دانت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أمس في شدة خطف الألمانية سوزان أوستهوف 43 عاماً وسائقها على أيدي مسلحين، ووجهت نداء الى خاطفيها لاطلاقهما"فوراً". وقالت ميركل في أعقاب جلسة لمجلس الوزراء خُصص جزء منها للبحث في هذه العملية، وهي الأولى التي تطال ألماناً في بلد شهد خطف أكثر من 200 أجنبي، إن"ألمانية وسائقها اختفيا، وما لدينا من المعلومات يشير الى أنها عملية خطف. إن الحكومة الألمانية تدين هذه العملية بأشد العبارات". وذكر التلفزيون الألماني"آ ار دي"أن الخاطفين وجهوا انذاراً بقتلها في شريط فيديو تلقاه مكتبها في بغداد، لافتة الى أن عالمة الآثار وسائقها خُطفا في منطقة نينوى شمال غربي العراق. ووجه الخاطفون إنذاراً الى الحكومة يعطيها"مهلة قصيرة"لتلبية مطالبهم، كما أوضح صحافي من التلفزيون العام الذي عرض صورة لشخصين هما رجل وامرأة راكعين ومعصوبي الأعين، فيما يُحيط بهما ثلاثة مسلحين ملثمين يحمل اثنان منهم أسلحة والثالث ورقة. وتعيش المخطوفة الآتية من بافاريا منذ 10 سنوات في العراق، حيث تتحدث العربية بطلاقة، واعتنقت الاسلام وتتعاون منذ سنوات مع مؤسسة انسانية ألمانية اسمها"أكشن ميديور". وكانت أوستهوف فقدت عملها كباحثة آثار بسبب حروب العراق وانصرفت الى جمع الأدوية والمعدات الطبية اللازمة من ألمانيا لمساعدة العراقيين. وأعلنت مركل في بيان أدلت به بعد اتصالها برئيس جهاز الاستخبارات الألمانية بي إن دي أوغست هانينغ للاستعلام عن آخر تطورات الخطف، أن برلين"ستبذل كل جهد ممكن للافراج عن أوستهوف وسائقها". ودعا عدد من السياسيين الألمان الى رفض طلب الخاطفين وقف التعاون الألماني مع القيادة العراقية، في حين توقع المنسق السابق لأجهزة الاستخبارات الألمانية في المستشارية برند شميباور أن يطالب الخاطفون بدفع فدية لقاء إطلاقهما. وقالت المستشارة في بيان إن وزارة الخارجية شكلت لجنة طوارئ لمتابعة تطورات الخطف والاتصالات مع السفارة الألمانية في بغداد"ومع جميع المؤسسات والمراكز المعنية لمعرفة مصير المخطوفين". وأعربت عن"مشاعر التضامن مع أهل المخطوفين وأصدقائهما في هذه الساعات الصعبة". وذكرت القناة التلفزيونية الأولى أي أر دي أمس أن الخطف وقع الجمعة الماضي في محافظة نينوى شمال، وأن الخاطفين أرسلوا فيلم فيديو الى مكتبها في بغداد طالبوا فيه الحكومة الألمانية"بوقف التعاون مع الحكومة العراقية". وأعطوا برلين"فرصة زمنية قصيرة، وإلا فانهم سيقتلون الرهينتين". ووجهت والدة المخطوفة الألمانية نداء الى حكومتها أعربت فيه عن أملها في أن تجد حلاً ينقذ ابنتها، كاشفة أن وزارة الخارجية اتصلت بها ليل أمس لإعلامها بالنبأ. وذكرت مصادر في الوزارة أن وزير الخارجية فرانك فالترشتاينماير الذي كان على علم بالخطف منذ الجمعة الماضي، بحث في الأمر خلال اجتماعه أمس مع وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في واشنطن، وسيطلب تعاوناً أميركياً. وحتى مغادرتها ألمانيا، عاشت أوستهوف في بلدة غلون القريبة من ميونيخ، ولم تزر بلدها الا قليلاً ولفترات قصيرة. وخلال حرب العراق، تمكنت من نقل أدوية الى العراق من طريق الأردن بتكليف من مؤسسة"أكشن ميديور"الانسانية. وكانت صحيفة"زوددويتشه تسياتونغ"قلّدتها عام 2003 جائزة"الشجاعة المدنية"تقديراً لنشاطها، ونقلت عن لسانها قبل أشهر قولها:"عندما يعلم المرء كم يعاني العراقيون من آلام، لا يعود قادراً على الانتظار، بل يسرع للمساعدة". وبعد انتهاء دراستها كباحثة في الآثار الآسيوية، عاشت أوستهوف بضعة أعوام في اليمن وشاركت في البحث عن الآثار للمرة الأولى في العراق عام 1984. وتعرفت هناك على زوجها العراقي الذي أنجبت منه ابنة، لكنهما انفصلا قبل سنوات. واحتفظت أوستهوف بعلاقة قوية مع أهل زوجها على عكس علاقتها المتقطعة مع أمها وأقربائها في ألمانيا. وقالت والدة المخطوفة لقناة"إن 24"التلفزيونية الخاصة أمس، إنها لم تر ابنتها منذ خمس سنوات، لكنها تتحادث معها هاتفياً بين وقت وآخر. وأضافت:"منذ كانت شابة، زارت العراق كثيراً وأبدت على الدوام إهتماماً بالناس وبحضارة بلدهم". وتابعت أنها كانت تصاب دائماً بخوف عندما يحدث شيء في العراق، وتعيش"في خوف دائم على ابنتها بسبب الحروب في ذلك البلد، وآمل أن لا يكون أصابها مكروه". وفي هذا السياق أ ف ب، أكدت صحيفة ألمانية أن أوستهوف كانت تعرضت لتهديد زعيم"تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين""أبو مصعب الزرقاوي". وكانت أوستهوف أوضحت في تشرين الأول أكتوبر لصحيفة"ناو اوسنابروكر تسايتونغ"أن قريبين من الزرقاوي هددوها"بالخطف"الصيف الماضي. وغادرت حينها الموصل في شمال غربي البلاد لتضع نفسها تحت حماية الجيش الأميركي في"المنطقة الخضراء"ببغداد. وأفادت الصحيفة أن الألمانية المخطوفة كانت تحاول انشاء مركز ثقافي ألماني في أربيل بكردستان العراق، وأنها بدأت مناقشات مع سفارة ألمانيا في العراق والسلطات الكردية. وما زالت ألمانيا التي عارضت الحرب على العراق في عهد المستشار غيرهارد شرودر، ترفض إرسال ضباطها الى العراق حتى في إطار مهمة التدريب التي شكلها الحلف الأطلسي اثر الحرب، لكنها تشارك في تدريب ضباط وعناصر من الشرطة العراقية في البلدان المجاورة. يُذكر أن مسلسل خطف الأجانب في العراق تجدد في الأيام الأخيرة بعدما انخفضت وتيرته منذ أشهر. وأعلن مركز التنسيق العسكري الأميركي العراقي في تكريت أن مسلحين خطفوا ستة إيرانيين بينهم سيدتان ليل أول من أمس في شمال العراق. وكانت كندا أعلنت الأحد الماضي خطف أربعة غربيين بينهم كنديان، لكن سفارة الولاياتالمتحدة في بغداد أكدت أنها تعتبرهم فقط"مفقودين"اذ أن أي جهة لم تعلن مسؤوليتها عن خطفهم. وأعلنت منظمة"كريستيان بيسميكر تيم"غير الحكومية في بيان أن المواطنين الغربيين الأربعة كانوا يعملون لمصلحتها. وأفادت في بيان مقتضب وزع على شبكة الانترنت أن اثنين من أعضاء بعثتها في بغداد واثنين من فريق كان يزور العراق"خُطفوا"السبت الماضي في العاصمة العراقية. وأعلن الناطق باسم المنظمة في تورونتو روبرت هولمز أن"كل ما نعلمه هو أنهم احتجزوا رهائن تحت تهديد الأسلحة في حي غرب بغداد". الى ذلك، أعلنت الشرطة العراقية في مدينة تكريت الافراج عن ايرانيتين خُطفتا ليل أول من أمس مع أربعة إيرانيين آخرين في بلد شمال بغداد.