توصل الحزب الوطني الحاكم في مصر إلى توافق مع أحزاب المعارضة التي يتحاور معها في شأن قضية الإصلاح السياسي، فيما تسعى قوى سياسية أخرى لا تتمتع بالشرعية إلى تصعيد مظاهر الاحتجاج على ما اعتبرته"إصلاحاً منقوصاً"وتصر عل توسيع ضغوطها على الحزب الحاكم والحكومة. وفجر"الحوار الوطني"الدائر بين 15 حزباً سياسياً مفاجأة تعد الأولى من نوعها، اذ أغلقت أحزاب المعارضة السياسية ملف مطالبتها المتكررة بإلغاء لجنة الأحزاب السياسية التي اعتبرتها على مدى 28 عاماً، هي عمر قانون الأحزاب، المعوق الأول أمام تشكيل الأحزاب السياسية. وذلك بعدما نقل الأمين العام للحزب الوطني السيد صفوت الشريف لها تعهدات بحيادية اللجنة ومناقشة كل القضايا بشفافية كاملة، لافتاً إلى ان اللجنة، ومنذ ان تولى رئاستها قبل ستة شهور، وافقت على الترخيص لحزبين جديدين وفك حصار التجميد على عدد آخر من الأحزاب في مقدمها حزب الأحرار. ورغم أن رئيس الحزب الناصري ضياء الدين داود أكد ل"الحياة"ان ما تم الاتفاق عليه اقتراحات غير نهائية، الا أن وزير شؤون البرلمان والأمين العام المساعد للحزب الحاكم كمال الشاذلي اكد انه تم الاتفاق بين الأحزاب على أن تتضمن التعديلات الجديدة لقانون الأحزاب السياسية زيادة عدد المؤسسين إلى ألف عضو مؤسس بدل من 50 فقط، في الوقت الذي تقرر فيه أيضاً أن يكون دعم الدولة للحزب مئة ألف جنيه، بحسب عدد مقاعده في البرلمان، على أن يكون من حق كل حزب إصدار صحيفتين فقط للتعبير عن أفكاره وآرائه"وهو ما يعكس الرغبة في إنهاء منظومة تأجير الأحزاب لرخص غير محددة العدد لإصدار صحف ذات تيارات سياسية أو دينية متطرفة". وأكد الشريف أن مناقشات الحوار حول تعديل قانون الأحزاب جاءت على اساس الرغبة في توسيع قاعدة الحياة السياسية في مصر وقيام أحزاب جديدة. واتفقت الأحزاب على تعديل قانون الأحزاب السياسية المصرية، وفوضت الشريف رفع تقرير إلى الرئيس حسني مبارك اليوم بقرارها الذي اتخذته بالتوافق العام في الجلسة الخامسة للحوار الوطني والتي عقدت مساء أول من أمس واستمرت 4 ساعات متواصلة. ورأى الشاذلي ان التعديلات الجديدة"تحقق كل مطالب المعارضة المصرية في التوسع في إنشاء الأحزاب السياسية"وتضمنت التعديلات إنشاء الأحزاب بمجرد إخطار رئيس لجنة شؤون الأحزاب، ويعتبر الحزب سارياً بعد مرور 90 يوماً من دون اعتراض اللجنة، ويشترط أن يكون الحزب له اسم لا يماثل أي حزب آخر وعدم تعارض نشاطه مع الدستور، وتم رفع عدد مؤسسي الحزب إلى ألف مؤسس بدل 50 في القانون الحالي مع موافاة لجنة شؤون الأحزاب ببيان بأموال الحزب ومصادرها. وتقرر في التعديلات حظر حصول الأحزاب على أموال من الخارج أو الداخل أو من الشخصيات الاعتبارية مثل الشركات والهيئات والجمعيات وأن تنفق على نفسها من تبرعات أعضائها، والإعانات التي تحصل عليها من الحكومة. وأوضح الشاذلي انه تقرر منح كل حزب مئة ألف جنيه سنوياً كمصروفات إدارية، كما تم رفع مذكرة من الأحزاب إلى وزارة المال لدرسها وتركزت مطالب الأحزاب في الحصول على إعانات ما بين 500 و600 ألف جنيه سنويا، كما يتم البحث في إعفاء التبرعات التي تحصل عليها الأحزاب بموافقة الحكومة من الضرائب. وشملت التعديلات أيضاً إعادة تشكيل لجنة شؤون الأحزاب السياسية وتتكون من رئيس مجلس الشورى رئيساً وعضوية وزيري شؤون البرلمان والداخلية و3 أعضاء من غير المنتمين الى الأحزاب السياسية و3 من الشخصيات العامة يرشحهم رئيس الجمهورية لمدة 3 سنوات قابلة للتجديد. كما تقرر النص على حرية الأحزاب في استخدام وسائل الإعلام وحق الاجتماعات، ويسمح لكل حزب بإصدار صحيفتين. وأكد الشريف ان لجنة شؤون الأحزاب"ستكون محايدة وكاشفة وتسهم في تذليل العقبات أمام إنشاء الأحزاب الجديدة والقيام بدورها الوطني". ومن جهته أعلن رئيس حزب الوفد نعمان جمعة رفض حزبه الحصول على إعانات من الحكومة أو غيرها. وقال ان"الوفد يعتمد على تبرعات أعضائه وإيرادات صحيفة الوفد"، مشيراً إلى أنه"سيلجأ إلى طلب إعانة من الحكومة لو اكتشف أنه في حاجة إليها"، ونبه إلى ان"قرار الوفد في رفض الإعانات الحكومية ثابت منذ نشأته، وانه بذلك لا يقلل من شأن الأحزاب الأخرى التي تسعى إلى الحصول على إعانة"، وأكد جمعة تمسك الوفد ب"ضرورة توافر شرط حسن السمعة في المرشحين لرئاسة الجمهورية"، كما طالب بإلغاء الطوارئ. في حين قال رئيس حزب التجمع الدكتور رفعت السعيد ان"غالبية أحزاب المعارضة طالبت برفع الدعم الحكومي إلى 600 ألف جنيه سنوياً لمواجهة الأعباء التي تعترض الأحزاب"، وأشار إلى أن"التوافق العام حول تعديل قانون الأحزاب والمادة 76 من الدستور يعتبر مكسباً للمعارضة المصرية والشعب بالكامل". وقال الشاذلي إن الأحزاب السياسية اتفقت على إصدار ميثاق شرف بينها يطبق في الانتخابات المقبلة، ويقوم على احترام الأحزاب لبعضها وعدم التجريح، وأن"الحوار الوطني بين الأحزاب سيستمر بناء على طلب الرئيس حسني مبارك". وسألت"الحياة"نشطاء في حركتي"كفاية"و"جماعة الاخوان المسملين"عن ما إذا كان ما توصل اليه الحوار بين الاحزاب مرضياً فأكدوا أن الحركتين ستواصلان مظاهرة الاحتجاج حتى يتحقق اصلاح دستوري وسياسي حقيقيان، وتوقعوا أن تشهد تظاهرات تنظمها"كفاية"يوم 27 الجاري في 13 محافظة حشوداً كبيرة.