقة الاوروبية مدى محدودية قدرات بقية مدربي الدوري في التعامل مع الخطط المناسبة للنجاح في دوري الابطال، وعلى الاخص اليكس فيرغسون مانشستر يونايتد وارسين فينغر ارسنال. والعامل المشترك الآخر هو ان مورينيو وبنيتيز جاءا على خلفية انتصارات ساحقة مع فريقيهما السابقين، فمورينيو قاد بورتو الى الفوز بدوري ابطال اوروبا وبطولة الدوري البرتغالي، مثلما قاد بينيتز فالنسيا الى الفوز بكأس الاتحاد الاوروبي والدوري الاسباني الموسم الماضي. فالخبرة موجودة والمعرفة بمتطلبات تحقيق الانتصار متوافرة. عدا عن عامل مشترك آخر هو ان كليهما درس العلوم الرياضية ودرّسا التربية البدنية للطلاب قبل بروزهما مدربين. حظوظ الفريقين منطقياً يبدو ان تشلسي اقرب الى التأهل الى المباراة النهائية، فهو تألق في موسمه الاول تحت قيادة مورينيو، وبات قاب قوسين او ادنى من تحقيق اللقب للمرة الثانية في تاريخه والاولى منذ العام 1955، ومسح كل الذكريات السيئة التي ارتبطت بمدربه السابق الايطالي كلاوديو رانييري. ففي نحو 55 مباراة لعبها الى الآن في كل المسابقات، لم يخسر تشلسي سوى خمس مباريات، بعضها كان تحصيل حاصل، كالخسارة في الدور الاول من دوري الابطال امام بورتو بعدما ضمن تأهله بتزعمه المجموعة، والخسارة الاخيرة في ميونيخ 2-3، سجل خلالها الفريق الالماني هدفين في الدقيقة الاخيرة. لكن عروض الفريق في غالبية المباريات كانت قوية وصلبة، فبعد بداية جيدة توجها بانتصارات انتهت غالبيتها بفارق هدف واحد، فان مورينيو رحب بعودة نجمه الهولندي اريان روبن، حيث سمح له باستخدام طريقة لعب 4-3-2-1 التي تألق بها الفريق و"انهك"كل منافسيه بفاعلية كبيرة. ولكن مورينيو اعتمد على عمود فقري مكون من الحارس المتألق بيتر تشيخ الذي خاض اكثر 16 مباراة من دون ان تهتز شباكه، وعلى قلب دفاعه الصلب جون تيري الذي اختير حديثاً افضل لاعب للموسم الحالي باختيار جمعية اللاعبين المحترفين، وشعلة نشاط خط الوسط فرانك لامبارد الذي دافع بشراسة عند الحاجة وصنع الاهداف بحرفة وسجلها كقناص محترف، اضافة الى المهاجم العاجي ديدييه دروجبا الذي ما زال يملك في جعبته الكثير. وكان تأثير مورينيو النفسي وطريقة معاملته لنجومه عاملاً رئيساً في توثيق الروابط في الفريق من لاعبين واداريين وفنيين، ونجح في زرع روح عشق الانتصار ونبذ الخسارة ورفضها التي عكست شخصيته. اما ليفربول، فلا شك ان انجازه باقصاء يوفنتوس في ربع النهائي، كان مفاجأة هذا الدور، ومفاجأة لمشجعيه ومتابعيه على رغم ماضيه العريق في هذه المسابقة بطل كأس ابطال اوروبا اعوام 1977 و1978 و1981 و1984. وعلى رغم العروض القوية في مسابقة دوري الابطال الا انها جلبت الحيرة للمتابعين بسبب العروض المغايرة والمتقلبة في بطولة الدوري المحلي. حاول بنيتيز سريعاً محو شخصية فريق سلفه الفرنسي جيرار هوييه، ف"أسبن"فريقه الجديد باضافة سبعة من مواطنيه، لم يبرز منهم سوى المهاجم لويس غارسيا، فيما ابدى شافي الونسو بعضاً من مواهبه على فترات متقطعة افسدتها الاصابة، فيما كان الامل ينعقد على المهاجم فيرناندو مورينتيس الذي لم يسجل سوى هدفين في الدوري في نحو 11 مباراة، يقول البعض انه بحاجة الى وقت اكبر للتأقلم. ويبقى شعلة خط الوسط ستيفن جيرارد القلب النابض والمحرك والامل الكبير في كل مباراة، فحين يعاني المدافعون ينجدهم، وعندما يخيب المهاجمون فانه ينقذهم بهدف او اثنين، وربما يكون هو عنوان"الموقعة الانكليزية"كون تقارير كثيرة تؤكد ابرام صفقة انتقاله الى تشلسي الموسم المقبل. وربما ابدى بنيتيز دراية بالمكر التخطيطي والسبل الناجعة لخوض منافسات الكؤوس اكثر مما توقع منه البعض، وعليه فان فكرة الوصول الى المباراة النهائية عملياً بدأت تدغدغ مخيلة العديد من اوفياء"انفيلد". ومن الطريف ان جماهير ليفربول تؤمن بقوة بمقولة"ان التاريخ يعيد نفسه"، فبثوا رسائل الكترونية تفيد احداها ان"في العام 1978 فاز منتخب ويلز للركبي بكأس غراند سلام، وتوفي بابا الفاتيكان واحرز ليفربول كأس ابطال اوروبا... والان في 2005 احرز منتخب ويلز للركبي كأس الجراند سلام وتوفي البابا يوحنا بولس الثاني وليفربول...". وتقول اخرى:"في العام 1981 تزوج الامير تشارلز الاميرة ديانا، وعرض البرنامج التلفزيوني"دكتور هو"وليفربول فاز بكأس ابطال اوروبا... والآن في 2005 تزوج الامير تشارلز كاميلا باركر بولز وعرضت حلقات مجددة من"دكتور هو"وليفربول ...".