الأردن تدين حرق قوات الاحتلال الإسرائيلي مستشفى كمال عدوان    رئيس الشورى اليمني: نثمن الدعم السعودي المستمر لليمن    مكي آل سالم يشعل ليل مكة بأمسية أدبية استثنائية    جازان تتوج بطلات المملكة في اختراق الضاحية ضمن فعاليات الشتاء    مدرب ليفربول لا يهتم بالتوقعات العالية لفريقه في الدوري الإنجليزي    الرويلي يرأس اجتماع اللجنة العسكرية السعودية التركية المشتركة    البرلمان العربي يدين حرق كيان الاحتلال لمستشفى بقطاع غزة    رئيس هيئة الأركان العامة يلتقي وزير دفاع تركيا    لخدمة أكثر من (28) مليون هوية رقمية.. منصة «أبشر» حلول رقمية تسابق الزمن    رينارد: مباراة العراق حاسمة ومهمة للتقدم في البطولة    وزير المالية اليمني ل«عكاظ» الدعم السعودي يعزز الاستقرار المالي لبلادنا    التركي فاتح تريم يصل إلى الدوحة لبدء مهامه مع الشباب    "جلوب سوكر" .. رونالدو يحصد جائزة "الهداف التاريخي"    البيت الأبيض: المؤشرات تؤكد أن الطائرة الأذربيجانية سقطت بصاروخ روسي    القبض على أطراف مشاجرة جماعية في تبوك    مدرب قطر يفسر توديع كأس الخليج    «سلمان للإغاثة» يوزع 526 حقيبة إيوائية في أفغانستان    ضبط 3 مواطنين في نجران لترويجهم (53) كجم "حشيش"    وزير «الشؤون الإسلامية»: المملكة تواصل نشر قيم الإسلام السمحة    خطيب الحرم: التعصب مرض كريه يزدري المخالف    مدرب اليمن يستهدف فوز أول على البحرين    الذهب يستقر وسط التوترات الجيوسياسية ويتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية    دار الملاحظة الأجتماعية بجازان تشارك في مبادرة "التنشئة التربويه بين الواقع والمأمول "    الفرصة لا تزال مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    مآل قيمة معارف الإخباريين والقُصّاص    الصندوق السعودي للتنمية يموّل مستشفى الملك سلمان التخصصي في زامبيا    مهرجان الرياض للمسرح يبدع ويختتم دورته الثانية ويعلن أسماء الفائزين    إحالة 5 ممارسين صحيين إلى الجهات المختصة    سورية الجديدة.. من الفوضى إلى الدولة    أميّة الذكاء الاصطناعي.. تحدٍّ صامت يهدد مجتمعاتنا    99.77 % مستوى الثقة في الخدمات الأمنية بوزارة الداخلية    عبقرية النص.. «المولد» أنموذجاً    مطاعن جدع يقرأ صورة البدر الشعرية بأحدث الألوان    اجتثاث الفساد بسيف «النزاهة»    خادم الحرمين يهنئ رئيس المجلس الرئاسي الليبي بذكرى استقلال بلاده    نائب أمير مكة يفتتح ملتقى مآثر الشيخ بن حميد    «كليتك».. كيف تحميها؟    3 أطعمة تسبب التسمم عند حفظها في الثلاجة    فِي مَعْنى السُّؤَالِ    ليندا الفيصل.. إبداع فني متعدد المجالات    122 ألف مستفيد مولهم «التنمية الاجتماعي» في 2024    دراسة تتوصل إلى سبب المشي أثناء النوم    ثروة حيوانية    تحذير من أدوية إنقاص الوزن    رفاهية الاختيار    5 مشاريع مياه تدخل حيز التشغيل لخدمة صبيا و44 قرية تابعة لها    ضرورة إصدار تصاريح لوسيطات الزواج    حرس الحدود بجازان يدشن حملة ومعرض السلامة البحرية    اختتام دورات جمعية الإعاقة السمعية في جازان لهذا العام بالمكياج    وزير الدفاع وقائد الجيش اللبناني يستعرضان «الثنائية» في المجال العسكري    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    حلاوةُ ولاةِ الأمر    46.5% نموا بصادرات المعادن السعودية    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    التخييم في العلا يستقطب الزوار والأهالي    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في حديث شامل ل"الحياة" بعد يوم على استقالة حكومته . كرامي : تحملت كل شيء لكنني لن أحمل دم الحريري أخشى الفراغ والكل يدير انتخاباته "على ظهري"
نشر في الحياة يوم 02 - 03 - 2005

فاجأ الرئيس عمر كرامي الجميع بتقديم استقالة حكومته من على منبر البرلمان. ولم يكن يخطر ببال رئيس الجمهورية اميل لحود ولا رئيس المجلس النيابي نبيه بري انه سيقدم على خطوة كهذه في ظل الظروف الصعبة التي تمر فيها البلاد على خلفية التداعيات التي أحدثتها جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق الشهيد رفيق الحريري، خصوصاً انها جاءت فيما كان يتابع المجلس مناقشة الحكومة في بند وحيد يتعلق بالاغتيالات.
واذا كان كرامي يرفض تعاطي البعض مع استقالته على انها هروب الى الأمام في وجه العاصفة السياسية التي تعصف بالبلد مع انقضاء اكثر من اسبوعين على اغتيال الحريري، تاركاً لخلفه وللسلطة مجتمعة ان تواجهها مع تبدل قواعد اللعبة السياسية بعد دخول واشنطن بقوة على الملف اللبناني والتي تمثلت بالمواقف التي صدرت عن مساعد نائب وزيرة الخارجية ديفيد ساترفيلد طوال اقامته المديدة في بيروت، فإنه في المقابل عزا الاستقالة الى الكلام الذي قالته النائب بهية الحريري في الجلسة، مؤكداً ل"الحياة"انه تحمل كل شيء من حملات ظالمة الى اتهامات باطلة وشتائم لكنه ليس على استعداد لأن يحمل وزر دم الشهيد رفيق الحريري.
وكشف كرامي ان دمشق لم تكن على علم بالاستقالة، وان لحود وبري ظنا انه اقتنع بدعوتهما الى التريث وتأجيل اتخاذ موقف الى ما بعد نيل الحكومة الثقة وهي مضمونة. وقال انه ترك وحيداً في المعركة وان الكل يطلقون عليه النار وان بعض الموالاة لم يوفره في انتقاداته تماماً كما فعلت المعارضة، وكان لا بد من رمي الاستقالة في وجه الجميع ليس من اجل قلب الطاولة فوق رؤوسهم فحسب وانما ليتحملوا مسؤولياتهم.
لكن كرامي بدا بعد يوم على استقالته غير مرتاح لأنه يتخوف من المجهول الذي ينتظر البلد وهو يتذكر الفراغ الدستوري الذي مرت فيه البلاد يوم استقال شقيقه الشهيد الرئيس رشيد كرامي من رئاسة الحكومة في عهد الرئيس الراحل شارل حلو إثر الصدامات بين الحركة الوطنية والقوى الامنية في نيسان ابريل عام 1969 عندما تداعت الأولى الى تنظيم تظاهرة بعد العدوان الاسرائيلي على مطار بيروت سار على رأسها آنذاك الشهيد كمال جنبلاط، وقد بقي لبنان من دون حكومة اشهراً عدة.
واذ ينقل كرامي عن لسان وزراء ونواب ان دمشق لن تتدخل في تشكيل الحكومة الجديدة، يبدي في المقابل خشيته من عدم اجراء الانتخابات النيابية، متمنياً ان يكون مخطئاً في تقديراته لأن ما يهمه مصلحة البلد وانه اخلى كرسي الرئاسة لغيره عله ينجح في قيادة البلاد الى بر الأمان. هنا نص الحوار مع الرئيس كرامي:
لماذا تقول انك كنت المستهدف الوحيد؟
- هذا الكلام صحيح، وفي اليومين المقبلين ستكتمل الصورة، وعندها اقول كل شيء، لكن ما أود تأكيده ان الجميع من موالاة ومعارضة بدأوا يحضّرون انتخاباتهم على ظهري.
ألم يكن من الافضل الاستقالة فور وقوع جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري بدلاً من ان تأتي كأنها تحت ضغط التحرك الشعبي في ساحة الشهداء؟
- قبل حصول الجريمة كان البلد يشهد انقساماً كبيراً وأتت الجريمة النكراء لتزيد من حدة الانقسام وحجمه وكنا نراهن على ان يعود الناس الىعقولهم ولهذا دعونا الى الحوار غير المشروط وعنوانه الوحيد التعاون من اجل انقاذ البلد، واقترحنا تشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الجميع وتأخذ على عاتقها تبديد اجواء الاحتقان لفسح المجال امام تغليب لغة الحوار على ما عداها من مناكفات وتشنجات نحن في غنى عنها. فالبلد سيدخل في نفق مظلم ولا مجال للخروج منه الا بوقف العنف السياسي وتبادل الاتهامات.
هل لهذا السبب كنت تريثت في الاستقالة؟
- لقد تحملت اسبوعين من الاتهامات والحملات الظالمة اعتقاداً مني بأن الامور ستهدأ وان الفرصة ما زالت مواتية لعدم الدخول في نفق مظلم ولا نعرف الى أين ستنتهي الامور في البلد. هذا هو السبب الوحيد ولا سبب آخر غيره.
ألم يكن في مقدورك الاستقالة قبل جلسة المناقشة العامة؟
- كنا سمعنا كلاماً من المعارضة تنفي فيه وجود انقسام في البلد وتستبعد الدخول في فراغ دستوري ولا تتوقع حصول انقسام في الجيش، ومع ذلك لا تريد الحوار، وبعد كل هذا الكلام فلماذا البقاء في رئاسة الحكومة وما هو المبرر له، طالما انها لا تتوقع حصول ازمة.
هل هذا هو السبب الذي دفعك الى الاستقالة؟
- أود التأكيد ان السبب الذي دفعني الى الاستقالة، هو انني تأثرت كثيراً عندما سمعت كلمة السيدة بهية الحريري في جلسة المناقشة، لقد تأثرت كثيراً ولا أريد ان يحمّلني أحد دم الشهيد الرئيس رفيق الحريري، انت تعرف انه كانت هناك خلافات سياسية بيني وبين الرئيس الشهيد، انما على الصعيد الشخصي لم يكن بيننا تقصير وكنا في اوقات كثيرة نحتاج الى بعضنا بعضاً وكنا نلبي بعضنا بعضاً من دون أي تأخير او سؤال، اضافة الى انه كان لدينا الحرص الشديد على ان لا نقصر في المناسبات الاجتماعية. ان ما حصل في المأتم والتعزية امر غريب ومع ذلك قلت انني اقدر ظروفهم وأراعي خواطرهم حتى النهاية وان البعض حاول ان يصطاد في الماء العكر.
فقط موقف النائبة الحريري كان الداعي الى الاستقالة ام ان هناك دوافع اخرى في ضوء ما قاله النواب في المعارضة؟
- مع الأسف لم اعلق على كلام الآخرين لأنه كان في معظمه شتائم لا تعنيني ولم أكن في وارد التعليق عليها لأنها سترتد على اصحابها وكلنا نعرف ماضيهم وتاريخهم وحاضرهم ومستقبلهم اذا كان من مستقبل لهم. في الحقيقة عندما سمعت ما قالته النائبة الحريري، لم اتردد في اتخاذ القرار، والآن في وسعك التوجه بالسؤال الى عدد من الوزراء الذين صارحتهم برغبتي في الاستقالة وبعضهم شجعني على اتخاذ القرار.
ألم يكن رئيس المجلس النيابي نبيه بري في الصورة؟
- بعد ان انتهت النائبة الحريري من إلقاء كلمتها تركت مقعدي وتوجهت الى حيث يجلس الرئيس بري وجلست الى جانبه، وقلت له بوضوح، لا مجال بعد الآن وأنا سأستقيل، لكنه مانع وطلب مني التريث، لأنه يريد ان يكمل مهمته أي ان يتابع الجلسة.
هل عدت ثانية وطرحت الامر مع الرئيس بري؟
- فور انتهاء الجلسة توجهت الى مكتب الرئيس بري وجلست معه لأكثر من نصف ساعة في حضور الوزير سليمان فرنجية، وكان رأيه ان الثقة مضمونة مئة في المئة وان لا خوف على الحكومة من السقوط في المجلس، وبالتالي لا بد من ان تأخذ الثقة وبعدها تفكر في الامر، واذ شئت في مقدورك الاستقالة بعد ايام.
هل اقنعك بري بموقفه؟
- في الحقيقة اوحيت له بأنني اقتنعت بكلامه، لكنني ابداً لم اكن مقتنعاً.
يعني انك فاجأت الجميع؟
- بالتأكيد، نعم، فاجأت الجميع لأن الكل لا يريدني ان استقيل، لأنهم مسرورون بوجودي على رأس الحكومة لأكون مكسر عصا. أليس من الظلم ما قيل في حق عمر كرامي في جلسة المناقشة، لقد كنت انا على رغم وجودي في خارج الحكم، المسؤول الاول عن إقفال محطة ال"أم تي في"، وان اغتيال ايلي حبيقة حصل في عهدي، وكذلك محاولة اغتيال مروان حمادة، انني استغرب كيف أن العهر السياسي بلغ كل هذا الحد من دون ضوابط ولا ضمائر تمنع اصحاب هذا الكلام من توزيع الاتهامات. فأين الحد الادنى من الموضوعية لدى هؤلاء الذين يصرون على اغتيال الحقيقة.
ماذا عن كلام النواب في الجلسة؟
- انا اتوقف فقط عند الكلام الذي قاله مروان حمادة، وهو معروف بديبلوماسيته التي اشتهر بها، هل اصبح الآن اتفاق الطائف اساسياً بعد ان أمضوا 12 سنة في الوزارة ولم يتحدثوا عنه، وكنت أنا من القلائل الذين يدعون الى تطبيقه، وهل ان عمر كرامي الذي كان خارج السلطة مسؤول عن الصدامات التي جرت اخيراً مع الجيش اللبناني في الضاحية الجنوبية عندما كان الشهيد الحريري رئيساً للحكومة، واليوم اصبحت الاجهزة ممتازة بخلاف ما كانوا يقولونه في السابق، وأنا هنا لا ادافع عنها وانما اعلق على اقوالهم في الجلسة.
كنت ابديت في"لقاء عين التينة"رغبتك في الاستقالة؟
- ان ما قلته في اللقاء الوطني هو انني حاضر للاستقالة اذا كانت هي الحل للخروج من الأزمة، لكن جميع الحضور وقف ومنعني من متابعة كلامي وقال لي نريد منك البقاء وان لا تفكر بالاستقالة... حتى اني قلت قبل يومين من جلسة الثقة، بأنه اذا كانت استقالتي تحل الامور فأنا حاضر ولست متمسكاً بها على الاطلاق... الا ان خوفي كان على البلد لما سيترتب على الوضع من فراغ لا نعرف الى أين يوصلنا خصوصاً بالنسبة الى الوضع الاقتصادي على رغم ان اهل الاقتصاد قلبهم على البلد ولن اكون ملكياً اكثر من الملك.
هل بحثت في الاستقالة مع الرئيس اميل لحود؟
- كنت حريصاً على العلاقة مع رئيس الجمهورية الى اقصى الحدود، وعندما صعدت الى السيارة من امام منزلي في طريقي الى المجلس النيابي اتصلت به وقلت له انني راغب في الاستقالة وان لا بد من ان تتغير قواعد اللعبة، الا ان لحود طلب مني التريث وتمنى علي عدم الاستقالة، فقلت له، طيب راح نشوف.
لكن الم تخبر بري عندما التقيته في مكتبه في المساء قبل الدخول الى قاعة الجلسات؟
- الرئيس بري كان في الصورة لكن لم يكن مقتنعاً بالطروحات التي ادليت بها وكان لا بد من ان اتصرف من وحي قناعاتي. والشيء الوحيد الذي اتفقت فيه مع رئيس المجلس بقي محصوراً، في طلبي منه السماح لي بالكلام في مستهل الجلسة لأنني اريد ان اوضح بعض الامور.
هل أطلعت المسؤولين في دمشق على رغبتك في الاستقالة قبل ان تعلنها امام النواب؟
- طبعاً لم اتحدث مع أحد من الاخوان في دمشق، لأن"الريموت كونترول"لم يكن يشتغل وكان معطلاً بسبب الاجهزة المركبة على السيارات المتوقفة في باحة المجلس والمخصصة للكشف عن المتفجرات.
لكن لم يحصل أي اتصال بدمشق بعد الاستقالة؟
- بعد الاستقالة لم يحصل أي اتصال لأن أي موقف سيصدر عن دمشق سيضعها في موضع الاتهام وتعجب بخلاف ما صدر ويصدر عن نائب مساعد وزيرة الخارجية الاميركية ديفيد ساترفيلد فإن كلامه هو المنتظر والمرغوب عند البعض.
هل طلب ساترفيلد موعداً لمقابلتك؟
- ابداً كان مشغولاً في اللقاءات مع غيري في المعارضة ولم يلتق إلا مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني.
لنعد الى موقف بري، ألم يكن في صورة الاستقالة؟
- يا عمي قلت لك، انني اوحيت له بعزوفي عن الاستقالة. وما عليك الا العودة الى رد فعله فور اعلنت الاستقالة، اذ انه توجه الى النواب الذين كانوا يصفقون وقال لهم على ماذا تصفقون ان البلد دخل الآن في فراغ، ان العقلاء فهموا ما يقصده رئيس المجلس من وراء كلامه بخلاف"المطبلين"في اشارة الى نواب المعارضة الذين لا يعرفون الى أين يذهبون بالبلد.
الى اين ذاهبون؟
- كنت قلت قبل الاستقالة ان الوضع مفتوح على كل الاحتمالات وأنا ما زلت عند رأيي بعيداً من آراء من يتفلسف علينا ويطلق النظريات بأن البلد ذاهب الى المجهول وآمل ان يكون عمر كرامي على خطأ لأن لا مصلحة لأحد في تدهور البلد او في الدخول في فوضى جديدة.
هل تعتقد ان المعارضة ستشارك في الاستشارات التي سيجريها لحود؟
- لا أعرف ماذا قررت حتى الآن، وهل سيشاركون في الاستشارات ام لا، والشيء الوحيد الذي اعرفه انهم طبلوا وزمروا واعتقدوا انهم ربحوا، فأي ربح يمكن ان يجنيه أي شخص اذا كان على حساب مصلحة بلده، ان معظم المعارضة هم من رموز الحرب ولا يستطيعون الا العيش في الفوضى ولا اظن ان لدى بعضهم ما يخسرونه، لأنهم لا يعرفون الدنيا الى اين ذاهبة.
هل راهنت المعارضة او بعضها على الاقل على انك لن تستقيل مهما كلف الأمر؟
- هؤلاء يجهلون عمر كرامي ولا يعرفونه وكنت ابديت رغبتي في الاستقالة لكنهم لم يصدقوا ما قلته، على رغم انني اتحدى من يقول انني قلت شيئاً ولم ألتزم به... اسأل لماذا التمسك بالكرسي التي تذهب وتروح وأنا ما يهمني ان يبقى البلد.
لكن المعارضة كانت تتصرف على انك باقٍ حتى اجراء الانتخابات النيابية؟
- الجميع ظنوا ان عمر كرامي لن يستقيل وانه سيبقى فشة خلق للجميع، لكنهم اخطأوا في حساباتهم وتقديراتهم، المعارضة والموالاة على السواء كانوا يريدون مني البقاء من اجل الوصول الى البرلمان على ظهري لذلك راحوا كلهم يقيمون دعايتهم الانتخابية على حسابي وبعضهم اخذ يتصرف وكأنني المسؤول الوحيد عن الجريمة التي اودت بحياة الرئيس الحريري، اضافة الى ان البعض الآخر حاول ان يحملني دم الشهيد وهذا ما ارفضه وعبرت عن رفضي بتقديم الاستقالة امام النواب.
لكن الموالاة لم تتصرف كما تصرفت المعارضة؟
- الجميع كان يعمل دعاية انتخابية على ظهري، حتى ان الموالاة التي كانت اعطتني الثقة في الماضي ووعدت بمنحها من جديد لم توفرني من حملاتها، ولم تر امامها سوى عمر كرامي كأنه هو المسؤول الوحيد، مع انني لم يسبق لي وتهربت من تحمل المسؤولية.
لماذا تصرفت المعارضة معك بهذا الاسلوب؟
- عليك ان تتوجه بالسؤال الى المعارضة، لكن اود القول ان احداً لا يريد ان يسمع، قلنا لهم يا اخوان هناك انقسام في البلد فردوا علينا بأننا نشكك في ما نقوله، قلنا لهم نحن مع الحوار فأداروا لنا ظهورهم.
وماذا عن القرار الرقم 1559 وتطبيقه؟
- قلت في السابق اننا لا نريد الدخول في مواجهة مع المجتمع الدولي، لكن هناك صعوبة في تطبيقه، خصوصاً ان فيه الكثير من الانتقائية. لنقل اننا طبقنا البند الاول المتعلق بانسحاب الجيش السوري، فيا ترى ما السبيل الى تطبيق البنود الاخرى، يجيبون علينا بأن الجيش اللبناني يتولى تطبيقها، لا أحد يقول في الوقت الحاضر ان الجيش ليس وطنياً ولا يلتزم بقرار السلطة السياسية، نعم الجيش صلب ومتماسك وقد صرفنا من اجل اعادة توحيده وتجهيزه الكثير من المال، لكن من يضمن وحدته اذا كان سيطلب منه لاحقاً جمع سلاح المقاومة... يا اخوان انا حذرت من وجود صعوبة في تطبيق القرار الرقم 1559 لأنني اعود الى ما حصل في عام 1976 عندما كان شقيقي الشهيد رشيد كرامي رئيساً للحكومة. لقد حذر آنذاك من خطورة انقسام الجيش فقالوا له ابداً انك تبالغ. لكن الجيش انقسم ولا داعي للتذكير بما حل بالبلد بعد انقسامه.
اليوم يشكل المسلمون سبعين في المئة من تعداد الجيش، و36 في المئة هم من الشيعة فهل سيقاتل"حزب الله"، اذا لم يكن من تفاهم مع الحزب حول تسليم سلاحه، فكيف ستطلب منه الاستجابة في الوقت الذي ما زال المستهدف الاول من الولايات المتحدة الاميركية، واسرائيل التي حملته اخيراً مسؤولية التفجير الذي حصل في تل أبيب، فالحزب هو جزء اساس في الحياة السياسية فكيف يطلب منا ضربه او نزع سلاح ومن يقدم على مثل هذه الخطوة في ظل الظروف الراهنة والتهديدات التي توجه له.
هل ابلغك"حزب الله"منح الحكومة الثقة؟
- نعم، الحزب بلّغني انه يريد ان يعطي الحكومة الثقة.
تردد انه كان مع استقالة الحكومة لتفادي المأزق في البلد؟
- هذا غير صحيح، وقيادة الحزب تتخوف مثلما انا اتخوف من الهروب الى الأمام وجر البلد الى الفوضى، خصوصاً ان المعارضة لم تقل حتى الساعة ماذا تريد.
لكن أليس من مبالغة في كلامك عن القرار الرقم 1559؟
- ابداً... المعارضة اخذت تخطط لتحييد كل شيء في البلد بغية التفرغ لخوض معركة ضد سورية، ظناً منها انها تستطيع التخلص من عقبة اساسية وبعدها تعود الى ازالة كل العقبات من"حزب الله"الى موقفها من الجيش اللبناني، الذي هو جيش وطني من غير الجائز لأحد استخدامه لا سيما من المعارضة لأغراض تثير مشكلة في البلد، علماً ان قيادة الجيش ليست في هذا الوارد.
هل من كلمة للبنانيين؟
- كنت قلت في كتاب الاستقالة، حفظ الله لبنان، وهذه العبارة بالذات تعبر عن كل مشاعرنا ومخاوفنا من كل ما نقوله للناس، الذين عليهم ان يعوا المخاطر وان لا ينجروا وراء الغرائز والعواطف، اما اذا كان السؤال الى أين يأخذون البلد، فلا أعرف وأتمنى الى الطريق الصحيح.
هل الانقسام في البلد يقلقك الى هذا الحد؟
- من راقب النواب في الجلسة، اكتشف كيف ان المجلس منقسم على نفسه، وتحديداً من خلال الشالات التي لف فيها نواب المعارضة اعناقهم، اضافة الى ان فريقاً كان ينشد النشيد الوطني وآخر بقي صامتاً، انه مشهد مؤثر عندما لا ينشد الجميع نشيد بلدهم. هل تريد انقساماً اكثر من ذلك.
أين أصبح التحقيق؟
- أنا من جهتي رفضت ان اتطرق الى شيء يمكن ان يؤثر في سير التحقيق، اما البعض فلا يريد ان يفهم، وانني اتعجب كيف ان الشيخ مخايل الضاهر وهو العريق في القانون والدستور لا يعرف ان التحقيق سري، ومن حق المحققين ان يتابعوا كل دليل او شائعة او خبرية وهذا من واجبهم على رغم انها قد لا توفر لهم معطيات جديدة. فمن واجبهم التدقيق في كل شيء علهم يتوصلون من خلال ذلك الى وضع اليد على معطيات جديدة. وهذا ما يفسر مبادرة وزير العدل عدنان عضوم الى الحديث عن الشريط الذي بثته محطة"الجزيرة"وادعت انه شخص من آل ابو عدس يقف وراء الجريمة، ومن ثم عن قضية الحجاج اللبنانيين بعد ان سرّبت بعض الاجهزة التي لا علاقة لها بالتحقيق معلومات عن الموضوع.
من هي هذه الاجهزة؟
- قلت لك لا اريد الدخول في سير التحقيق وأترك الامر للجهات المختصة لا سيما بعد بدء فريق الاستقصاء الدولي مهمته في بيروت بالتعاون مع السلطة اللبنانية... فليس هناك بلد في العالم يتناول أي تحقيق سري، وعندما حصلت الهجمات في 11 ايلول سبتمبر 2001 في نيويورك وواشنطن، فإن لجنة التحقيق توصلت الى نتائج بعد مضي سنة على الهجمات ومسؤول الاستخبارات المركزية اقيل بعد سنتين، وهذا ما كنت سأقوله في ردي على النواب قبل ان احزم امري وأقرر الاستقالة.
لكن ماذا عن التقصير في مسح مسرح الجريمة؟
- ان ما تقوله صحيح، وأنت تقصد الجثة التي اكتشفت بعد مرور ثمانية ايام على الجريمة، ان السبب يعود الى ان القضاء وفور وقوع الجريمة منع اجراء أي تغيير في مسرح الجريمة وطلب من الاجهزة الامنية ان تترك كل شيء على حاله خوفاً من ان تضيع المعالم، ولو انهم انتشلوا الجثة لكان بادر البعض الى توجيه اتهامات تحت عنوان وجود نية لتغطية معالم الجريمة. ولا تستغرب بعد ان ينتهي التحقيق ان تقوم الجرافات في ازالة الانقاض وقد تجد في هذه الاثناء جثة ابن الغلاييني، موجودة تحت الركام... على كل حال شكل وزير الداخلية لجنة تحقيق اعتقد انها برئاسة ضابط أظن انه العميد اشرف ريفي أوكل اليها مباشرة التحقيق من اجل تحميل المسؤولية للجهات المقصرة، خصوصاً بالنسبة الى مقتل شاب من آل ابو رجيلي زاهي.
لماذا أنت متشائم؟
- بالنا مشغول مثل أي مواطن عادي في البلد لأننا في النتيجة مواطنون وفي الوقت نفسه مسؤولون في السياسة، اكنا في الحكم او في خارجه خصوصاً اننا نمثل تياراً في البلد، اما اذا كان الجواب على سؤالك الى اين نحن ذاهبون، فما عليك الا ان تتوجه به الى المعارضة والى الموفد الاميركي ساترفيلد الذي امضى معهم اياماً لا اعرف ماذا يخططون لكن ما اعرفه عن نفسي هو ان البلد يجتاز مرحلة دقيقة وآمل ان اكون على خطأ في تقديري ويسلم لبنان.
قد يقال ان عمر كرامي لا يريد ان يتحمل المسؤولية؟
- انا لا اتهرب من تحمل المسؤولية سواء كنت في رئاسة الحكومة ام في خارجها، لكن هل في مقدور عمر كرامي ان يحمل دم الشهيد الحريري، انا فيي احمل كل شيء الا دمه، على رغم ان الجميع يريد ان يحيّد نفسه ويترك الاتهامات والشتائم موجهة ضدي.
لماذا لم تذهب الى بعبدا وتقدم استقالتك لرئيس الجمهورية؟
- فضّلت ان اعلن استقالتي من منبر المجلس النيابي حتى لا يقال ان عمر كرامي خائف من مواجهة المعارضة، وقد طلبت الكلام لأوفر على بعض النواب الحكي... انا اكثر ما تأثرت"وزعلت"من كلام بهية الحريري والبقية لا قيمة لها عندي.
هل ستحصل الانتخابات في موعدها؟
- من وجهة نظري لا اظن، وأتمنى ان اكون على خطأ في حساباتي، فالموضوع قانوني وليس سياسياً، ولا يستطيع المجلس النيابي التشريع في غياب الحكومة، فالسؤال كيف سينجز قانون الانتخاب الذي ما زال يدرس في اللجان النيابية المشتركة، لا سيما ان الحكومة محكومة بمهل قانونية من غير الممكن القفز من فوقها.
هل تظن ان البلد ذاهب الى حكومة تصريف اعمال؟
- اذا شكلت حكومة جديدة، يعني ان الامور ماشية لكن ما اراه ان هناك صعوبة في تأليفها وقد يكون البديل الاستمرار في تصريف الاعمال.
يعني طويلة؟
- انا ما شايف الا هيك، وأتمنى الخروج من الفراغ، وربما اليوم قبل الغد، لكن الحل ليس عندي وعليك بسؤال المعارضة التي تصرفت وكأن لا ازمة في البلد وان ما نقوله هو من باب التهويل، ولعل الاستقالة تكون المدخل الى تسوية ما لا أعرف طبيعتها.
ما هو الموقف السوري من تشكيل الحكومة الجديدة؟
- لا أعرف، وكنت قلت لك انني قدمت استقالتي من دون ان اضع دمشق في الصورة، لكن ما بلغني من نواب ووزراء ان المسؤولين السوريين يعتبرون ان ما حدث هو شأن داخلي وان لا علاقة لهم بكل ما حصل، وبالتالي لن يتدخلوا في مسألة التأليف.
هل يمكن تشكيل حكومة من دون جهد سوري؟
- انا اقول لك حرفياً ما سمعته عن لسان وزراء ونواب وهناك ساترفيلد يمكن ان يساعد على تذليل العقبات ويرعى تشكيل حكومة جديدة قد يكون طبخها مع الذين التقاهم طوال اقامته المديدة في بيروت.
يعني انك تقصد بأن الحل موجود؟
- كنت قلت لك ان المعارضة تنفي وجود أي ازمة وأخذت تتصرف على ان كل الامور محلول، فلا اعرف من اين توصلت الى هذه النتيجة، وقد يكون لدى ساترفيلد الجواب.
وفي نهاية الحديث مع كرامي دخلت الوزيرة وفاء الضيقة حمزة، التي توجهت اليه بالكلام:"لا اعرف ماذا اقول لك يا دولة الرئيس، هل اتقدم منك بالتهنئة لاستقالتك لأنك في حاجة الى الراحة بعد كل هذه الاتهامات والحملات التي تعرضت لها، خصوصاً ان بين النواب من المتكلمين في الجلسة حملوك كل شيء بما فيها امور اساسية حصلت عندما كنت في خارج الحكم". فرد كرامي:"وزراء كثيرون تقدموا مني بالتهنئة على الخطوة التي قمت بها، وكانوا الى جانبي في تقديم الاستقالة، لكن بالي مشغول على البلد لأن الراحة الشخصية لا تعنيني شيئاً طالما ان بلدي غير مرتاح وأملي كبير ان نجتاز هذا القطوع... والله ولي التوفيق".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.