طرأ تطوران بارزان على انتفاضة الطلاب الإيرانيين أمس: ظهور عناصر من "حزب الله" بأسلحتهم وهم ينظمون السير في الشوارع المؤدية إلى وسط طهران. وإقفال المحلات التجارية في البازار. وعمت الاشتباكات بين الشرطة والحرس الثوري، من جهة، والطلاب. وحوّل وصول المتظاهرون جامع جامعة طهران إلى "مستشفى ميداني" لإسعاف زملائهم. عمت الاشتباكات الشوارع المحيطة بالبازار، وتصدت قوات الأمن والمتشددون من أنصار "حزب الله" والحرس الثوري للطلاب المتظاهرين. وأصدر محافظ طهران قراراً بمنع التظاهر والتجمع، لكن عشرات الآلاف من الطلاب تحدوا القرار ونظموا مسيرات عدة في العاصمة وفي مدن المحافظات الأخرى. ودعا المحافظون أنصارهم إلى التظاهر اليوم لتأكيد سلطتهم. واصيب في الاشتباكات عشرات المتظاهرين الذين اعتدت عليهم الشرطة والحرس الثوري بالهراوات، واطلق رجال الحرس الثوري باسدران النار في الهواء لتفريق الطلاب. واقفل التجار محلاتهم وسط العاصمة وشوهد أنصار "حزب الله" المسلحون بأسلحة أوتوماتيكية ينظمون السير في الشوارع المؤدية إلى البازار، حيث كسر المتظاهرون نوافذ فرعين لمصرف تابع للدولة، وأشعلوا النار في حافلة صغيرة، وأحرقوا إطارات سيارات، وحاولوا الهجوم على مكاتب صحيفة "كيهان" المحافظة. وقال شهود إن حوالى عشرة آلاف من الطلاب المؤيدين للديموقراطية اشتبكوا مع شرطة مكافحة الشغب وسط طهران في تحد للحظر الذي فرضته الحكومة على جميع المسيرات والتجمعات غير المصرح بها. وهتف الطلاب خارج بوابات جامعة طهران التي شهدت أسوأ اضطرابات منذ تظاهرات الثورة في 1979: "لا نريد حكومة قمعية... لا نريد شرطة من المرتزقة". وعلا صوت تظاهرات سكان طهران على اصوات الطلاب المحتجين ورددت الحشود: "نحن مع الطلاب... الإيرانيون يموتون ولا يقبلون الاذلال". كما رددت الحشود هتاف: "اخوتنا في الجيش لماذا تقتلون اشقاءكم"، وهو هتاف تردد كثيراً خلال ثورة 1979 التي اطاحت الشاه. وناشدت جماهير المتظاهرين من سكان طهران الشرطة عدم التدخل لتفريقهم. ووقفت الشرطة في البداية بعيداً لكنها تحركت مستخدمة الهراوات ضدهم. وقال شهود إن رجال شرطة مكافحة الشغب ضربت وركلت الطلاب المطالبين بالديموقراطية الذين ردوا بالحجارة. وحلقت طائرات الهليكوبتر التابعة للشرطة لليوم السادس من الاحتجاجات الطلابية التي انضم اليها آلاف من سكان طهران. وذكر شهود ان اشتباكات أمس الثلثاء كانت الاعنف على مدار ستة أيام من الاضطرابات، وان رجال الشرطة اقتادوا نحو عشرة من الطلاب خلف صفوفهم واوسعوهم ضرباً واعتقلوا آخرين. واعادت الاذاعة والتلفزيون يسيطر عليهما المحافظون بث خطاب لآية الله علي خامنئي ألقى فيه مسؤولية الاضطرابات على "أعداء" من الخارج على رأسهم الولاياتالمتحدة. وشجبت صحيفة محافظة الطلاب لمحاولتهم إطاحة النظام الاسلامي. ونشرت صحيفة "الجمهورية الاسلامية" في افتتاحيتها "ما من شك ان هذا الاحتجاج ليس منطقياً ولا يهدف إلى تأمين الحريات لأن له كل مواصفات حركة تستهدف إطاحة النظام المقدس للجمهورية الاسلامية". وأجلت سيارات الاسعاف نحو 50 متظاهراً مصاباً منهم 20 متظاهرة، عانى معظمهم من آثار ضرب واستنشاق الغاز المسيل للدموع. ويبدو ان الشرطة سمحت لباقي الطلاب بمرور آمن إلى خارج الحرم الجامعي. وأصدر محافظ طهران حظراً على التظاهرات، وجاء في بيان صادر عن مكتبه وأذاعته وكالة أنباء الجمهورية الاسلامية: "لن يصدر إذن لأي جماعة او منظمة لتنظيم اجتماع حاشد أو مسيرة احتجاج وأي مسيرة ستكون غير مشروعة". وأضاف البيان: "نظراً إلى المخالفات التي ارتكبتها عناصر مشبوهة وسببت اضطرابات وازعاجاً لسكان طهران، فقد صدر الأمر الى الشرطة وقوات الأمن بمنع أي اجتماعات حاشدة أو مسيرات احتجاج واعتقال المخالفين وتقديمهم الى القضاء". من جهتهم، تحرك المحافظون لتأكيد سلطتهم، فبادرت المنظمات السياسية والدينية المحافظة التي أخذتها الاضطرابات على حين غرة، إلى اصدار بيانات مؤيدة لموقف خامنئي من الأزمة. وأعادت الاذاعة الايرانية اذاعة بيان ل"منظمة الدعوة"، وهي جهاز الدعاية الرئيسي في الجمهورية الإسلامية، دعت فيه إلى تنظيم تظاهرات حاشدة اليوم الأربعاء مناهضة لتظاهرات الطلاب. وأصدرت مدرسة الشريعة في قم، التي يهيمن عليها رجال دين محافظون، بياناً حذر من الجهود التي يبذلها "العدو" لتضليل البلاد. وساعد المتشددون من أعضاء جماعة "أنصار حزب الله" المسلحون بالهراوات والقضبان الحديد الشرطة في السيطرة على المنطقة المحيطة بالمجمع السكني لطلاب الجامعة. وفر الطلاب عائدين إلى داخل المجمع السكني أو احتموا بالمنازل القريبة. واعتقل العشرات منهم. ونظم متشددون يركبون دراجات نارية أو شاحنات دوريات في الشوارع القريبة من جامعة طهران. وقال أحد المصورين: "يمكن للمرء أن يشم رائحة البارود في كل مكان". وأضاف: "كل شيء يحترق... والشرطة في كل مكان". وقال أحد الجرحى في مسجد الجامعة الذي حوله الطلاب إلى "مستشفى ميداني": "هاجمتنا الشرطة بالهراوات". وأضاف: "فر اخوتنا إلى الشوارع الجانبية ومن هناك تعرضوا للهجوم في اجراء منسق لفرق مكافحة الشغب بالتنسيق التام مع أنصار حزب الله". ودعا الرئيس الإيراني الاثنين إلى نهاية سلمية للاحتجاجات. وقال خاتمي خلال اجتماعه مع مسؤولي وزارة التعليم: "جموع الطلاب أبدت ضبطاً للنفس وحالت دون تحول التظاهرات إلى قضية قومية صعبة وطرحوا مطالبهم بصورة منطقية. الآن على الطلاب التعاون مع الحكومة والسماح بإقرار النظام والأمن في المجتمع". على الصعيد نفسه، أعلنت الاذاعة الإيرانية أمس ان الطلاب المتظاهرين خربوا منشآت داخل جامعة طهران وأضرموا النار في المنبر الذي يعتليه عادة أحد كبار رجال الدين ليؤم المصلين كل جمعة. والمعروف ان خطبة الجمعة في جامعة طهران مناسبة يلقي خلالها أحد كبار رجال الدين في النظام خطبة يتطرق فيها إلى مختلف الشؤون الداخلية والدولية. وأوضحت الاذاعة أيضاً ان مجموعات من المتظاهرين أحدثت أضراراً كبيرة في منشآت حكومية، خصوصاً في مصارف في الشوارع المحيطة بالجامعة في طهران.