بعد اقل من يومين على ما نشرته"الحياة"الثلثاء الماضي حول النفوذ المتزايد للجماعات المتشددة في الجامعات العراقية، كان طلبة جامعة البصرة يتظاهرون في رد فعل غاضب على الاعتداءات التي تعرض لها طلبة كلية الهندسة في الجامعة على يد مجموعة من المتشددين خلال سفرة ترويحية قام بها"مهندسو المستقبل"الى"حديقة الاندلس"المعروفة كمكان عام للتنزه والاستراحة. وصف الطلاب اعضاء تلك الجماعات بأنهم"أسوأ من عصابات صدام حسين، ضربوا زملاءنا وزميلاتنا بالعصي والأسلاك الكهربائية معتبرين الخروج الى المنتزه مخالفاً للشريعة الإسلامية". الشهود اكدوا ان خمسة عشر طالباً وطالبة أصيبوا ونقلوا الى"مستشفى الموانئ"بعد ان دخلت على"المتنزهين"مجموعة من الشباب يتقدمها رجل دين وانهالت عليهم ضرباً مبرحاً متهمة اياهم بارتكاب"المعاصي المخالفة للشريعة"وقد"تمزقت ملابس الطالبات والطلبة على اجسادهم من شدة الضرب". اللافت هو في اعتراف من شارك في ضرب الطلبة الذي لم ينج منه الاساتذة واستولى على كاميراتهم وهواتفهم النقالة وظهر احدهم في قناة تلفزيون تبث في العراق"مباركاً الدفاع عن الأخلاق ومتوعداً بالمزيد من العقاب". احتجاج الطلبة واجهته السلطات في البصرة بتحميل المسؤولية للطلبة"فهم لم يكونوا موفقين في توقيت نزهتهم"كما قال رئيس مجلس محافظة البصرة داعيا المحتجين الى التهدئة. وموقف السلطات المحلية لم يكن مفاجئاً للطلبة، فهي تتصل فكرياً بمنهج المجموعات المتشددة، وكانت فرضت نفوذها اعتماداً على بث قيم"تكفير"من يعارضها الرأي. سامر عبدالحميد الدفار وهو شقيق احد الطلبة الذين تعرضوا للضرب اتهم افراداً من"مكتب الصدر في البصرة"بالمسؤولية عن الاعتداء، وأبلغ"الحياة"ان قيادات في المحافظة"تسترت على المعتدين ومنعت الصحافيين من تصوير تظاهرات الطلبة الاحتجاجية". پملف التدخل القسري للجماعات المتشددة في المدارس والمعاهد والجامعات تصاعد بعد ان"اظهرت الانتخابات صعوداً بارزاً للأحزاب الشيعية السياسية". وروت الاستاذة أميرة وهي من محافظة الحلة وقائع عن نفوذ الجماعات المتشددة في مدينتها فقالت:"بالامس كنت اقرأ كلمة الخميس وتحية العلم العراقي. بدأت كلمتي ببيت شعر لابن الرومي:"ولي وطن آليت الا ابيعه/ والا ارى غيري له الدهر مالكاً". فحضرت مديرة المدرسة الى وسط الساحة على الفور وطلبت من التلاميذ عدم ترديد شعار"عاش العراق - عاش الوطن"والاكتفاء فقط"السلام عليكم". وتستطرد أميرة قائلة:"سالت دموعي بعد تلك الصدمة واذا بالتلامذة يصفقون". وفي سياق ما وصفته ب"مظاهر التعليمات الجديدة للجمعية الوطنية المنتخبة"قالت اميرة:"حضرت مجموعة من"قوات بدر"ترتدي الملابس السود الى المعهد الفني في منطقة ابو غرق، وأبلغت طلبة المعهد ضرورة ارتداء الملابس السود مدة شهرين والتهديد بالفصل من المعهد في حال مخالفة الأمر، فيما اكتفى مدير المعهد بالصمت فل احول ولا قوة للرجل". طلبة كلية الفنون الجميلة في جامعة بابل منعوا من ممارسة النشاطات الفنية والتطبيقات الاكاديمية في فنون الرسم والمسرح فيما توجهت اليهم المجموعات المتشددة ذاتها بالقول:"سنمارس عليكم مبدأ الامر بالمعروف والنهي عن المنكر". وتتابع أميرة:"تعرضت للتهديد مرات عدة من بعض زميلاتي المعلمات ممن يحضرن اجتماعات في احد الجوامع تديرها امراة قادمة من ايران، وتم تحذيري من المساس بأي رجل دين او اخذ رأي التلامذة في مسائل تخصهم".