تعرضت أجهزة الاستخبارات الأميركية مجدداً لانتقادات شديدة في تقرير رفعته أمس، اللجنة الرئاسية المكلفة التحقيق في إخفاقات الاستخبارات. واتهم التقرير الاستخبارات بالعجز عن تقدير حجم الترسانة العراقية لأسلحة الدمار الشامل، منبّهاً من تكرار الأخطاء نفسها مع إيران وكوريا الشمالية في حال عدم إصلاح هذه الأجهزة. وقدمت اللجنة استنتاجاتها الأولى إلى الرئيس جورج بوش في التقرير الذي رفعه مساعدا رئيس اللجنة القاضي في محكمة الاستئناف لورنس ليبرمان والعضو السابق في مجلس الشيوخ تشارلز روب إلى الرئيس في البيت الابيض، قبل أن يعقدا مؤتمراً صحافياً. وحذّرت اللجنة التي شكلها الرئيس قبل أكثر من عام من أن مواطن الضعف الرئيسة للاستخبارات ما زالت قائمة بعد مضي ثلاث سنوات ونصف السنة على اعتداءات 11 أيلول سبتمبر 2001، واقترحت خطوات لتحسين التحقق من مصادر المعلومات وزيادة تبادل المعلومات داخل قطاع الاستخبارات الذي يعاني من الشقاق من حين لآخر. وقبل صدور التقرير، سربت معلومات مقتضبة عن محتوياته نحو خمسمئة صفحة اقتطعت من طبعته العامة. واقتطعت منه الفصول الخاصة بالتوصيات والتغييرات التي طرحتها اللجنة في شأن الأزمة النووية مع ايران وكوريا الشمالية وأساليب التجسس في ليبيا وباكستان، تجنباً لمنح تلك الدول"معلومات مجانية"، أبقيت ضمن النسخة السرية 700 صفحة. وأشار مسؤولون رسميون الى أن التقرير ينتقد نقص عدد المخبرين والجواسيس في طهران حيث طريقة جمع المعلومات تعتمد على الأقمار الاصطناعية وأجهزة استخبارات غير أميركية. جواسيس أجانب وألمح تقرير الى الخطأ"الفظيع"الذي ارتكبته"سي آي أي"بالاعتماد على معلومات وجواسيس غير أميركيين لاثبات حيازة الرئيس السابق صدام حسين على أسلحة دمار شامل. وأضاف التقرير الذي أشرف عليه تسعة أعضاء عملوا في ميدان الدفاع والتجسس و60 خبيراً استخباراتياً عينهم الرئيس جورج بوش في شباط فبراير 2004، أن صدام حسين"خدع مسؤولين عراقيين وجواسيس غربيين"بايهامهم أنه أعاد هيكلة برنامجه النووي بعد حرب الخليج الأولى عام 1991. وهزأ التقرير من اعتقادات البعض ومن ضمنهم نائب الرئيس ديك تشيني بأن النظام العراقي السابق اقتنى"طائرات أوتوماتيكية"تهدد الأمن القومي الأميركي أو قدرته على إدارة"مختبرات بيولوجية نقالة". وأخذت اللجنة على"سي آي أي"ثقتها العمياء بالاستخبارات الألمانية وعدم استجوابها مباشرة للعميل العراقي في المنفى، والذي استعملت مقاطع من شهادته خطاب وزير الخارجية السابق كولن باول أمام مجلس الأمن في الأممالمتحدة لتبرير الحرب في 5 شباط 2003 وفي خطاب حال الاتحاد للرئيس بوش في 28 كانون الثاني يناير 2003 وجرى التشكيك بصحتها ورفع"إشارات حمراء"حولها كما نقلت الاستخبارات الالمانية. اقتراحات وأيدت اللجنة فكرة إقامة مركز وطني لمحاربة انتشار أسلحة الدمار الشامل. وتقترح أيضاً ضمانات لتشجيع محللي المخابرات على تقديم آراء معارضة لرؤساء الوكالات وصناع السياسات. وقال مسؤول إن أحد الاقتراحات يدعو إلى تعيين محقق مستقل للنظر في أي مخاوف يبديها المحللون في شأن التدخل السياسي. ويوجد في وكالة الاستخبارات المركزية بالفعل ما يطلق عليه"المحقق المستقل للتدخل السياسي وتشويه التحليلات". وذكر مسؤول رفيع في الإدارة أن لجنة سيلبرمان - روب ستوضح أنها لم تجد أي دليل على شبهة تلاعب مسؤولي البيت الأبيض أو وزارة الدفاع في المعلومات المقدمة في شأن العراق لأغراض سياسية. ووصف الديموقراطيون اللجنة بأنها"مملوكة تماماً"للسلطة التنفيذية بما أن الرئيس بوش هو الذي اختار كل أعضائها. وخص تقرير سيلبرمان - روب بالذكر تقديراً استخباراتياً صدر في تشرين الأول أكتوبر 2002 عن وجود"أدلة دامغة"على سعي العراق للحصول على اليورانيوم لصنع أسلحة نووية. وتضمنت الوثيقة رأياً معارضاً في صورة ملحوظات تحذيرية من مكتب المعلومات التابع لوزارة الخارجية ووزارة الطاقة والقوات الجوية. ولكن مسؤولاً رفيعاً في الإدارة أقر في تموز يوليو 2003، بأن بوش ومستشارة الأمن القومي في ذلك الوقت كوندوليزا رايس لم يطلعا على الملحوظات في الوثيقة التي صدرت في 90 صفحة. وقال مسؤول تحدث عن تقرير اللجنة انه من خلال تحريف أو إغفال آراء معارضة في شأن برامج أسلحة العراق، فإن التقدير بالغ في مدى دقة المعلومات الأميركية. وقال الناطق باسم البيت الأبيض سكوت ماكليلان"سنطلع على التوصيات بعناية وسنتخذ إجراءاتنا بسرعة"، وأضاف أن أعضاء اللجنة"قاموا بعمل كامل وعقدوا اجتماعات عدة ومئات المقابلات واطلعوا على آلاف الوثائق".