سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فرقاء الأزمة اللبنانية يترقبون نتائج الاتصالات العربية والدولية . موالون يهددون بحكومة مواجهة وبالنزول الى الشارع والمعارضة تعتبر ان الظروف تغيرت ولا أفق ل"المغامرات"
يتوقف تحديد الموعد النهائي لبدء رئيس الجمهورية إميل لحود الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية شخصية تكلف تشكيل الحكومة الجديدة على محصلة الاتصالات الدولية والعربية المتسارعة منذ جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وعلى الموقف المرتقب للرئيس السوري بشار الأسد اليوم أمام مجلس الشعب السوري لارتباطه بالتطورات التي تعصف بالساحة اللبنانية. وفي تقدير الأوساط السياسية ان الجميع في المعارضة والموالاة يواكب الاتصالات العربية ليبني على نتائجها التوجه الذي يحدد مسار الأزمة، مشيرة الى ان المشاورات التي تولاها رئيس المجلس النيابي نبيه بري مع بعض الاطراف في المعارضة لم تنته الى نتائج عملية. فالجميع ينتظر جلاء الصورة النهائية للاتصالات الخارجية لمراجعة حساباته لأن الفترة التي أمضتها الأطراف في عرض عضلاتها انقضت تمهيداً للتأسيس لمرحلة جديدة في لبنان، مؤكدة ان هناك من سيضطر وتحديداً على صعيد الموالاة الى اعادة النظر في بعض طروحاته لفتح كوة في الحائط السياسي المسدود بعيداً من المكابرة، في مقابل مبادرة المعارضة الى"تنعيم"دفتر الشروط الذي كانت أعلنته لقاء مشاركتها في الاستشارات من دون الدخول في لعبة الاسماء المرشحة لتأليف الحكومة العتيدة. ورصدت"الحياة"أمس حركة المعارضة والموالاة التي ما زالت تتمسك بمواقفها المبدئية على أمل أن تسارع الى التكيف مع المعطيات الدولية والاقليمية التي لن تستطيع تجاهلها عندما تنصرف الى فرملة مواقفها. ونقل نواب ووزراء مستقلون عن لحود قوله ان الصلاحيات التي أناطها به الدستور لا تجيز له إقالة قادة الأجهزة الأمنية أو التعهد بإقالتهم لاحقاً. وأكد هؤلاء ? بحسب قول لحود ? ان اقالة قادة الأجهزة من صلاحيات مجلس الوزراء الذي كان وراء تعيينهم وبالتالي فهو لا يصوت في المجلس إضافة الى أنه ليس مستعداً لأن يجنى على أحد من هؤلاء إلا في حال انتهى التحقيق الى نتائج تستدعي التعاطي معها بجدية من أجل تحديد المسؤولية حيال أي تقصير يكون قد حصل. ورأى لحود ان اقالتهم أو الطلب منهم الاستقالة هي استباق للتحقيق وتحميل مسبق للمسؤولية. وبالنسبة الى موعد بدء الاستشارات قال النواب والوزراء أنفسهم ان لحود ينوي تحديد موعدها الاثنين المقبل، لكن لا موعد نهائياً في انتظار حصيلة المشاورات التي يقوم بها الرئيس بري والتي يفترض ان تتبلور في الساعات المقبلة التي ستتلازم مع وضوح الرؤية على الصعيدين العربي والدولي. ولفت هؤلاء الى أن لحود مع السرعة في تحديد موعد للاستشارات لكنه ضد التسرع طالما ان الصورة ما زالت غامضة أو بالأحرى تحتاج الى مزيد من الجهود لتتوضح. وإذا أوحى لحود أمام النواب والوزراء انه في صورة الاتصالات التي أجراها أخيراً الرئيس الأسد، فإن هؤلاء نقلوا عنه ان كل ما قيل عن نتائج المحادثات السورية ? السعودية ليس دقيقاً لا بل لا يضيء على النتائج المثمرة والمفيدة للمحادثات. وأكد لحود أيضاً، كما نقل عنه النواب والوزراء انه مع تطبيق الطائف، لكنهم أضافوا انطلاقاً من المعلومات المتوافرة لديهم أن القيادة السورية كانت اتخذت قراراً بإعادة انتشار الجيش السوري الى البقاع وان تحديد الموعد كان ينتظر اشارة من الرئيس السوري. لكن الأجواء المضطربة التي بدأ يعيشها لبنان بعد التمديد للرئيس لحود حالت دون الاسراع في تنفيذه، بحجة ان الانتشار يجب أن يأتي انسجاماً مع رغبة دمشق في استكمال تطبيق الطائف وليس تحت الضغط الذي لجأت اليه بعض القوى في المعارضة. ولفتوا الى أن قراراً سورياً بإعادة الانتشار سيتخذ قريباً وأن تنفيذه سيتم قبل السابع والعشرين من الشهر الحالي لكنهم أكدوا انهم لا يعرفون تفاصيله وما اذا كان سيقتصر على البقاع أم انه يأتي في إطار التفاهم على جدول زمني تكون الخطوة نحو البقاع هي الأولى فيه على طريق الانسحاب الشامل. إلا ان الوزراء والنواب لاحظوا ان لا شيء اسمه تشكيل حكومة انتقالية لأن حكومة كهذه تعني ان هناك فراغاً في سدة الرئاسة الأولى، وبما ان هذا الأمر غير قائم فإن الحكومة العتيدة يجب أن تشكل في ظروف عادية بخلاف الظروف الاستثنائية التي كانت أملت في الماضي على الرئيس الراحل بشارة الخوري بعد استقالته بناء لضغط المعارضة، تعيين قائد الجيش آنذاك الجنرال فؤاد شهاب رئيساً لحكومة انتقالية مهدت الطريق أمام انتخاب كميل شمعون رئيساً للجمهورية. كما كانت أملت أخيراً على الرئيس أمين الجميل فور انتهاء ولايته تعيين قائد الجيش في حينه العماد ميشال عون رئيساً لحكومة انتقالية. ونقل هؤلاء عن لحود رغبته في ضرورة قيام حكومة توافقية على رغم انه يدرك منذ الآن ان القرار عند المعارضة. وتوقع الوزراء والنواب تشكيل حكومة مواجهة على غرار الحكومة المستقيلة التي كان ترأسها الرئيس عمر كرامي بذريعة ان لا أفق للتفاهم في المدى المنتظر مع المعارضة، إضافة الى أنهم لوحوا بأن الموالاة تدرس الآن اعداد خطة للقيام بهجوم مضاد ضد تحرك المعارضة على صعيد الشارع، إلا انهم استدركوا ان أي قرار من هذا القبيل يبقى رمزياً لا بل من دون جدوى ما لم تكن هناك مشاركة من"حزب الله"وحركة"أمل"اللذين لا يبدوان حتى الساعة في وارد الدخول كطرف في المبارزة في الشارع والتي تتسيدها المعارضة. وأكدوا ان هذه المسألة كانت أثيرت لكن الحوار المفتوح بين أمل والحزب من جهة وبين بعض قوى المعارضة الذي لا يقتصر على اللقاء النيابي الديموقراطي برئاسة وليد جنبلاط ما زال يحول دون الانضمام الى دعوة الموالاة للنزول الى الشارع. أما على صعيد جبهة المعارضة، فقالت قوى اساسية فيها ل"الحياة"انها لا تؤيد موقف لحود من إقالة قادة الأجهزة الأمنية ودعت الى ضرورة العودة الى موقف كان أعلنه الرئيس كرامي فور استقالته والذي تمثل بأن جهازاً معيناً لا علاقة له بالتحقيقات الجارية في جريمة اغتيال الحريري هو الذي سرّب بعض المعلومات الخاصة به، اضافة الى تكليف ضابط كبير بإجراء التحقيقات لكشف الملابسات المتعلقة بالتقصير في مسح مسرح الجريمة. وأكدت مطالبتها بضرورة التعاطي الايجابي مع كلام رئيس الحكومة المستقيل، ولفتت الى انها تود معرفة الاسباب التي دفعت عدداً من الوزراء الى التكهن بالطريقة التي اتبعت لاغتيال الحريري. وقالت ان الكل، وان كان يراقب التحرك الخارجي وينتظر نتائجه، فإنه لن يكون في مقدور المعارضة الاشتراك في الاستشارات النيابية،"أما اذا كانوا يهددونا بتشكيل حكومة مواجهة، فإن الاجواء لم تعد تسمح لهم بالدخول في مغامرة سيكون لها رد فعل محلي وخارجي". وأضافت ان لبنان بعد اغتيال الحريري تغير وان الموالاة اذا كانت تراهن على ان المعارضة سترضخ لسياسة الأمر الواقع وبالتالي تدخل في بازار حول تشكيل الحكومة،"فإننا نظن بأنها لم تأخذ عبرة مما حصل في البلد". وأوضحت ان الظروف الدولية والاقليمية وحتى المحلية لم تعد تسمح بإدارة البلد. بالعقلية نفسها التي كانت سائدة قبل اغتيال الحريري. وقالت:"أما إذا كانت الموالاة تهددنا باللجوء الى الشارع فإن الظروف لم تعد تسمح لها في خوض المعارك السياسية". وأشارت قوى في المعارضة الى ان التأخر في الاستجابة لمطالبها سيؤدي الى رفع سقف المطالب، كما تساءلت عن السر الذي يكمن في مبادرة مسؤولين كبار الى ابداء استعدادهم لتطبيق الطائف؟ وتابعت:"عندما كنا ندعو في السابق الى تطبيق الطائف بما فيه البند المتعلق بإعادة انتشار القوات السورية كانوا يتهموننا بأننا من جماعة القرار 1559، أما اليوم فلا نعرف لماذا تبدلت مواقفهم؟"، مشيرة الى ان المشكلة تكمن في أن البعض يحاول الاستقواء بدمشق ويسعى الى ترتيب أوضاعه بصرف النظر عن الأضرار السياسية التي يمكن أن تلحق بالبلد. وأكدت"كنا نتهم بأننا نعمل ضد الخيار السوري في البلد، اذا ما طالبنا بضرورة احترام المؤسسات وتفعيل مؤسسة مجلس الوزراء". وسألت:"ألم نكن في غنى عن كل الضغوط التي تتعرض لها دمشق، خصوصاً أن من يوجه الينا الاتهامات لا يعرف الى أين هم ذاهبون بالعلاقات السورية ? اللبنانية". وأوضحت ان المعارضة كانت وما زالت أحرص من كثيرين في الموالاة على عدم إضعاف سورية و"أن دعوتنا الى الخروج من المأزق انطلقت من رغبتنا في الحفاظ على كرامة البلدين ومن أجل ايجاد مخرج مشرف لنا ولسورية في الوقت نفسه بعيداً من المزايدات وحملات التخوين التي تولتها بعض الشراذم السياسية التي ليس عندها ما تخسره".