مهما أزعجتك صور الفقر في البرازيل فإن معظم ملاعب المونديال تحكي روايات الثراء، تلك الصورة كانت واضحة في ملعب «فونتي نوفا» في السلفادور وكذلك ملعب «المركانا» في ريو دي جانيرو، على رغم أن الفقر أحاط بالملعب من كل اتجاه، لكن الأمر ليس كذلك في «كورنثيانز». في ملعب ساوباولو ومن لحظة وصولك الأولى، تلاحظ أن جزءاً كبيراً من العمل لا يزال حتى الساعة قائماً، السلالم التي توصلك إلى ساحة الملعب لا تزال تنتظر جفاف الإسمنت الرطب الذي يربط أجزاءها، ومعظم جنبات المدرجات تغطى وإلى اليوم بقطع ضخمة من القماش تخفي أعمال الصيانة خلفها، والبوابات تعتمد على خيام متنقلة لتغطيتها وتوفير مداخل للجماهير. إلى اليوم وبعد مضي أكثر من أسبوع على انطلاق التظاهرة الكروية الأكبر لم تكتمل الطرق المؤدية إلى داخل ملعب كورنثيانز، إذ يستخدم معظم الزوار نقطة واحدة للدخول قبل التوزع على ستة بوابات في داخل الملعب، ما لم يكن سائق التاكسي قادراً على الالتفاف والوصول بك إلى نقطة ثانوية تحت الإنشاء تصلها كمية أقل من الجماهير تضمن الوصول السريع إلى داخل الملعب. سيراً على الأقدام ولمسافة لا تزيد على كيلومتر واحد وبعيداً عن أي زحام ستكون كفيلة بنقلك إلى الملعب، إن كنت وصلت من زاوية ذكية عبر سائق خبير بالمنطقة، لكن إن كنت رافقت الحشود فستسير ضعف المسافة وسط زحام مرعب، قبل الملعب يمنع رجال الأمن دخول من لا يحملون تذاكر رسمية، لذلك يبدو الوضع أكثر أمناً ما يوفر لك فرصة حمل كاميرتك والتقاط الصور. كعادة معظم ملاعب كأس العالم هنا، ستجد المتطوعين في الملعب يتحدثون معظم اللغات الدارجة، الخدمات لذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم من الباحثين عن المساعدة تقدم بشكل سريع، وفرة المتطوعين تسهل أمور الوصول إلى الملعب، لكن كورنثيانز لا يشبه الملاعب الأخرى من ناحية الفخامة أو الجهوزية؟، فجل أجزائه لا تزال قيد الإنشاء وحتى المستخدم منها لم يكتمل بشكل نهائي. مدرجات موقتة تحمل الجماهير خلف المرمى في كل اتجاه، لذلك وما أن تبدأ الجماهير خلف المرمى بالقفز حتى يتجه نحوهم رجال الأمن في الملعب ليطالبوهم بالتوقف خوفاً من عدم تحمل المدرجات للضغط الكبير، في الطريق إلى المدرجات لم تجد بعض أنابيب المياه طريقاً تحت الأرض فتركت فوقها لتقود إلى تعثر جل الجماهير، يتعثر واحد على الأقل كل 10 ثوانٍ، العاملون في الملعب حاولوا البحث عن طريقة لإخفاء الأنابيب أو تجنيب الجماهير السقوط لكن الزحام قاد كل المحاولات إلى الفشل. على رغم كل ذلك تقدم الخدمات كافة بالطريقة المطلوبة، محال بيع المشروبات أو الثياب أو حتى الأكشاك الخاصة برعاة المونديال قائمة، وقادرة بشكل لافت على تحمل الزحام، كل الحضور يحصلون على الخدمات المنتظرة في ظل وفرة جهات تقديمها. روح المونديال اللافتة التي تلمسها في «فونتي أرينا» أو «المركانا»، لا يمنحك إياها «كورنثيانز أرينا»، فهو وفي كثير من تفاصيله لا يتجاوز صورة الملاعب التي اعتادت عليها الجماهير المتابعة لمباريات الدوري في أميركا الجنوبية وفي البرازيل تحديداً، يمكن أن تقول أن «كورنثيانز» ملعب نادٍ ثري حاول جاهداً أن يرتدي حلة مونديال، وهنا يسهل أن نقول أيضاً إنه فشل.