الفارق بالانكليزية بين اسمي العراقوايران، هو حرف واحد، الحرف الأخير، ما جعل الكوميدي ألي علي جي يسأل وزير الخارجية الأميركي الأسبق جيمس بيكر يوماً هل يمكن ان يحدث خطأ فتهاجم الولاياتالمتحدةالعراق، وهي تقصد ايران. أذكر ان بيكر نفى إمكان الخطأ، الا انني لم أعد واثقاً من شيء. المسؤولون الأميركيون أنفسهم الذين دعوا الى حرب على العراق يدعون الآن الى حرب على ايران، تساندهم دور البحث حيث أوكار المحافظين الجدد، واسرائيل، من وراء الجميع. بعض الصور: - عندما يقول آرييل شارون اسرائيل لا تنوي توجيه ضربة عسكرية الى المنشآت النووية الايرانية، فهو يعني انه يريد ان توجه الولاياتالمتحدة الضربة. وهو اختار كلماته بعناية فلم يقل"لن نوجّه ضربة"وإنما قال ان اسرائيل لا تفكر بتوجيه ضربة الى ايران الآن. - المؤتمر الوطني العراقي أصبح الآن مجاهدين خلق، وما مهرجان الجماعة في واشنطن الأسبوع الماضي بدعم أعضاء في الكونغرس سوى مقدمة لرفعهم من قائمة الارهاب وإغداق المال عليهم كأعضاء المؤتمر الوطني في حينه. - أحمد الجلبي لم يصبح الآن مريم رجوي، وإنما أرجح انه تحوّل الى صاحب الجلالة الامبراطورية رضا بهلوي، المطالب بعرش ايران. - الاسلحة النووية غير الموجودة في العراق، والعلاقة مع القاعدة التي لم تقم يوماً، وكل كذبة اخرى أصبحت الآن البرنامج النووي الايراني، مع الزعم ان ايران على بعد تسعة أشهر أو سنة من انتاج قنبلة نووية. ليس الأمر انني"أهلوس"، فقد اكتسبت مع العمر مناعة ضد ان أستفز أو أفاجأ، وإنما انني أقرأ. وهكذا: كنتُ قرأت في"الفاينانشال تايمز"ان أنصار الملكية الايرانية المنفيين"الذين توحدهم الرغبة في تغيير النظام في ايران وتشجعهم إطاحة النظام في بغداد، بدأوا يطورون تحالفاً في واشنطن مع محافظين جدد نافذين ومسؤولين في البنتاغون وجماعات اللوبي الاسرائيلي... وهم يرون في أحمد الجلبي، رئيس المؤتمر الوطني العراقي، نموذجاً يحتذى بما له من دعم كبار أركان البنتاغون ليترأس ديموقراطية علمانية مؤيدة لأميركا". طبعاً الجلبي سقط وعاد حليفاً لايران، وعلى قائمة شيعية، واعداء ايران يرجون الا يخذلهم رضا بهلوي كما فعل حليفهم العراقي. وثمة مقالات تضيق عن الحصر تلمع صورة المطالب بعرش ايران المقيم في واشنطن، مع انه لا يبدو لي على ذكاء كبير أو قدرة، فقد استطاع نصاب قريب منه ان يجرّده من أكثر ماله بحجة استثماره له. غير ان الموضوع ايران بعد العراق، لا هذا الرجل أو ذاك، والسناتور ريك سانتوروم والسناتور جون كورنين يريدان موافقة مجلس الشيوخ على"قانون حرية ودعم ايران"ما يذكرنا بسورية ولبنان بعد العراق، وهو يدعو الحكومة الأميركية الى العمل لتغيير النظام في ايران، وتمويل جماعات قريبة من رضا بهلوي بملايين الدولارات، لإقامة نظام ديموقراطي مؤيد للولايات المتحدة... وعلماني، وقد أيد ستة اعضاء في مجلس النواب تظاهرة مجاهدين خلق وطلبوا دعم الجماعة بالمال للغرض نفسه، ناسين ان هؤلاء اتخذوا يوماً من عراق صدام حسين قاعدة لهم. ومع كثرة المادة المتوافرة، فإنها تكرر بعضها بعضاً، ومثال يكفي، فقد قرأت مقالاً بعنوان"بناء موقف مشترك عبر المحيط الأطلسي من المشكلة النووية الايرانية"كتبه دوغلاس وساره أليسون الباحثان في مؤسسة هرتدج التراث المحافظة، وهي أحد معاقل المحافظين الجدد. وهكذا فالمحافظون الجدد يرون مشكلة ايرانية، والكاتبان يتوقعان فشل المفاوضات الأوروبية مع ايران، ويقولان ان ما يحفز ايران على التفاوض مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا ليس الحوافز الاقتصادية الأوروبية الموعودة، بل الخوف من عمل عسكري أميركي. ويصرّ الكاتبان على ان من المهم بمكان ألا تكون الولاياتالمتحدة جزءاً من أي اتفاق لا يتضمن خياراً عسكرياً، أو تأييد المعارضة الايرانية، أو عرقلة جهد ايران الحصول على قدرة نووية مدنية. وفي حين يطالب الكاتبان بأقسى شروط لمنع ايران من الحصول على قدرة نووية فإنهم لا يتحدثون عن الأسلحة النووية الاسرائيلية، حيث توجد حكومة من مجرمي الحرب يترأسها سفاح معروف هو آرييل شارون. مثل هذا الوضع لا يقلقني وحدي، وليون هادار في العدد الأخير من مجلة"أميركان كونسرفاتيف"كتب بدقة وبذكاء عن ايران بعد العراق، وأختار من كلامه فقرة تغني عن شرح طويل فهو يقول:"ان الاشخاص أنفسهم الذين أقنعوا الأميركيين بتصديق المحتال الجلبي يحاولون الآن اقناعهم بشراء سجادة مستعملة من بهلوي، فوريث عرش الطاووس أقام علاقات ودية في واشنطن مع المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي حيث لا مفاجأة ان ريتشارد بيرل وجيمس ووزلي ومايكل ليدين من أعضاء مجلس الادارة ومؤسسة هدسون ومؤسسة أميركان انتربرايز وغيرها، وأصبح الأمير الفارسي موضوع مقالات معجبة به في الصحافة الأميركية، وقد لاحظت"ويكلي ستاندارد"التي تراجع فكرها عن الحرب على العراق ان بهلوي اجتمع بصمت مع مسؤولين اسرائيليين". أختلف مع هادار قليلاً، فهو يقول ان وزارة الخارجية مع وجود كوندوليزا رايس قد تؤيد دعاة الحرب على ايران ولا أراها كذلك، بل أعتقد بأنها أكثر قدرة على مقاومتهم من سلفها كولن باول. غير انني أتفق مع هادار على ان الادارات الأميركية في حرب مع ايران منذ 1979 ويريد المحافظون الجدد انهاءها الآن، كما ان الحرب مع العراق سنة 1991 لم تنته الا بالحرب سنة 2003. ايران تظل في موقف أقوى كثيراً للدفاع عن نفسها من صدام حسين، وقياداتها أذكى، غير انه لا يجوز البتة الاستهانة بخطط اسرائيل ودعاة الحرب من أنصارها في الولاياتالمتحدة.