تواجه الحكومة الإيطالية برئاسة سيلفيو بيرلوسكوني رياحاً عاتية توشك أن تتحول إعصاراً يطيحها، وذلك للمرة الأولى منذ تشكيلها في حزيران يونيو 2001. واشتدت أزمة الحكومة عندما اتسع نطاق معارضيها من الداخل ومن أقرب حلفاء بيرلوسكوني. وبعد إعلان الحزب الديموقراطي المسيحي بزعامة نائب رئيس الحكومة ماركو فولّيني سحب وزرائه والاكتفاء بدعم الحكومة من الخارج"كخطوة أولى لفك الارتباط مع الائتلاف الحاكم"، أصدرت قيادة حزب"التحالف القومي"بزعامة وزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء جانفرانكو فيني بياناً انتقدت فيه إصرار بيرلوسكوني على رفض تقديم استقالة الحكومة والاكتفاء بحركة التفافية حول الأزمة، بإجراء تعديل وزاري يحظى بدعم الحليف المخلص الوحيد الذي بقي لبيرلوسكوني، أي"رابطة الشمال". وتبرأ"التحالف القوم"في بيانه، من إصرار بيرلوسكوني على الإبقاء على الحكومة على رغم ما يعصف بها. وأشار الى ان"هذا الإصرار، الذي نعلن رفضه آسفين، يولّد لدى المواطنين الإيطاليين الاحساس في أن من يقرر سياسة الحكومة الإيطالية هو حزب رابطة الشمال". وأضاف البيان أن الوزراء المنضوين تحت لواء الحزب لم يتقدموا باستقالاتهم بل"وضعوا أمر استمرار مشاركتهم في الحكومة بين يدي رئيس الحزب". إلاّ أن وزير الزراعة جانّي أليمانّو، وهو الزعيم الثاني للحزب وزعيم كتلة المعارضة فيه، أكد أنه وزملاءه"استقالوا بالفعل وأنابوا المهمة ضمنياً إلى رئيس الحزب". وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير، حركة مباغتة التف بها رئيس الحكومة على حليفيه الأساسيين فولّيني وفيني، إذ بعدما كان اتفق معهما على استقالة الحكومة و"إعادة تشكيلها وفق أولويات جديدة تحييها وترسم لها برنامجاً يُسعفها إزاء زحف قوى المعارضة نحو الانتخابات البرلمانية المقبلة"، عدل بيرلوسكوني عن قرار الاستقالة واختار المواجهة مع تيار الوسط المسيحي من حلفائه معتبراً أن دعم"رابطة الشمال"وحزب"التحالف القومي" تحصيل حاصل يُمكّن الحكومة من السير في لجّة الأمواج المتلاطمة الضاربة بها. ويشكل انهيار الائتلاف الخطوة الأولى نحو حل البرلمان والإعلان عن الانتخابات في الخريف المقبل، في حين تبدو المعارضة وكأنها استفادت من دروس الماضي وتخلّت عن خلافاتها الداخلية واستعدت للمعركة الانتخابية المقبلة تحت قيادة رئيس المفوضية الأوروبية السابق رومانو برودي.